(إرم نيوز): مع تصاعد التوترات في الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في غزة، سلطت ندرة التحليل النقدي في التغطية الإعلامية الغربية الضوء على التحديات التي تواجه الصحفيين الذين يحاولون تغطية الأحداث، امتثال وسائل الإعلام الغربية للأجندات الإسرائيلية بشكل واضح.
وقال تقرير نشره موقع «جاكوبين» الأمريكي: «من المفارقة أن تقارير حرب غزة تملأ ساعات من الأخبار المذاعة وأميالًا من ورق الصحف، إلا أنها تظل الحرب الأقل تغطية في العصر الحديث. إذ منعت إسرائيل الصحفيين الأجانب من دخول قطاع غزة، كما لم يُسمح لأي صحفي بالدخول عبر معبر رفح؛ ما قوَّض بشكل واضح قدرة وسائل الإعلام على تغطية الحرب».
علاوة على ذلك، فإن غياب الصحفيين المرافقين للقوات الإسرائيلية زاد من ندرة التقارير الميدانية. فعلى عكس الحروب السابقة حيث قدم الصحفيون المرافقون بعض وجهات النظر في الخطوط الأمامية، فإن الوضع في غزة يفتقر حتى إلى هذا الشكل المقيد من الوصول.
وأكد التقرير، أن الأخبار الصحفية القليلة التي تظهر تأتي في الغالب من مقاطع فيديو صادرة عن الجيش الإسرائيلي أو عن حركة حماس تفتقر إلى العمق والموضوعية والاستقلالية.
أما فيما يتعلق بالصحفيين المستقلين، فقد أصبحت مهنتهم الصحفية في حد ذاتها محفوفة بالمخاطر، حيث فقد أكثر من مائة صحفي حياتهم منذ بداية الحرب، في حين تم سجن مئات آخرين في السجون الإسرائيلية. ولم تنج المؤسسات الإعلامية من ذلك، حيث دمرت القوات الإسرائيلية ما يقرب من خمسين مبنى إعلاميًّا تدميرًا جزئيًّا أو كاملًا، وفقًا للاتحاد الدولي للصحفيين.
وبعيدًا عن تحديات إعداد التقارير الميدانية، لا تزال الصحافة الاستقصائية والتحليلية حول الحرب نادرة بشكل ملحوظ، إذ استغرقت صحيفة «واشنطن بوست» وقتًا طويلاً لتفحص الادعاءات المتعلقة بالقتال حول مستشفى الشفاء في غزة. كما إن الافتقار إلى تحليل جوهري فيما يتعلق بأهداف الحرب الإسرائيلية، أو التوترات الجيوسياسية، أو إستراتيجيات الكيانات المعنية، مثل ميليشيا حزب الله في لبنان، أمر لافت للنظر.
وفي خضم هذا الجفاف الصحفي، أكد التقرير الفراغ الذي خلفه غياب الصحافة الناقدة مثل «ويكيليكس»، التي قدمت في السابق معلومات حيوية عن حربي العراق وأفغانستان، وكشفت بتفاصيل غير مسبوقة عن الواقع الدموي المروع للطريقة التي تصرفت بها القوات الغربية.
وفي الحرب على غزة، لم تحاول إسرائيل تسجيل عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم، وفي الوقت نفسه رفضت الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة في قطاع غزة باعتبارها غير موثوقة.
وتحت الضغط الإسرائيلي، لجأت معظم وسائل الإعلام الرئيسة في العالم إلى استهلال إشارتها إلى الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في غزة بعبارة «وزارة الصحة التي تديرها حماس».
وأفاد التقرير بأهمية مثل التفاصيل الميدانية الآن، إذا ما تم نشرها في الوقت الفعلي مع تطور الحرب على غزة، مبينًا أن الحروب هي تعبيرات عن القوة، ولا يمكن للكلمات وحدها أن توقفها، لكنها قادرة على إعلام أولئك الذين يعملون على خلق قوة شعبية موازنة لدعاة الحرب.
ومع استمرار الحرب ومحاولة وسائل الإعلام الرئيسة لتوفير تغطية كلية، أصبحت الحاجة إلى تقارير شاملة وغير متحيزة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. ولا تؤثر القيود المفروضة على الصحافة على نشر المعلومات الحيوية فحسب، بل تعيق أيضًا قدرة الشعوب على تكوين آراء مستنيرة واستجابات للصراعات العالمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك