أكدت محكمة التمييز أن «الغيبوبة المانعة من المسؤولية» هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا أو على غير علم بحقيقة أمرها، وأن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسؤولا عن الجرائم التي تقع منه تحت تأثيرها والقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك، الذي يتوافر معه القصد الجنائي لديه في الجرائم التي يرتكبها، جاء ذلك في حيثيات رفضها طعنا لرجل عربي الجنسية محكوم بالسجن 3 سنوات مع الإبعاد.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى نشوب خلاف بين المتهم وحبيبته السابقة، فشرع في خطفها بواسطة مشرط معدني وهددها بالقتل بوضع تلك الأداة على رقبتها وأجبرها على الصعود الى سيارته وقادها 200 متر إلى أن تمكنت من مقاومته والقاء نفسها من السيارة مسببا لها إصابات متفرقة، وقد أُدين بالحبس ثلاث سنوات من قبل المحكمة الكبرى الجنائية مع الابعاد النهائي، وتأييد الحكم من قبل محكمة الاستئناف، وقد طعن أمام محكمة التمييز دفعا بأنه كان في حالة سُكر ولا يعي أفعاله.
إلا أن المحكمة أكدت ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي، وأن ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة سكر عند مقارفة الجريمة مردودا بأنه لما كان الحكم قد اثبت أن الطاعن تناول المسكر باختياره وهو ما لم يجادل الطاعن فيه بوجه الطعن، فإنه ليس له من بعد أن يعيب على الحكم عدم بحث درجة هذا السكر الاختياري ومبلغ تأثيره في إدراكه وشعوره في صدد جريمة الشروع في خطف انثى باستعمال القوة التي أدين بها ما دام القانون لا يستلزم فيها قصدا خاصا اكتفاء بالقصد العام لعدم جدوى هذا البحث.
وقالت إن الأصل - على ما جرى به قضاء محكمة التمييز - أن الغيبوبة المانعة من المسؤولية على مقتضى المادة 34 من قانون العقوبات هي تلك التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه أو على غير علم بحقيقة أمرها، ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسؤولا عن الجرائم التي تقع منه تحت تأثيرها، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام، ولما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
وأشارت أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن اليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وأن من حقها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى بحسب ما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك