متلازمة القولون العصبي حالة متعبة، تؤثر على مختلف جوانب حياة الأشخاص المصابين بها، وتحتاج لوضع خطة علاجية للوصول للنتائج المرجوة.
في الحوار التالي مع الدكتور ياسر الصواف استشاري الأمراض الباطنية بالمركز الطبي الجامعي – مدينة الملك عبدالله سنتعرف على الأعراض المقلقة والأسباب وطرق العلاج وذلك على جزأين متتابعين، اليوم نتعرف على الأسباب والأعراض وطرق التشخيص.
- ما هي متلازمة القولون العصبي؟ وما هي أسبابها؟
متلازمة القولون العصبي (IBS) هي حالة مزمنة في الجهاز الهضمي. أعراضها الأولية هي آلام في البطن وتغيرات في انتظام عملية الإخراج ما بين الإمساك و/أو الإسهال.
القولون العصبي شائع جدًا. يعاني ما يقدر بنحو 10 إلى 20 بالمائة من الأشخاص من أعراض القولون العصبي، على الرغم من أن حوالي 15 بالمائة فقط من الأشخاص المصابين يطلبون المساعدة الطبية فعليًا.
قد تكون الطبيعة المزمنة لمرض القولون العصبي والتحدي المتمثل في السيطرة على أعراضه محبطة لكل من المرضى ومقدمي الرعاية الصحية. ومع ذلك، هناك علاجات فعالة ومجدية تماما في تخفيف الأعراض للمرض.
أسباب متلازمة القولون العصبي
هناك عدد من النظريات حول كيفية وسبب تطور متلازمة القولون العصبي (IBS)، وعلى الرغم من الأبحاث المكثفة فإن السبب غير واضح.
* تقترح إحدى النظريات أن سبب القولون العصبي هو تقلصات غير طبيعية في القولون والأمعاء (ومن هنا جاء مصطلح «الأمعاء التشنجية»، والذي يستخدم أحيانًا لوصف القولون العصبي SPASTIC COLON. يمكن أن تسبب الانقباضات القوية في الأمعاء تقلصات شديدة، وهو ما قد يفسر سبب تخفيف الأعراض في بعض الحالات، مع استخدام الأدوية المضادة للتشنج والألياف (كلاهما يساعد على تنظيم انقباضات القولون). ومع ذلك، فإن الانقباضات غير الطبيعية لا تفسر مرض القولون العصبي في جميع الحالات، ومن غير الواضح ما إذا كانت الانقباضات عرضًا أم سببًا للاضطراب.
* يصاب بعض الأشخاص بمرض القولون العصبي بعد الإصابة بعدوى حادة في الجهاز الهضمي (مثل السالمونيلا أو العطيفة أو الفيروس). ومع ذلك، ليس من الواضح كيف تؤدي العدوى إلى تطور القولون العصبي، ومعظم الأشخاص المصابين بالقولون العصبي ليس لديهم تاريخ من هذه العدوى.
* الأشخاص المصابون بالقولون العصبي هم أكثر عرضة للمعاناة من القلق والتوتر. من المعروف أن التوتر والقلق يؤثران على الأمعاء؛ وبالتالي، فمن المحتمل أن يؤدي القلق والتوتر إلى تفاقم الأعراض. ومع ذلك، ربما لا يكون التوتر أو القلق هو السبب الأساسي.
* عدم تحمل الطعام أمر شائع لدى مرضى القولون العصبي
(FOOD INTOLERANCE)، مما يزيد من احتمالية أن يكون سببه حساسية الطعام. وقد كان من الصعب إثبات هذه النظرية، على الرغم من استمرار دراستها. أفضل طريقة لاكتشاف الارتباط بين أعراض القولون العصبي وحساسية الطعام هي التخلص من مجموعات غذائية معينة بشكل منهجي. ويجب أن يتم ذلك فقط بتوجيه من الطبيب أو أخصائي التغذية للتأكد من حصولك على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها جسمك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون للقيود الغذائية غير الضرورية تأثير سلبي على نوعية حياتك.
* من المعروف أن عددًا من الأطعمة تسبب أعراضًا تحاكي أو تفاقم مرض القولون العصبي، بما في ذلك منتجات الألبان (التي تحتوي على سكر يسمى «اللاكتوز»)، والبقوليات (مثل الفاصوليا)، وبعض الخضروات (مثل البروكلي، والقرنبيط، وكرنب بروكسل، والسبانخ والكرنب). تزيد هذه الأطعمة من الغازات المعوية، مما قد يسبب التشنجات.
* العديد من الأدوية لها أيضًا تأثيرات على الأمعاء مما قد يساهم في ظهور الأعراض.
* يعتقد العديد من الباحثين أن سبب القولون العصبي هو زيادة حساسية الأمعاء (VISCERAL HYPERALGESIA). المصطلح الطبي لهذا هو «فرط التألم الحشوي». تقترح هذه النظرية أن الأعصاب الموجودة في الأمعاء تكون مفرطة النشاط لدى الأشخاص المصابين بالقولون العصبي، بحيث يُنظر إلى الكميات الطبيعية من الغازات أو الحركة على أنها مفرطة ومؤلمة. يشعر بعض المرضى الذين يعانون من مرض القولون العصبي الشديد بالتحسن عند علاجهم بأدوية تقلل من إدراك الألم في الأمعاء (مثل بعض مضادات الاكتئاب).
* على مدار السنوات الأخيرة بدا واضحا بشكل متزايد أن فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO) هو سبب محتمل لمتلازمة القولون العصبي (IBS). فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO) هو حالة تتواجد فيها الميكروبات الهوائية واللاهوائية بأعداد متزايدة في الأمعاء الدقيقة. عند وجودها، يمكن أن تؤدي هذه الوفرة المفرطة في الكائنات الحية إلى أعراض مثل الانتفاخ والإسهال، وعدم الراحة في البطن وفي الحالات القصوى، التهاب الأمعاء وسوء الامتصاص.
- ما هي الأعراض؟
أعراض متلازمة القولون العصبي
غالبًا ما تبدأ متلازمة القولون العصبي (IBS) في مرحلة الشباب، وهي أكثر شيوعًا عند الإناث منها عند الذكور. الأعراض الأكثر شيوعًا لمرض القولون العصبي هي آلام البطن المرتبطة بالتغيرات في عادات الأمعاء (الإسهال و/أو الإمساك).
* ألم في البطن – عادة ما يكون ألم البطن متشنجًا ويختلف في شدته. يلاحظ بعض الأشخاص أن الضغط النفسي وتناول الطعام يؤدي إلى تفاقم الألم وأن حركة الأمعاء تخفف الألم. يلاحظ بعض الأشخاص الذين يعانون من الدورة الشهرية وجود ارتباط بين نوبات الألم والدورة الشهرية.
* التغيرات في عادات الأمعاء – هذا هو العرض الآخر النموذجي لمرض القولون العصبي. يمكن أن تشمل التغييرات في عادات الأمعاء الإسهال أو الإمساك أو التناوب بين الإسهال والإمساك. إذا كان الإسهال هو النمط الأكثر شيوعًا فإن الحالة تسمى القولون العصبي «الإسهال السائد»؛ إذا كان الإمساك أكثر شيوعًا فإن الحالة تسمى القولون العصبي «الإمساك السائد».
* الإسهال – قد يعاني الشخص المصاب بمتلازمة القولون العصبي من براز رخو متكرر. تحدث حركات الأمعاء عادة أثناء النهار، وفي أغلب الأحيان في الصباح أو بعد الوجبات. غالبًا ما يسبق الإسهال شعور بالإلحاح الشديد ويتبعه شعور بعدم الإفراغ الكامل. ويلاحظ حوالي نصف الأشخاص المصابين بالقولون العصبي أيضًا إفرازات مخاطية مع الإسهال. الإسهال الذي يحدث أثناء الليل أمر غير معتاد بالنسبة لمرض القولون العصبي ولذلك يجب استشارة الطبيب المختص.
* الإمساك – يمكن أن يكون إمساك القولون العصبي متقطعًا ويستمر لعدة أيام. غالبًا ما يكون البراز صلبًا وعلى شكل حبيبات. قد لا تشعر بالفراغ بعد حركة الأمعاء، حتى عندما يكون المستقيم فارغًا. يمكن أن يؤدي هذا الإحساس الخاطئ إلى الإجهاد والجلوس على المرحاض لفترات طويلة من الزمن.
* أعراض أخرى – تشمل الأعراض الأخرى لمرض القولون العصبي الانتفاخ والغازات والتجشؤ.
- كيف يكون التشخيص؟
تشخيص متلازمة القولون العصبي
العديد من الاضطرابات المعوية المختلفة لها أعراض مشابهة لمتلازمة القولون العصبي. تشمل الأمثلة سوء الامتصاص (عندما لا تتمكن الأمعاء من امتصاص العناصر الغذائية بشكل طبيعي)، ومرض التهاب الأمعاء (مثل التهاب القولون التقرحي ومرض كرون)، وامراض الاضطرابات الهضمية (حيث يكون الجسم غير قادر على تكسير بروتين يسمى «الغلوتين»)، التهاب القولون المجهري. نظرًا لعدم وجود اختبار تشخيصي واحد لإثبات مرض القولون العصبي فإن نهج العديد من الأطباء يتضمن مقارنة الأعراض بمجموعات رسمية من معايير التشخيص (Rome IV Criteria). ومع ذلك، فإن هذه المعايير ليست دقيقة في تمييز القولون العصبي عن الحالات الأخرى لدى الجميع. وبالتالي، فإن التاريخ الطبي والفحص البدني واختبارات مختبرية مختارة يمكن أن تساعد في استبعاد الحالات الطبية الأخرى.
الاختبارات — يطلب معظم الأطباء إجراء اختبارات دم روتينية للأشخاص الذين يشتبه في إصابتهم بمتلازمة القولون العصبي، لكي تساعد في استبعاد الحالات الطبية الأخرى.
ويطلب بعض الأطباء أيضًا اختبارات أكثر تدخلاً، مثل التصوير المقطعي أو تنظير القولون، خاصة عند الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 40 عامًا. هذه هي الاختبارات التي تسمح للطبيب برؤية الجزء الداخلي من القولون باستخدام جهاز المنظار حيث يتم إدخاله من المستقيم لفحص القولون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك