تصميم مبتكر مستوحى من البيئة البحرينية التقليدية والتقنيات الحديثة، نال لقب المركز الأول ضمن مسابقة الحرف المعاصرة التي أعلنت هيئة البحرين للثقافة والآثار عن نتائجها مؤخرا. التصميم يعود للبحرينيين عبدالله البيتم وعلي رستم ويحمل اسم «ساعة البانوش». عبدالله البيتم مهندس في مجال أتمتة المصانع وعلي رستم نحات ونجار وفنان.
واستقبلت المسابقة ما يزيد على 80 طلباً قدّمها أصحاب المواهب من مملكة البحرين وخارجها، من حرفيين وفنانين ومهندسين معماريين ومصممي الديكور الداخلي ومصممي المنتجات ومصممي الجرافيك والمصممين الرقميين من جميع الخلفيات.
وقال البيتم إن «انضمامه لمسابقة هيئة البحرين الثقافة والآثار جاء لتطوير مهاراته في تصميم المنتجات وتسويقها، مستفيدا من خبراته في الهندسة والفن والتصميم والبحث».
وعزا سبب فوزه بالمسابقة إلى جانب زميله رستم إلى أن «التصميم يتمتع بمقومات رئيسية ثلاثة، وهي الفن والتكنولوجيا والثقافة. واعتمد التصميم على بحث معمق لثقافة البحرين مع التركيز على الحرف اليدوية التقليدية والتصميم والمواد. كما تم دمج هذه المعرفة مع تقنيات التصنيع الرقمية الحديثة والمبادئ الهندسية، وصمم بأسلوب جمالي مميز. وهو يعد بوابة للمستخدمين ويصور تاريخ البحارة السابقين في البحرين.
ومن الناحية الوظيفية، فهو لا يخبر عن الوقت فقط بل يعرض حالة المياه في وقتنا الفعلي مما يساعد البحارة على الانطلاق للإبحار. كما يعزز أجواء أي غرفة معيشية عبر انعكاس مائي يمنح الهدوء والراحة فيخلق تجربة متعددة الحواس بالمزج ما بين التاريخ والفن والمنفعة في آن واحد.
وأضاف «جاءت الفكرة من ولعي بالبحر، وبالتحديد وأنا في عمق البحر. حيث جاء الإلهام وعدت للمنزل بحنيني لأمواجه. فطرحت تساؤلا كيف يمكنني نقل التجربة للمنزل. وهو ما دفعني إلى ابتكار فكرة منتج موج البحر المتزامن، لكن أردت أن يكون ليس مجرد ديكور فقط. ففكرت في إضافة قارب وتحويله لعنصر وظيفي، ومن هنا جاءت فكرة الساعة. بقي هذا المفهوم في ذهني لمدة عامين، وطبقت الفكرة بالتزامن مع وقت المسابقة».
تعاون عبدالله لتصميم المنتج مع علي رستم وفابلاب البحرين والعديد من محترفي الحرف اليدوية التقليدية. تم استلهام تصميم ساعة البانوش من المراقبة المتعمقة لتفاصيل صناعة السفن البحرينية التقليدية. واستخدمت مواد يتم الاعتماد عليها في تصنيع السفن مثل خشب الساج الأفريقي الطبيعي إلى جانب النحاس. كما تم دمج تقنيات التصنيع التقليدية والرقمية الحديثة لتشمل صناعة الصناديق وتشكيل النحاس.
وتحاول ساعة البانوش عدم الإفصاح عن الوقت فقط، بل تقدّم تجربة ربما تُفقد الشخص أمامها الشعور بالزمن لوهلة، حيث تتكون من نموذج بانوش (سفينة بحرينية تقليدية) تم وضعها في حوض من الماء، ومع مرور الوقت تتحرّك السفينة وساريتها التي تمثّل العقارب لتشير إلى الوقت، فيما يتلألأ الماء بلون ذهبي بفعل أضواء مثبّتة في الحوض لتعطي شعوراً بالسلام والهدوء الذي لا يمنحه سوى البحر وأمواجه اللامعة تحت أشعة الشمس، في مشهد يحاكي ما كان يراه البحّارة وصيادو اللؤلؤ من أهل البحرين في رحلاتهم الممتدة شهوراً طويلة. وليس هذا فحسب، بل إن مستوى سطح الماء في الحوض يتغير ارتفاعاً وهبوطاً بتزامن مع حركة المد والجزر الفعلية.
وتابع عبدالله بقول «باعتباري مهندسا في مجال الأتمتة، حيث يعتمد عملي اليومي على أتمتة المصانع في جميع انحاء دول مجلس التعاون الخليجي، ويشمل ذلك البحث والتصميم وبناء الأجزاء محليا في البحرين وعلى مستوى عالمي في الولايات المتحدة وأوروبا والصين. إلى جانب مهامي الهندسية في مجال الأتمتة، أشارك أيضا في تصميم المنتجات، حيث اتعاون مع وكالات التسويق والعلامات التجارية لإنشاء منتجات استهلاكية ومنشآت فنية حركية لمراكز التسوق والفنادق والمطاعم. بالإضافة إلى قضاء وقت الفراغ في تجربة مواد مختلفة في تقنيات التصنيع والوسائط».
وأوضح «ساهمت الهندسة في شحذ عقليتي لفهم المشكلات وتبسيطها، وبدأت بتحدي نفسي عبر طرح الأسئلة: ما هو الحل الأسرع والأبسط، وكيف يمكنني إدارة الموارد بشكل فعال مثل الوقت والمال والأشخاص. هذا هو النهج المحوري في فوزي في المنافسة، حيث قدمت قيمة حقيقية وتمكنت من فهم أولويات الأشخاص الذين أصمم لهم».
اليوم، يطمح عبدالله لتبني أساليب جريئة ومبتكرة وتكوين فرص تعاونية مع أفراد وعلامات تجارية متنوعة. وهو يسعى لابتكار تصاميم وقطع تمنح المساحات اليومية تميزا وتعززها وظيفيا.
جدير بالذكر أن عبدالله البيتم حاصل على شهادة البكالوريوس في مجال هندسة الأجهزة والتحكم في جامعة البحرين. وتعزيزا لخبرته، حصل على دبلوم في التصنيع الرقمي من مؤسسة فاب، وهي مبادرة انشأها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وهو أيضا مهندس سابق في وكالة ناسا وأبل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك