شهد العام الحالي الكثير من التحديات في سوق النفط، على غرار الأسعار التي تقلبت، وعوامل الإنتاج مثل عمليات الخفض التي تنفذها «أوبك+» للحفاظ على استقرار السوق، في وقت يتزايد المعروض من الدول خارج التحالف، وسط توقعات بتقلص الطلب العام المقبل. هذه التحديات لن تكون مقتصرة على العام الحالي، إذ من المتوقع أن تتواصل خلال العام المقبل، وسط أسئلة ملحة تلوح في الأفق من بينها: هل ستنجح «أوبك+» في موازنة الأسواق في العام الجديد؟ وهل سيمثّل النفط الصخري تهديداً جديداً كما حدث منذ 10 سنوات؟ وماذا عن البيت الداخلي للمنظمة بعد انسحاب أنغولا منها؟، حاولت «الشرق» الإجابة عنها في حلقة خاصة، حملت عنوان :«النفط.. عام التقلبات» .البيت الداخلي بشأن خروج أنغولا من المنظمة، رأى فيكتور كاتونا رئيس محللي النفط في «كبلر» (Kpler) أن أنغولا لم يكن عليها المغادرة، خصوصاً أن حصتها لم تكن سيئة، إذ تنتج تقريباً الكمية التي تم الاتفاق عليها من الأساس. ومن المقرر أن تضخ أنغولا، ثاني أكبر منتج للنفط الخام في إفريقيا، 1.18 مليون برميل يومياً بدءاً من يناير، وهو ما يزيد عن الحصة المنصوص عليها في اتفاق «أوبك+»، والبالغة 1.11 مليون برميل يومياً. كاتونا أشار إلى أن تحالف «أوبك + ما زال قوياً بفضل تحركات السعودية»، مشيراً إلى أن دول التحالف ستستمر بإنتاج نفس الكمية الحالية، و«لن يكون هناك تغييرات كبيرة مع خروج أنغولا». ولكن على الجانب الآخر، ستبدأ الولايات المتحدة والبرازيل وغيانا بضخ المزيد من النفط في الأسواق، ما يعني أن قوة «أوبك+» هي بـ«استراتيجيتها طويلة المدى لا القصيرة». من جهته، اعتبر مدير مركز معلومات ودراسات الطاقة مصطفى البزركان، أن انسحاب أنغولا «ليس مفاجئاً» بالنسبة لمنظمة «أوبك»، التي شهدت انسحابات سابقة، مشيراً إلى أن المنظمة لديها سياسة مراقبة للأسواق، في حين أن الأخيرة بدأت تستوعب أخيراً سياسة التحالف بشأن الإنتاج. ديناميكيات السوق والأسعار تبدي منظمة «أوبك» تفاؤلاً «حذراً» بشأن العوامل التي تؤثر في ديناميكيات سوق النفط في عام 2024. فاستناداً إلى تقرير المنظمة الأخير، أبقت على توقعات نمو الطلب والمعروض النفطي من خارجها للعام المقبل دون تغيير عن تقريرها السابق في نوفمبر. وأبقت المنظمة تقديرات نمو الطلب على النفط للعام المقبل عند متوسط 2.2 مليون برميل يومياً، وللعام الحالي عند 2.5 مليون برميل يومياً كمعدل وسطي. كما أبقى التقرير توقعات نمو المعروض النفطي من خارج المنظمة عند متوسط 1.8 و1.4 مليون برميل يومياً للعامين الحالي والمقبل على التوالي، مشيراً إلى نحو 70% من النمو لهذا العام سيأتي من الولايات المتحدة. بشأن الأسعار والطلب، اعتبر كاتونا أن توقعات وكالة الطاقة الدولية للطلب في 2024 «متدنية دون اللازم، وهذا متعمد». ولا يعتقد رئيس محللي النفط في «كبلر» أن الطلب سيكون كما هو في 2023، بالتالي خالف توقعات «أوبك+» أيضاً. وأضاف: «باعتقادي أن 2024 ستكون أضعف من 2023، ولكن ستكون أسعار النفط على ما يرام، فخلال أغلب النصف الأول، سيتراوح سعر برنت بين 75 و80 دولاراً للبرميل». وبشأن الطلب من الصين، اعتبر كاتونا أنه ينمو بشكل بسيط، وهناك زيادات بسيطة في الطلب، ولكن لا نتوقع أن تكون الصين «نجمة في 2024، خصوصاً أن هناك تباطؤاً في الاقتصاد الصيني، ويحاولون قصارى جهدهم» إنعاش الاقتصاد. على جانب آخر، تتوقع بنوك وول ستريت على نطاق واسع نمو الطلب العالمي على النفط بشكل أكبر في 2024 من المستويات القياسية بالفعل للعام الحالي، وذلك بدعم من تسارع النشاط الاقتصادي في الصين. البنوك توقعت أيضاً أن يكون هناك مجال لتعافي أسعار الخام في العام المقبل، رغم تأكيدها أنها قد لا تشهد ارتفاعاً كبيراً. وبلغ متوسط توقعات خمسة بنوك كبرى لخام «برنت» في 2024 نحو 85 دولاراً للبرميل مقارنة بالمستويات الحالية البالغة 77 دولاراً.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك