الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الاتجار بالأشخاص.. «الوقاية خير من المكافحة»
يقول «توماس أديسون» مخترع الكهرباء: ((وجدت ألف طريقة فاشلة لا تضيء المصباح، ثم وجدت طريقة واحدة يعمل بها المصباح)).. فهل نحن بحاجة للوصول إلى ألف طريقة غير ناجحة، من أجل التصدي لبعض ظواهر مجتمعية سلبية، والوقاية منها، والقضاء عليها..؟!
ثمة قضية مستمرة، وجريمة متكررة، من ذات النوع والأسلوب والشكل، وتحت ذات المسمى، آن لنا أن نفكر في وضع حلول حازمة ومستدامة، تنفيذية وتشريعية، عمالية وحقوقية، للقضاء عليها وبترها وإنهائها، ذلك أن في استمرارها إعاقة للمسيرة المباركة، وتشويه للصورة الحضارية لبلادنا.
كم مرة نقرأ عن خبر إلقاء القبض ومحاكمة أشخاص من دول معينة ومحددة، يقومون باستغلال وخداع بعض النساء والفتيات الأجنبيات، وجلبهن للبلاد بحجة العمل، ثم يقعن في شباك «الدعارة» والاتجار بالأشخاص..؟ كم يكلف هذا العمل من جهود وميزانية وإشغال لمؤسسات الدولة ولجانها..؟ كم يشكل هذا العمل من ملاحظات على وضع بلادنا وجهودها الحثيثة في مكافحة الاتجار بالأشخاص؟ على الرغم من وجود تقارير تشيد بجهود المكافحة، ولكن الجميع ينشد ما هو أفضل، وهو القضاء على المسألة برمتها، وليس مكافحتها فقط..؟ ثم ما هو دور السفارات الأجنبية التي يكثر أفراد بلادها في الوقوع في مثل هذه القضايا المتكررة وآلية التصدي لها..؟
هي سلسلة من الجهود المترابطة، والمفترض أن تكون متعاونة، متناسقة ومتكاملة، لأن في استمرار هذه القضية، استمرارا لظاهرة غير إنسانية وغير حضارية، ولربما كان في نهج «الوقاية خير من العلاج»، أفضل سبيل، بدلا من الاكتفاء بنهج المكافحة والمحاسبة، بعد وقوع المشكلة والضحايا.
من واجبنا أن نتساءل: هل هناك ثغرة ما في آلية دخول الضحايا سواء في التأشيرة السياحية أو غيرها؟ معظم القضايا تؤكد أن هؤلاء دخلوا البلاد بعد إبلاغهم من المحتالين بتوفير فرصة للعمل في مجال ما، فمن الذي أعطى هؤلاء الصلاحية؟ ومن الذي يقف وراءهم؟ ألا تلاحظون تكرار ذات الأسلوب في ذات القضية المتكررة والمستمرة..!! فأين الخلل..؟
وفقا للتعريف الدولي فإن مفهوم «الاتجار بالأشخاص» له أنواع وأشكال عديدة، ولربما الأبرز فيها والظاهر منها في مجتمعنا هو: «الاستغلال الجنسي»، فيما أنواع أخرى لا توجد لدينا ولله الحمد، بفضل الجهود المضاعفة والوعي المجتمعي والمنظومة القانونية، مثل: العمالة المجانية، أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو استعباد الأشخاص بهدف الاستخدام الجسماني ونزع الأعضاء.
في 30 من شهر يوليو من كل عام، تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وفي كل مرة نستذكر الجهود الوطنية، ودورها الفاعل في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، والمراكز المتقدمة، وما تمتاز به بلادنا من منظومة شاملة، ودور فاعل لمؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ولكن هل تم القضاء على الجريمة..؟
من أبجديات النجاح للوصول إلى الهدف المنشود، بجانب الإصرار والاجتهاد، هو تغيير الأسلوب والطريقة، فلربما كانت الطرق والإجراءات المتبعة لم تحقق النجاح للوصول إلى الهدف، وفي القضاء على هذه الظاهرة.. ومن الواضح جدا أننا بحاجة إلى تغيير الإجراءات وتطويرها لمعالجة القضية.. والأهم هو الوقاية منها بدلا من مكافحتها.. ولنا في مقولة «توماس أديسون» خير برهان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك