العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

ألوان

الفنان المخرج عبدالله السعداوي يغادرنا بصمت دون أن يغلق أبواب المسرح!

الأحد ٠٤ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

كتب‭: ‬المحرر‭ ‬الثقافـي

بعد‭ ‬عمر‭ ‬طويل،‭ ‬وانشغال‭ ‬لا‭ ‬يهدأ‭ ‬بفن‭ ‬المسرح‭ ‬الذي‭ ‬حمله‭ ‬كالوليد‭ ‬الصغير‭ ‬على‭ ‬قلبه،‭ ‬سنوات‭ ‬انشغل‭ ‬فيها‭ ‬بحلمه‭ ‬وبإصراره‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكبر‭ ‬هذا‭ ‬الحلم،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬عنه‭ ‬واصفاً‭ ‬إياه‭ ‬الراحل‭ ‬الفنان‭ ‬والمخرج‭ ‬الكبير‭ ‬عوني‭ ‬كرومي‭: ‬‮«‬بالصعلوك‭ ‬المشرد‮»‬‭ ‬إنه‭ ‬المخرج‭ ‬والفنان‭ ‬المسرحي‭ ‬عبدالله‭ ‬السعداوي‭ ‬الذي‭ ‬غادرنا‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬السبت،‭ ‬بعد‭ ‬مسيرة‭ ‬فنية‭ ‬امتدت‭ ‬بعمر‭ ‬قامته‭ ‬الرائدة‭.‬

فالفنان‭ ‬عبدالله‭ ‬السعداوي،‭ ‬مخرج‭ ‬وممثل‭ ‬وكاتب‭ ‬سيناريوهات‭ ‬مسرحية،‭ ‬وناقد‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السينما‭ ‬والمسرح‭ ‬والأدب‭ ‬والقضايا‭ ‬الفكرية‭ ‬المتنوعة،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬حياته‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1964‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬المؤلفات‭ ‬المسرحية‭ ‬العالمية‭.‬

التحق‭ ‬السعداوي‭ ‬بفرقة‭ ‬المسرح‭ ‬الاتحاد‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق‭ ‬ليشارك‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬عمل‭ ‬مسرحي‭ ‬تقدمه‭ ‬الفرقة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ (‬انتيجونا‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1970‭.‬

شارك‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مسرح‭ ‬السد‭ ‬مع‭ ‬الفنان‭ ‬القطري‭ ‬غانم‭ ‬السليطي‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الفنانين،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1975‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مسرح‭ ‬الشارقة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬الإماراتيين،‭ ‬والتقى‭ ‬حينها‭ ‬الفنان‭ ‬العراقي‭ ‬جلال‭ ‬إبراهيم،‭ ‬الذي‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬السعداوي‭ ‬الفنية‭.‬

بدأ‭ ‬تأسيس‭ ‬مختبر‭ ‬نادي‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى،‭ ‬واستقطب‭ ‬فيه‭ ‬الشباب،‭ ‬الذين‭ ‬قدم‭ ‬معهم‭ ‬أول‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الرجال‭ ‬والبحر‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أسس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭ - ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ - ‬مسرح‭ ‬الصواري‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬ثالث‭ ‬فرقة‭ ‬مسرحية‭ ‬أهلية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

أسهم‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مهرجان‭ ‬الهواة،‭ ‬الذي‭ ‬يقيمه‭ ‬مسرح‭ ‬الصواري‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬الإخراج‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬التجريبي‭ ‬عن‭ ‬مسرحيته‭ ‬‮«‬الكمامة‮»‬‭ ‬كما‭ ‬نال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجوائز،‭ ‬وتم‭ ‬تكريمه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭.‬

أخرج‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬المسرحية‭ ‬منها‭: ‬‮«‬الرجال‭ ‬والبحر‮»‬‭ ‬لعوني‭ ‬كرومي،‭ ‬‮«‬الصديقان‮»‬‭ ‬لمحي‭ ‬الدين‭ ‬زنكنة،‭ ‬‮«‬الجاثوم‮»‬‭ ‬ليوسف‭ ‬الحمدان،‭ ‬‮«‬الرهائن‮»‬‭ ‬لعصام‭ ‬محفوظ،‭ ‬‮«‬اسكوريال‮»‬‭ ‬لميشيل‭ ‬دي‭ ‬غيلدرود،‭ ‬‮«‬الكمامة‮»‬‭ ‬لألفونسو‭ ‬ساستري،‭ ‬‮«‬القربان‮»‬‭ ‬لصلاح‭ ‬عبدالصبور،‭ ‬‮«‬الطفل‭ ‬البريء‮»‬‭ ‬لبريم‭ ‬تشند،‭ ‬‮«‬الكارثة‮»‬‭ ‬لعبدالله‭ ‬السعداوي،‭ ‬‮«‬الستارة‭ ‬المغلقة‮»‬‭ ‬لمحمد‭ ‬عبدالملك،‭ ‬‮«‬ابني‭ ‬المتعصب‮»‬‭ ‬لحنيف‭ ‬قريشي،‭ ‬‮«‬بورتريه‮»‬‭ ‬لغالية‭ ‬قباني،‭ ‬‮«‬الحياة‭ ‬ليست‭ ‬جادة‮»‬‭ ‬لخوان‭ ‬رولفو،‭ ‬‮«‬الساعة‭ ‬12‭ ‬ليلا‮»‬‭ ‬لعبدالله‭ ‬السعداوي‭.‬

وفي‭ ‬السيرة‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬عبدالله‭ ‬السعداوي‭ ‬ما‭ ‬يحفز‭ ‬الآخرين‭ ‬على‭ ‬غرس‭ ‬أسس‭ ‬بناء‭ ‬المسرح‭ ‬الحديث،‭ ‬المسرح‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬السعداوي‭ ‬شجرة‭ ‬لها‭ ‬جذور‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬حلمه‭ ‬لكنه‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬كسر‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المحبطات،‭ ‬ضمن‭ ‬مسيرة‭ ‬احترق‭ ‬بجذوتها‭ ‬ومازال‭ ‬مصراً‭ ‬على‭ ‬احتضانها،‭ ‬كونه‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬المسؤولية‭ ‬التي‭ ‬تقيده‭ ‬ولا‭ ‬تترك‭ ‬له‭ ‬فرصة‭ ‬الابتعاد‭ ‬عنها،‭ ‬كونه‭ ‬مؤمناً‭ ‬إن‭ ‬الضوء‭ ‬لا‭ ‬يشعل‭ ‬الوشيعة‭ ‬دون‭ ‬جذوة‭ ‬مختبئة‭ ‬في‭ ‬الرماد‭.‬

فالمسرح‭ ‬عالمه‭ ‬الذي‭ ‬فضله‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الفنون،‭ ‬معتبراً‭ ‬أن‭ ‬الجنون‭ ‬هو‭ ‬المسرح‭ ‬وأن‭ ‬اللعب‭ ‬على‭ ‬تحريك‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬لا‭ ‬ينبئ‭ ‬بالحلم‭ ‬وحده،‭ ‬فالأيام‭ ‬التي‭ ‬استوطن‭ ‬مرابعها‭ ‬تركت‭ ‬له‭ ‬عرسا‭ ‬واحدا‭ ‬وهو‭ ‬العريس‭ ‬يجر‭ ‬طيفه‭ ‬كل‭ ‬مساء‭ ‬ليشغل‭ ‬الآخرين‭ ‬بحيرة‭ ‬السؤال،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬صعبا‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مستحيلاً،‭ ‬فالفناء‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬فن‭ ‬المسرح‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬السعداوي،‭ ‬صحوة‭ ‬تقرع‭ ‬أبواب‭ ‬الكنائس‭ ‬ومآذن‭ ‬لا‭ ‬تقلق‭ ‬تسابيح‭ ‬دون‭ ‬فضاء‭ ‬مسرح‭ ‬الحياة،‭ ‬عالم‭ ‬يغسلنا‭ ‬بالنقاء،‭ ‬ويحملنا‭ ‬رسالة‭ ‬البناء،‭ ‬كما‭ ‬رآها‭ ‬السعداوي‭ ‬ولم‭ ‬يهدأ‭ ‬وهو‭ ‬الآن‭ ‬يتنحى‭ ‬ببياض‭ ‬سنوات‭ ‬عمره،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬قاس،‭ ‬وذاكرة‭ ‬مشوهة،‭ ‬لكنه‭ ‬مؤمن‭ ‬أن‭ ‬الوليد‭ ‬سيقطع‭ ‬قماط‭ ‬حبسه‭ ‬ويعود‭ ‬بالرقص‭ ‬فوق‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح،‭ ‬دنيا‭ ‬يشعلها‭ ‬جنون‭ ‬لا‭ ‬يقبر‭!‬

ولن‭ ‬نقول‭: ‬وداعاً‭ ‬للسعداوي،‭ ‬ولن‭ ‬نغلق‭ ‬المسرح‭ ‬لأنك‭ ‬لم‭ ‬تغادره‭ ‬ولم‭ ‬تتركنا‭ ‬وحيدين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا