أنا الصحفي الكويتي الوحيد الذي صوّر ووثق مراحل الفيلم العالمي (الرسالة)
رافقت الفنان القدير الراحل محمد النشمي لتقديم واجب العزاء في وفاة «كوكب الشرق»
حاورته: فاطمة اليوسف
تميز عهد الصحافة الفنية بأسلوبه الراقي والمتقن، فكانت الصفحات الفنية تمثل منبرًا لعمالقة الفن، لما شهدته من أحداثًا تاريخية.
ويعد إعلاميو ذلك العصر، مؤسسو الحركة الفنية الحقيقية فبقلمهم وبقرطاسهم، سجل روّاد الصحافة الفنية آنذاك، التاريخ الفني الذي شهدنا على تميزه في جيلنا الحالي والذي يعد مصدرًا مهما لمراجعنا.
ورغم بساطة المواد المتاحة حينها للتدوين إلا أن أقلامهم سطرت لنا عبر صفحاتهم تاريخا فنيًا حافلاً، لتبقى تلك الصفحات شاهدة على تلك الفترة الذهبية في تاريخ الفن والصحافة.
"عالم الشهرة" استضافت هذا الأسبوع الصحافي الكويتي المخضرم ومدير تحرير مجلة عالم الفن التي تصدر عن جمعية الفنانين الكويتيين، صالح الغريب الذي يُعد واحدًا من أهم روّاد الصحافة الفنية، فقد تربع على عرشها فهو شخصيةً لامعة في عالم الفن، واستطاع ببراعة الوصول إلى قمة التواصل مع عمالقة الفن بين أحضان صفحاته الورقية، شكّل ضيفنا بقلمه فهمًا عميقًا للحركة الفنية، فقد كان له دور بارز في تسليط الضوء على محطات تاريخية في عالم الفن، كما أسهم بشكل لا يُقدّر بثمن في توثيق وتدوين اللحظات المهمة والأحداث الفنية التي شكلت الثقافة والفن في تلك الفترة الزمنية. و نجح في خلق تاريخ فني يرفع راية الإبداع والإرق الثقافي، مؤثرًا بشكل دائم على مسار الفن والصحافة."
الأستاذ المخضرم صالح الغريب.. نرحب بك عبر صفحتنا الأسبوعية "عالم الشهرة"..
- من هو الأستاذ صالح الغريب، في سطور؟
أنا صالح الغريب، مدرس "متقاعد"، و عضو بجمعية الفنانين الكويتيين ورابطة الأدباء الكويتيين ومدير تحرير مجلة عالم الفن.
- متى بدأت عملك بالصحافة؟
بدأت العمل الصحافي هاوياً عام 1965م عبر مجلات عديدة منها: أضواء الكويت – الهدف – اليقظة – النهضة – الطليعة – أجيال – الرائد.
ثم عُينت مسؤول الصفحات الفنية في مرآة الأمة ثم اليقظة، ثم الهدف ثم السياسة منذ عام 1976 حتى العام 2002م وصحفي ومؤسس لمجلة "عالم الفن" منذ عام 1971م.. وحالياً مدير تحرير المجلة منذ عام 1994م وحتى الآن، كما أنني قمت بإعداد الكثير من البرامج التلفزيونية والإذاعية.
وشارك في تغطية عدد كبير من المهرجانات الفنية المحلية والعربية.
- كيف كنتم تواجهون التحديات في الصحافة الفنية سابقًا؟ ومامدى التغيرات التي طرأت عليها الآن؟
الصحافة الفنية في الستينيات كانت محدودة في صفحات المجلات وتعتبر مجلة "أضواء الكويت" أكثر نشراً للمواضيع والأخبار الفنية ولم تكن الصحف اليومية تهتم بالفن إلا في السبعينيات بدأت بتخصيص صفحات للفن والثقافة وصدرت أول مجلة فنية هي "عالم الفن" عن جمعية الفنانين الكويتيين ولا زالت تصدر حتى الآن.
السبعينيات والثمانينيات توسع اهتمام الصحف اليومية المحلية بالفنون وقد كان لذلك أثر في إنتشار شهرة فناني الكويت في الخليج والوطن العربي..
أما الآن فقد أصبح وضع ( الثقافة والفن سيء )فقد أصبحت الصحف تلغي صفحات الفن والثقافة وبعضها صارت تقلّص عدد الصفحات وقد سبق ذلك أن ثلاث مؤسسات للإنتاج الفني توقفت عن الإنتاج الغنائي وأصبح وضع الأصوات الجديدة سيء لعدم وجود فرقة موسيقية لتسجيل أعمالهم الغنائية في الإذاعة الكويتية.. الفن والثقافة يعيش فترة سيئة نتيجة للإهمال في المؤسسات الحكومية لعدم وجود التشجيع ودعم الإنتاج الثقافي والفني كما كان في السابق.
- مامدى ارتباطك بـ "عمالقة" الفن الكويتي كالفنان القدير الراحل عبدالحسين عبدالرضا؟ والفنان القدير سعد الفرج؟
كانت علاقتي مع الفنان عبدالحسين عبدالرضا من خلال عملي كصحفي ولم أحاوره وتعاونت معه عندما قمت بتأليف كتاب تذكاري عن أخيه الفنان التشكيلي المرحوم أمير عبدالرضا.
وهذا الكتاب الوحيد الذي عرضت رغبتي في أن أكتب له كتاب تذكاري وقد قلت للفنان عبدالحسين عبدالرضا: لا تستغرب أنا الذي أعرض خبرتي وقدرتي على الكتابة وهذا الجهد دون مقابل وهو وفاء مني، أتمنى أن أوفق في هذه المهمة التي تحتاج إلى طباعة ملونة فاخرة وورق (مصقول) لأن أعماله تتميز بلوحات تحتاج إلى ذلك.. ووافق في الحال وبدأت في العمل وقدمته والحمد الله ظهر بشكل جيد أشاد به الجميع.
أما الفنان سعد الفرج فقد أجريت معه حواراً جميلاً نُشر في جريدة السياسة، وعلاقتي معه كصحفي لا تزال حتى الآن والصورة التذكارية معهما تم تصويرها قبل أيام الكورونا في مزرعة (عزايز) للشيخ علي الجابر الأحمد الصباح في العبدلي.
- وماذا عن مطرب (وطن النهار) الفنان القدير الراحل عبدالكريم عبدالقادر؟
الفنان القدير الراحل عبدالكريم عبدالقادر أحد أبرز رواد الأغنية الكويتية المطورة فقد أثرى خلال 60 عاماً مكتبة الإذاعة والتلفزيون الكويتية بتعاونه مع غالبية الملحنين والمؤلفين.. وقدّم خلال مسيرته الكثير من العطاء المتميز في مجالات الأغنية الكويتية العاطفية والوطنية والرياضية..
"بو خالد" من أكثر الفنانين الذين التقيت معهم في مناسبات وأماكن عديدة، فنان أصيل ومبدع ومتميز مع الجميع وشارك في تشجيع الشباب من الملحنين والمؤلفين، منذ أكثر من (50) عاماً وقد حاورته في الأعداد الأولى لمجلة "عالم الفن" التي تصدر عن جمعية الفنانين الكويتيين.. وقد كان حواري معه من أوائل الحوارات الصحفية في حياته.
- كان لكم لقاء سابق مع الفنان الراحل محمد عبدالوهاب.. حدثنا عن هذا اللقاء وكيف تم الترتيب له؟
التقيت بالموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب في عام 1974م بلقاء صحفي وقد سعى لهذا اللقاء الدكتور خليفة الصقعبي الذي كان يدرس الطب آنذاك في القاهرة للحصول على موافقته مشكوراً لعمل حوار خاص لمجلة "عالم الفن الكويتية" ومن المعروف أن وكيل شركة "صوت الفن" التي يمتلكها المرحوم الموسيقار محمد عبدالوهاب والفنان القدير المطرب عبدالحليم حافظ في الكويت هي مؤسسة (بوزيدفون) لعائلة الصقعبي وفعلاً وبدعم من شركة "صوت الفن" في القاهرة، حصلنا على الموافقة وذهبنا إلى منزل الموسيقار محمد عبدالوهاب وحضر معنا مصور المجلة وطلبت منه تصوير كل الفيلم لحرصنا على أن نضمن اختيار صورة جيدة للنشر في المجلة.
كان المصور حينها جاهز للتصوير وما إن دخل الموسيقار محمد عبدالوهاب صالون الضيوف وجلس معنا استعد المصور لأخذ صورة تذكارية تجمعني معه.
عندما رأي عبدالوهاب ذلك، قال للمصور: كيف تصورني وأنا لابس روب البيجاما؟ فرد المصور: الجماعة طلبوا مني ذلك.
فقال له عبدالوهاب: اجلس "يا ابني في مكانك لما أقولك صور (تصور)" كان محمد عبدالوهاب رحمه الله لابس الروب على البدلة. وهنا أصبحت في موقف محرج وقلت بيني وبين نفسي ماذا لو استمر محمد عبدالوهاب على موقفه من التصوير أو نسى؟
- ماذا أضافت لك تلك التجربة؟
حاورته وأنا شاب جديد في مهنة الصحافة وبالتأكيد الكل يستغرب ذلك، كيف استطعت محاورة عملاق وقامة عربية كبيرة مثل محمد عبدالوهاب وفي منتصف اللقاء يبدو أنه اقتنع من نوعية الأسئلة فطلب من المصور أن يأخذ لنا صور تذكارية وكنت طبعاً سعيد بذلك والمصور كذلك (ما قصر شغل الكاميرا وصور كل صور الفيلم مستعين بالبطارية الجافة المشحونة دائماً).
- ماهي أهم المحطات المضيئة في حياتك؟
أنا الصحفي الكويتي الوحيد الذي غطى تصوير وتوثيق مراحل تصوير الفيلم العالمي (الرسالة) الذي كان بدعم من المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه..
ففي صيف 1974 م، وبدعوة كريمة من الإعلامي القدير محمد السنعوسي، أرسلتني جمعية الفنانين الكويتيين لمدينة مراكش في المغرب، لمدة أسبوعين، لأقوم بتغطية صحفية للفيلم العالمي "الرسالة"، لنشرها في مجلة "عالم الفن"، التابعة لجمعية الفنانين الكويتيين، التي يترأسها الفنان عبدالعزيز المفرج (شادي الخليج)، شافاه الله، وكنت أذهب كل يوم إلى موقع التصوير، وكان يبعد حوالي نصف ساعة عن فندق هوليدي إن و مركز القرية، وقد صنعوا مجسماً كبيراً للكعبة المشرفة ومنازل تطل أبوابها وشبابيكها عليها، وقد وافق أهل القرية على فكرة المجسم، وأبدوا سعادتهم الكبيرة بذلك، حتى أنه بعد الإنتهاء من التصوير تحطمت بعض الأبواب والنوافذ، ولم يوافق أهل القرية على تصليحها لكي تبقى ذكرى، وقد أجريت عدد من الحوارات مع نجوم الفيلم، منهم الفنان الممثل الإنجليزي روبرت براون، الذي لعب أدواراً رئيسة ومميزة في جميع أعماله التلفزيونية، ونشر للحديث معه في عدد مجلة "عالم الفن" (187) الذي صدر في 22/6/1975م، وقال في الحوار عن الفيلم: إنه فيلم عظيم وكبير. وعن دوره، قال: أمثل دور (عتبة). وعن الكويت قال : بلاد عظيمة كما وصفها لي صديق يعمل ممثلاً لشركة كويتية في لندن".
وأثناء تغطيتي لتصوير فيلم "الرسالة" التقيت بنجمة الفيلم الممثلة اليونانية إيرين باباس ودورها الكبير (هند بنت عتبة) وقد كان الحوار معها في صيف 1974 أثناء وجودي في مدينة مراكش بالمغرب وهي فنانة قديرة رفضت عقوداً كثير من أجل أن تساهم في فيلم عربي عالمي وإسلامي وكانت الفنانة إيرين مشغولة بتصوير بعض اللقطات أثناء الفترة الصباحية، إلا أنها لم تنسى الموعد الذي أتفقنا عليه مسبقاً، ونشر اللقاء في مجلة "عالم الفن" العدد (178) 20/4/1975م.
- رأيت لك صورة أرشيفية في عزاء "كوكب الشرق"، أم كلثوم.. حدثني عن هذا اليوم..
في الخامس من شهر فبراير 1975م، قام رائد المسرح في دولة الكويت، رئيس جمعية الفنانين الكويتيين الأسبق، الفنان القدير الراحل محمد أحمد النشمي وقد رافقته في هذه المهمة بصفتي سكرتير تحرير "عالم الفن" بتقديم واجب العزاء بوفاة الفنانة الكبيرة أم كلثوم التي توفيت في فبراير 1975.
وصلنا مساء يوم وفاتها، وسكنا في فندق البرج، وفي الصباح الباكر أخذتنا سيارة سفارة دولة الكويت في جمهورية مصر العربية إلى مكان العزاء، ووقف السائق أمام بوابة السرادق مباشرة، ونزلنا وسلمنا على جميع أفراد عائلة الفقيدة، وجلسنا في وسط الصف الأول مقابل مقاعد العائلة كما هو ظاهر في الصورة، التي نشرت في مجلة "عالم الفن".
وبعد الدفن، قمنا بزيارة ضريح المرحومة الفنانة القديرة أم كلثوم مع مجموعة من الفنانين الكويتيين، الذين كانوا يدرسون آنذاك في المعاهد الفنية في جمهورية مصر العربية، منهم د.يوسف الدوخي والملحن مرزوق المرزوق والمخرج عبدالمحسن الخلفان وجاسم الجزاف وآخرون.
للحديث بقية.. انتظروا بقية اللقاء على صفحات "عالم الشهرة" الأسبوع القادم..
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك