كشفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن بناء حزب الله اللبناني شبكة أنفاق واسعة أكثر تطورًا بكثير من شبكة أنفاق حركة حماس في قطاع غزة، حيث يمتد نظام الأنفاق في جنوب لبنان لمئات الكيلومترات، حتى الحدود وحتى داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما يمكن لمنصات الإطلاق أن تطلق صواريخ موجهة بدقة.
تفاصيل أنفاق حزب الله اللبناني
ووفقا لما نقلته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، كشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي منذ أسبوعين عن أحد أكبر الأنفاق الهجومية في قطاع غزة يبلغ طوله أربعة كيلومترات، وهو واسع بما يكفي لمرور المركبات، ويمتد من جباليا، شمال مدينة غزة، حتى حوالي 400 متر من حدود إيريز حتى العبور إلى إسرائيل.
وفي حين أن النفق لم يعبر الحدود، فمن المفترض أنه كان من الممكن أن يمكّن المقاتلين على الدراجات النارية وغيرها من المركبات من القيادة تحت الأرض من منطقة جباليا والخروج بالقرب من الحدود قبل أن يتمكن جنود أو دوريات المراقبة التابعة للجيش الإسرائيلي من منعهم ولم يحدد الجيش الإسرائيلي ما إذا كان هذا هو الحال عندما تدفق 3000 مسلح بقيادة حماس إلى المستوطنات في 7 أكتوبر الماضي.
وقد أدى الكشف عن هذا النفق الضخم، الذي يوجد العديد منه في غزة، إلى إحياء النقاش حول أنفاق مماثلة بالقرب من الحدود اللبنانية وفيها وتحتها – خاصة وسط الاشتباكات المستمرة هناك مع جيش حزب الله، والإخلاء القسري لسكان غزة.
بدايات مشروع أنفاق حزب الله
ووفقا للصحيفة، فقد بدأ مشروع نفق لبنان وتطور قبل وقت طويل من مشروع نفق غزة حيث تشير المعلومات الاستخبارية الموجودة إلى وجود شبكة أنفاق واسعة في جنوب لبنان، عميقة ومتعددة الجوانب.
في مركز ألما للأبحاث والتعليم، الذي يركز على التحديات الأمنية على الحدود الشمالية لإسرائيل، أمضى الباحثون سنوات عديدة في التحقيق في العالم السفلي في لبنان.
وقد كشف تال بيري، مدير قسم الأبحاث في ألما، والذي خدم لعقود من الزمن في وحدات استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلي، عن تلك الشبكة الجوفية في مواد تعتمد على قدر كبير من المعلومات الاستخبارية مفتوحة المصدر.
وقبل عدة سنوات، تمكن بيري من تعقب «خريطة المضلعات» على الإنترنت، والتي تغطي ما أسماه «أرض الأنفاق» في جنوب لبنان. وكتب في ورقة بحثية عام 2021: «الخريطة موسومة، من جهة مجهولة، بمضلعات (دوائر) تشير إلى 36 منطقة جغرافية وبلدة وقرية».
وقال: «في تقديرنا، تشير هذه المضلعات إلى مراكز تجمع حزب الله كجزء من خطة «الدفاع» ضد الغزو الإسرائيلي للبنان حيث يمتلك كل مركز محلي شبكة من الأنفاق المحلية تحت الأرض. وبين كل هذه المراكز، تم بناء بنية تحتية من الأنفاق الإقليمية، وربطها ببعضها البعض».
وقدر بيري أن الطول التراكمي لشبكة أنفاق حزب الله في جنوب لبنان يصل إلى مئات الكيلومترات.
ونشرت صحيفة «معاريف» الإسرائيليّة تقريراً تحدثت فيه عن شبكة أنفاق تابعة للحزب في لبنان، واصفة إياها بـ«الإستراتيجية».
وبحسب التقرير، فقد تطرّق باحثون إسرائيليون في معهد ألما الإسرائيلي للأبحاث إلى امتلاك «حزب الله» شبكة من الأنفاق الإستراتيجية، مشيرين إلى أنه «وبحسب التقديرات، فإن الحزب وبعد حرب لبنان الثانية عام 2006، أنشأ بمساعدة الكوريين الشماليين والإيرانيين، مشروع شبكة من الأنفاق الإستراتيجية أكبر بكثير من النفق الذي تم الكشف عنه في غزة مؤخراً».
ووفقاً للباحثين، فإنّ تلك الأنفاق التي يمتلكها «حزب الله» ليست محليّة فحسب، بل هي شبكة أنفاق إقليمية يبلغُ طولها عشرات الكيلومترات وتربط جنوب لبنان ببيروت والبقاع.
كذلك، أوضح الباحثون، بحسب «معاريف»، أنّ تلك الأنفاق تربط أيضاً مناطق عديدة ببعضها في جنوب لبنان، وأضافوا: «هناك تقارير مختلفة تشير إلى أنّ المستشارين الكوريين الشماليين ساعدوا بشكل كبير في بناء مشروع أنفاق حزب الله، وقد اعتبر الأخير بالمهم وبدعم من الإيرانيين، أنّ كوريا الشمالية هي سلطة مهنية في مسألة الأنفاق، استناداً إلى الخبرة الواسعة التي اكتسبتها كوريا الشمالية في بناء الأنفاق للاستخدام العسكريّ منذ خمسينيات القرن الماضي».
ونشر المعهد الإسرائيلي خريطة تُظهر مسار نفق يمتلكه «حزب الله» ويبدأ من منطقة جنسنايا – قضاء جزين وصولاً إلى بلدة مشغرة في البقاع الغربيّ.
وتظهر الخريطة أن مسار النفق يصل إلى 45 كيلومتراً، فيما تبين أنه يمرّ بمناطق عديدة أبرزها برتي، كفرا، اللويزة، سجد، زغرين، عيشية، ميدون.
وسبق أن نقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن ضابطٍ كبير في الحرس الثوري الإيراني قوله إنّ «مستشاراً كورياً شمالياً ساعد في بناء نفق متطور في لبنان بطول 25 كيلومتراً، يتضمن العديد من نقاط الاتصال والتجمع التي يستخدمها حزب الله لنقل قواته وتمركزها».
يقولُ باحثو معهد «ألما» الإسرائيليّ أن هناك العديد من المستندات التي يمكن أن تقدم معطيات ومعلومات عن مشروع الأنفاق الإستراتيجية لـ«حزب الله»، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنّ «تلك الأنفاق تحتوي على غرف قيادة وسيطرة تحت الأرض فضلاً عن مستودعات ذخيرة وإمدادات وعيادات ميدانية ومنصات مخصصة لإطلاق الصواريخ بكل أنواعها».
و«تلفت معاريف» إلى أنّ الباحثين أوضحوا أنّ «تلك الأنفاق تسمح بتنقل قوات حزب الله سيراً على الأقدام من مكانٍ إلى آخر بغرض تعزيز الدفاع أو تنفيذ الهجوم بطريقة آمنة ومحمية ومخفية، وأضافوا: «كذلك، فإنّ تلك الأنفاق الإستراتيجية تتيح لعناصر حزب الله التنقل عبر الدراجات النارية والمركبات الرباعية الدفع والصغيرة والمتوسطة الحجم».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك