زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
فُرِجت فقد شرّقنا وغرّبنا
هناك إجماع بين العلماء بأن آدم وحواء ونسلهما الذي عمّر الأرض أفارقة في الأصل، وهاجر بعضهم إلى منطقة الهلال الخصيب (شرق البحر المتوسط)، ومن هناك انتشر بنو البشر شرقا وغربا، وها هو علم الجينات ينصفنا ويفتح لنا سبل الرقي، بل والتطلع إلى عضوية حلف الأطلسي، وبارك الله في البروفيسورة أورنيلا سيمينو من جامعة بافيا الإيطالية، التي حصلت على أدلة قاطعة بأن الشعوب الأوروبية تنحدر من أصلاب شرق أوسطية، بل بالتحديد من عشرة فحول هاجروا من منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا في العصر الحجري، ومن المنطقي استنتاج أن أولئك العشرة كانوا من ذوي العقول المتفتحة وتعرضوا لمضايقات أمنية، بتهمة استخدام الغابساب والحجنجر لإثارة الفتن، فتركوا الجمل بما حمل وفروا بعقولهم تاركين إيانا في العصر الحجري إلى يومنا هذا (الغابساب هو واتساب ذلك الزمان، وكان يستخدم تكنولوجيا ذبذبة أشجار الغابة، والحجنجر كان ما يعادل المسنجر في زماننا هذا، وكان يعني التراسل وبالتحديد لفت الانتباه بإلقاء الحجارة).
وبالتأكيد فإن أولئك العشرة كانوا من العرب، فمن غير العربي يهوى التناسل والتكاثر في أوروبا، ومن غيره يستطيع أن ينجب بكثافة تجارية. وياما قلت إن العربي إذا وجد البيئة المناسبة يبدع ويتفوق: انظروا.. هؤلاء عشرة رجال، وجد كل واحد منهم المرأة التي «تستأهل» فأنجب منها عشرات الملايين، والدليل على أنهم خرجوا من الوطن العربي ساخطين ومحبطين هو أنهم غرسوا في أبنائهم وأحفادهم كرها شديدا للعرب، ويفسر هذا الجحود والعقوق الذي نلمسه في الأوروبيين، فبرغم أنهم منا وفينا فإنهم يطيقون العمى ولا يطيقوننا. ولهذا تصفق حكوماتهم اليوم للمجازر في غزة العِزّة.
المهم في الموضوع أنها «فرجت» فطالما أن هناك صلة دم وقرابة بيننا والأوروبيين، ولأن الدم أثقل من الماء، فمن المؤكد أن قلوب الأوروبيين ستحن علينا، ويصبح بيننا تطبيع وتكامل، ونتيجة ذلك سعادة ما بعدها سعادة حيث سيكون في مقدور العربي أن يسافر إلى أوروبا دون تأشيرة ليحصل على زوجة من بنات العم ما سيسهم في تحسين النسل، وبالمقابل فإن قرابتنا لأهل أوروبا تضع علينا قيدا أخلاقيا ثقيلا: لا يجوز والجماعة منا أن يذهب إلى بلادهم في الصيف لممارسة الأنشطة «المعهودة»، التي ظلت تشدنا إلى أوروبا ويا ويل إسرائيل إذا تطاولت علينا بعد أن يعترف الأوروبيون بوشائج القرابة بيننا ويصبح لنا ظهر أطلسي.
ولي رجاء أرجو ألا يخيب هو أن ينسى العرب أنني تنكرت كثيرا وطويلا لانتمائي إليهم، بترديد أنني من الناحية العرقية/الإثنية نوبي. سامحوني يا جماعة، والله ما كنت أعرف أنكم بكل هذا العز والحسب الأوروبي العتيد، ولا تنسوا أنني وعلى الرغم من تنكري لانتمائي العرقي للعرب فإنني ظللت مهموماً بهمومهم وأفرح لأفراحهم (هذه كذبة مكشوفة فالفرح لم يعرف طريقه قط إلى قلب العربي) المهم المسامح كريم، واجعلوني عربياً بالتجنس وأنا أساعدكم على إعادة غزو أوروبا لأنني خبير بأحوالها وشؤونها، وكعربون فإنني أنصحكم بعدم نقل بعض إنجازاتكم الحديثة إلى أوروبا: بلاش تنقلوا الفول والكبسة إلى أوروبا ويكفي ما فعله ذينك الشيئان بنا، وقد اكتشف الأطباء مؤخرا أن الجنون الذي أصاب أبقار بريطانيا وفرنسا في تسعينيات القرن العشرين نتج عن تعاطيها للفول الذي يولد غازات تصعد إلى الدماغ فتصيبه بالخلل، أما الكبسة أو المكبوس فتسبب ازدواجية الرؤية (دبل فيجن) فلا يعود أكلها يميز بين الحقيقة والوهم، لأنها تكبس على الدماغ، وتعطل القدرة على الإبصار، والكسكسي المغربي والمنسف الأردني-الفلسطيني هما في التحليل الأخير كبسة فتجنبوهما في أوروبا!
وقرابة الدم مع الأوروبيين سـ«تفكنا» من صداع الشقيقة الذي لازمنا قرابة 80 سنة... عليك نور.. باي فلسطين.. هاي إسرائيل، وشواطئ تل أبيب فيها كل ما لذ وطاب، نبلبط فيها ولا ملامة أو عتاب، ونرتاح أيضا من جامعة محو الأمية العربية، قبل أن نضطر إلى تحويلها الى «عبريبية».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك