الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
تراها تبطي.. بس ما تخطي
في عالم الطيران، تحتفل المطارات بـ«التحية المائية»، عندما تدخل طائرة الخدمة في المطار لأول مرة، كما يتم تحية الطائرة عند خروجها من الخدمة ومغادرتها من المطار للمرة الأخيرة، تماما كما تتم «التحية المائية» لحظة تقاعد طيار أو مراقب جوي، والخروج من الخدمة، كنوع من التكريم في عالم الطيران.
وقد انتقل ذلك التقليد إلى عالم السفن والمراكب، ومع القبطان البحري كذلك.. تماما كما نراه في الملاعب الرياضية عند اعتزال لاعب قديم، أو لحظة انضمام لاعب جديد إلى ناد آخر، ويسمى بـ«ممر الشرف».. كما يتم ذلك عند أول مباراة يخوضها «فريق بطل» عقب تتويجه بأي لقب، بأن يقف له لاعبو الفريق المنافس بممر شرفي، تحية له على المجهودات التي بذلها لتحقيق البطولة.
ويقال إن فكرة هذا التقليد، تعود إلى المجال العسكري أولا عند عودة الجيوش منتصرة من الحروب، ثم انتقلت إلى قواعد البروتوكول والمراسم لحظة استقبال السفراء والقادة والزعماء، كنوع من التحية والتكريم والتقدير.
في مجتمعات أخرى، بعضها عربية، تمارس عادة «رمي القلة وكسرها»، لحظة مغادرة جار السوء، أو خروج مسؤول سيئ من العمل، ثم انتقلت إلى عادة «الاحتفالية» عند عملية الطلاق والانفصال، فتحتفل الزوجة بخلاصها من زوجها المتغطرس والمتعجرف.. أعرف بعض الأسر والعائلات تقيم الممر الشرفي في احتفالية ذكرى يوم عيد ميلاد الأم أو الأب، تقديرا للعطاء الأسري ووفاء للوالدين.
وربما لاحظ الجميع منذ فترة في بلادنا، أن الممر الشرفي انتقل إلى مواقع العمل كذلك، لحظة تقاعد مسؤول ما عن العمل، فيصطف له الموظفون للتحية عند التوديع، بعد لقائه مع المسؤول الجديد وإجراء عملية انتقال المهام والمسؤوليات.. وتلك فكرة جميلة، تؤكد استمرارية العمل، مع تقدير العاملين.
ما يهمنا في كل ما سبق.. أن «التحية المائية» و«الممر الشرفي»، وغيرهما من أساليب، من الأهمية بمكان أن تكون ثقافة مجتمعية وقيمة حضارية، إنسانية ومهنية، ثابتة وحاضرة على الدوام في كل المجالات.. في المدارس والجامعات، في الوزارات والهيئات، في الملاعب والمؤسسات، تعزيزا لمبدأ التقدير والتكريم، والامتنان والتشجيع، والتنافسية العادلة من أجل خدمة الوطن والمؤسسة والناس.
ما يهمنا كذلك، أن يفكر كل إنسان ومسؤول، أو أب وأم، أو مدرس وعامل، فيما سيتركه من ذكرى طيبة في نفوس الآخرين، بعد خروجه من العمل، أو انتهاء المسؤولية التي أسندت اليه، أو رحيله عن الدنيا.. هل سيدعو له الناس بالخير، أم سيدعون عليه بالشر.. وقديما قالت العرب عن دعوة الآخرين: «تراها تبطي بس ما تخطي».. أي أن الاستجابة للدعاء قد تتأخر ولكنها لا تخطئ، وتصيب بسهامها يوما ما.. فاحذروا منها وتجنبوها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك