انتقد رئيس الوزراء الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح نظام الدعم الاجتماعي في بلاده، مشيرا إلى عدم إمكانية التمادي في اتّباع نموذج دولة الرفاه بالاعتماد على ثروة النفط الآيلة للنضوب.
ويلامس رئيس الحكومة الكويتية المعيّن حديثا من قِبل أمير البلاد الجديد الشيخ مشعل الأحمد بهذا النقد موضوعا حسّاسا أصبح منذ مدّة في قلب النقاشات الدائرة في الكويت بشأن ضرورة إصلاح اقتصاد البلاد وماليتها العامّة المرتهنة بشكل شبه تامّ لعوائد النفط.
وتسود صناع القرار الكويتي قناعة بأنّ الإصلاح المنشود يمرّ حتما عبر تخفيف عبء الدعوم السخية التي تقدّمها الدولة الكويتية وتجاوزت تبعاتها الجوانب المالية إلى خلق حالة من الاتّكالية على الدولة.
وتعاني الكويت بالإضافة إلى ارتفاع فاتورة الدعوم خمول القطاع الخاص وتضخّم القطاع العام الذي تحوّل بفعل ضعف إنتاجيته إلى نوع من الكفالة الاجتماعية المقنّعة.
ورغم مضي سنوات طويلة على الإقرار بوجوب التخلّص التدريجي من نموذج دولة الرفاه فإن تطبيق ذلك بشكل عملي تعذّر بفعل قيام أعضاء البرلمانات المتعاقبة بدور الحرّاس الأمناء له على خلفية اعتمادهم الكبير على الشعبوية والعمل باستمرار على استرضاء المواطنين لاستدامة أدوار لهم في الحياة السياسية بالبلاد.
ولا يخرج نواب البرلمان الحالي عن هذا النهج المعارض لأي إصلاحات تمسّ بالمكتسبات الاجتماعية الكبيرة للكويتيين، لكن الأمر المستجد هو القوة التي يحظى بها رئيس الوزراء الجديد المدعوم من قبل الأمير الذي كشف بدوره عن توجّهات إصلاحية.
ويمكن للشيخ محمد الصباح أن يستند في موازنة القوة التي يمتلكها مجلس الأمّة إلى المنصب المهم الذي أسنده إليه الشيخ مشعل الأحمد بالإضافة إلى ترؤسه الحكومة وهو منصب نائب أمير البلاد.
وجاءت تصريحات الشيخ محمّد الصباح للصحفيين عشيّة عقد جلسة برلمانية يتوقع أن يثار خلالها الخلاف بشأن الأجندة التشريعية للنواب التي تتضمّن إقرار المزيد من المكاسب الاجتماعية، بينما بدت الحكومة متحفظة عليها من خلال مطالبتها بتأجيل النقاش حولها.
ولفت رئيس الوزراء الكويتي إلى أنّ الدعوم تستهلك أكثر من عشرين في المائة من الميزانية العامة للدولة، معتبرا أنه ليس من العدالة تساوي المقتدر والمحتاج في الحصول على تلك الدعوم.
ويتضمن هذا الكلام إشارة إلى إمكانية اللجوء إلى اعتماد أسلوب الدعم الموجّه المتّبع من قبل العديد من الدول ويقوم على اقتصار منح الدعوم على طبقات معيّنة تحتاج إليه بالفعل.
وحدّد الشيخ محمد الصباح الطبقة التي تنوي حكومته استهدافها بالدعم قائلا إنّ الطبقة الوسطى يجب أن يكون لها نصيب الأسد من الدعوم، بينما الطبقة عالية الدخل تستطيع أن تتخلى عن جزء من هذه الدعوم لصالح من هم أحوج منها إليها.
وتظهر أرقام وزارة المالية الكويتية الصادرة حول مشروع موازنة 2024-2025 تراجعا في مخصصات الدعوم من مستواها الحالي المقدّر بـ19.83 مليار دولار إلى 15.17 مليارا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك