هناك عبارة شهيرة للسياسي المعروف تشي جيفارا مفادها: «يقولون الظروف أقوى.. وأنا أقول الإصرار والتصميم أقوى»!
نعم، الإرادة هي ما يدفعك إلى الخطوة الأولى على طريق الكفاح، والعزيمة هي ما تبقيك على هذا الطريق حتى النهاية، بمعنى آخر توقع العقبات، لكن لا تسمح لها بمنعك من التقدم!!
تلك هي فلسفة سيدة الأعمال شيخة عبدالله الصديقي، صاحبة أول ستوديو للتصوير من نوعه في البحرين، ووكالة شهيرة للتسويق الرقمي يمتد عمرها إلى تسع سنوات، تمتلك خبرة واسعة في التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية والإنتاج السينمائي والتصوير الفوتوغرافي، هذا فضلا عن حصولها على عدة شهادات احترافية في مجال الطيران والملاحة الجوية الذي تركت فيه بصمتها الخاصة أثناء عملها كمساعد مراقب الحركة الجوية في هيئة شؤون الطيران المدني بالمملكة.
ومع تعدد خبراتها ومواهبها ومهاراتها، إلا أنها برعت في رسم خارطة طريق لتحقيق طموحاتها وأحلامها مكنتها من بلوغ أهدافها، لتخط مسيرة حافلة بالكفاح والنجاح أهلتها لأن تحتل مكانا بارزا في عالم سيدات الأعمال.
الرحلة كانت طويلة وعسيرة، ولكنها ممتعة ومثمرة، لذلك استحقت أن نتوقف عند أهم محطاتها في الحوار التالي:
حدثينا عن طفولتك.
- لقد كنت طفلة متعددة الاهتمامات والمواهب والملكات، أهوى الفن والرياضة والأدب وفن الخطابة وغيرها من الهوايات، عاشقة للابتكار في أي شيء، أحمل الكثير من الطموح نحو المستقبل، وقد التحقت في صغري بالمدرسة الهندية الأمر الذي أسهم في إتقاني اللغة الإنجليزية بدرجة كبيرة، أما حلمي منذ نعومة أظافري فكان أن أصبح مبدعة في أي مجال في المستقبل.
ما ملامح خارطة الطريق لمستقبلك؟
- لقد قررت دراسة مجال الطيران بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة، وبالفعل سافرت إلى دبي لتحقيق هذا الطموح، أي قبل التحاقي بالجامعة ودراسة تخصص إدارة الأعمال، كما ذهبت إلى باريس لدراسة فن الأزياء في نفس الفترة، ولكني لم أفضل الاستمرار في هذا المجال نظرا إلى ضرورة توفر أساسيات معينة للنجاح فيه وفي مقدمتها وجود رأس مال كبير، لذلك قررت التركيز على دراسة البيزنس والتسويق والتعمق فيهما حيث وجدت نفسي في ذلك.
ما سر جاذبيتك لمجال الطيران؟
- ما شدني لمجال الطيران ودراسته والعمل به هو أنه يحقق دخلا ماديا عاليا، كما أنه من المهن التي يتمتع صاحبها بمستقبل مرموق، وبالفعل عملت في هذا القطاع بعد حصولي على الشهادة المتخصصة من إمارة دبي، ولا شك أنني استمتعت كثيرا بهذا العمل رغم الضغوط النفسية الكبيرة التي يقع تحتها أي موظف في هذه المهنة وذلك لمسؤوليته عن أرواح الناس، ولأن أي خطأ قد يرتكبه تكون عواقبه مميتة في أغلب الأحيان، وبالطبع كان أكبر تحد بالنسبة إلي أن أعمل وسط غالبية من الرجال.
ماذا تعلمتِ من تجربتك في مجال الطيران؟
- عملي في هذا المجال علمني الجدية والانضباط والتركيز إلى أقصى الدرجات، وبرغم استمتاعي بهذا العمل وبأداء مسؤولياته بكفاءة وبشهادة الجميع إلا أنني شعرت بأن التقدم أو التطور المهني به بطيء نسبيا، ولأن طموحي كان حينئذ أكبر مما حققته بكثير، فقد قررت ترك وظيفتي وإطلاق مشروعي الخاص مع شريكي.
أصعب فترة؟
- يمكن القول إن أصعب الفترات التي مرت بي كانت أثناء الجمع بين دراستي الجامعية ووظيفتي في الطيران المدني ومشروعي الخاص والذي هو عبارة عن وكالة للتسويق الرقمي يمتد عمرها إلى حوالي تسع سنوات، وكان ذلك تحديا كبيرا خاصة مع صغر سني، ولكن بالإرادة والمثابرة بدأت من الصفر، وكافحت، وتغلبت على كل الصعوبات وحققت طموحي في هذا المجال.
إلى أين وصل المشروع بعد تسع سنوات؟
- بعد مرور حوالي تسع سنوات على وجود مشروعي بالسوق يمكن القول إنني حققت الكثير من الأهداف، حتى تركنا أنا وشريكي الذي يمثل أكبر داعم لي علامة بارزة في وسط المنافسين، إلى جانب جهود فريق عملي المتميز، والذي أسعى دوما لتطويره، ولإشراكه في أي قرار يخص الشركة، وكم أنا فخورة بأننا نتعامل اليوم مع كبار الشركات والمؤسسات، وما يميزنا حقا وبشهادة الجميع هو مواكبة التكنولوجيا الحديثة بصورة لافتة ومبهرة حيث يرى البعض أننا بدأنا من حيث انتهى إليه الآخرون في هذا الصدد.
أسس القيادة الناجحة؟
- علمتني تجربتي العملية ضرورة التحلي بالقوة والثبات الانفعالي عند مواجهة أي عثرات أو صعوبات سواء على الصعيد العملي أو الإنساني وما أكثرها عبر مشواري، واللجوء إلى الحلول المنطقية بعيدا عن العاطفة، وهذا ما تعلمته خلال فترة عملي في مجال الطيران، أن أفصل كل مشكلة عن الأخرى وأركز في البحث عن سبل تذليلها وتوفير البدائل بحسب الأولوية، انطلاقا من قناعتي بأن الإنسان إذا لم يستطع إدارة حياته فلن يتمكن كذلك من تدبير أمور الآخرين وتقديم خدماته المطلوبة لهم، هذا إلى جانب أمر مهم آخر وهو انتهاج سياسة روح الفريق الواحد وإشراك جميع أفراده عند اتخاذ أي قرار أو رسم أي خطة وكذلك عند مواجهة أي تحدٍ.
كيف يمكن تحقيق الانسجام بين فريق العمل الواحد؟
- لا شك أن القائد الناجح يجب أن يتحلى بالعديد من الصفات والمواهب التي تحقق الانسجام بينه وبين فريق عمله، وكذلك فيما بين أفراده، وأهمها هو أن يتمتع برؤية محددة وشاملة لمشروعه، ويقوم بشرحها وترجمتها لفريقه، وأن يسعى دوما إلى تطوير مهارات كل العاملين معه، ويحرص على التواصل المستمر معهم، فضلا عن ضرورة تحليه بمشاعر إيجابية طوال الوقت حتى في أصعب الظروف والمراحل.
ما هو سلاحك لتجاوز أي مشكلة على الصعيد الإنساني؟
- من خلال خبراتي الحياتية المتراكمة توصلت إلى أمر في غاية الأهمية وهو عدم التوقف عند أي مشكلة أو التأثر بها أكثر من يوم واحد فقط، يمكنني من خلاله التعبير عن أي مشاعر للغضب أو الحزن أو حتى البكاء إذا لزم الأمر، المهم ألا يستغرق ذلك مني سوى ساعات محدودة، وذلك بهدف مواصلة المسيرة وعدم السماح لأي عثرات أن تثنيني عن تحقيق أهدافي أو إنجازاتي وهذه هي نصيحتي لأي إنسان.
ما نصيحتك لأي صاحب عمل مقدم على العمل الحر؟
- أنا أنصح أي شخص مقدم على إطلاق مشروعه الخاص أن يسأل نفسه وبصدق حين يقرر خوض هذه التجربة عما إذا كان يرى نفسه في هذا المشروع الذي اختاره على المدى البعيد أم لا، وإذا كانت الإجابة بالنفي فعليه أن يتخلى عن فكرته وسريعا، ويبحث عن البديل الذي يضمن استمراره ومواصلته بالعطاء في المجال الذي اختاره، والشيء الآخر المهم هو عدم الاستسلام لأي مشاكل أو صعوبات قد تواجهه لأن ذلك يؤدي به إلى السقوط بل السعي نحو التغلب عليها وتجاوزها، والاعتماد على نفسه تماما وعدم انتظار المساعدة أو الدعم من الآخرين.
كيف يمكن مواجهة المشاعر السلبية؟
- على المرء أن يقاوم أي مشاعر سلبية يصدرها له مخه والذي يصبح أحيانا عدوا لدودا له، لذلك لا بد من محاربته ومصارعته أو كما يقال بلغة العصر تهكيره وذلك من أجل البقاء، ومواصلة العطاء، كما أنني أنصح أصحاب الأعمال الشباب بالتعلم واكتساب الخبرة العملية مبكرا أي في سن صغير، وعدم الانتظار حتى التخرج في الجامعة، وهذا ما حدث معي عمليا، واليوم وبعد أن قضيت سنوات في موقعي من وراء الكواليس أشعر بأنه قد آن الأوان كي أتصدر الواجهة.
حلمك المستقبلي؟
- لا شك أن الأحلام والطموحات لا تتوقف طالما حيينا، ولله الحمد قد حققت حلمي في امتلاك أول ستوديو تصوير من نوعه في البحرين، ونفذت من خلاله الكثير من الأفلام الوثائقية القصيرة والدعائية على أيدي كوادر متخصصة ماهرة، وأتمنى التوسع في هذا المجال بهدف تقديم الصورة الصحيحة والواقعية لنا أمام العالم، إلى جانب الترويج لثقافتنا ومقوماتنا السياحية، وذلك عبر هذا النشاط الذي أركز عليه في المرحلة الحالية على غرار ما فعلته غيرنا من الدول، وفي مقدمتهم أمريكا، كما أخطط أيضا للتوسع المستقبلي خارج البحرين في هذا الشأن.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك