طلب الشاعر الكبير محمد الشحات من خلال ديوانه الجديد الذى يحمل رقم 24 في سلسلة دواوينه الشعرية التي بدأها عام 1974 بديوانه الأول (الدوران حول الرأس الفارغ) بوضع القصائد فوق قبره، من خلال ديوانه الجديد (ضعوا القصائد فوق قبري) الذي صدر عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، ويضاف الى سلسله اصدارات الشاعر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب المقام حاليا بالقاهرة.
يقول الناقد التونسي أصيل الشابي عن هذا الديوان واللاّفت للانتباه إنّ هاته الغربة تتعمّق شعريّا من خلال التعويل على سرد مرهف شفيف يتلقّف اليومي والبسيط والهامشي ليعيد صياغته صياغة رمزيّة تدهشنا بأنّ غربة الشاعر ليست فقط غربة عن الناس، وإنّما هي فيما وراء ذلك غربة عن الجسد الذي يحاول أن يرى ويسمع ويتنفّس ويشمّ به، لذلك يقول في ديوان «يكتب في دفتره»: عدت إلى وجهي/ فيما حاول/ أن ينفلت/ ويهرب/ ويغلق كلّ مداخله) ص25. وها هي هاته الغربة تتأكّد في ديوان «ضعوا القصائد فوق قبري» إلى الحدّ الذي يجاور فيه الموت الحياة ويُحيط بها. والموت هنا له صياغات متنوّعة، أبرزها الوصيّة بصيغة الجمع هاته على غلاف الديوان «ضعوا القصائد فوق قبري» فالقصائد في عمومها وصايا صريحة أو ضمنيّة يدركها القارئ العربي والغربي على حدّ السواء لما للوصيّة من حضور كبير في الوجدان والثقافة، إنّه منحى يؤكّده كذلك الإهداء الذي جاء فيه: «إلى حفيدي رامي إسلام الشحّات، لا تنس أن تضع قصائدي فوق قبري».
ويضيف الشابي خلال قراءته للديوان يجعلنا محمّد الشحّات ونحن نقرأ شعره نواجه ذواتنا ونرهف السمع لتجربة الذات المتكلّمة أوّلا من خلال تأمّل تفاصيل الحياة، هاته التفاصيل التي تهرب سريعا بلا رجعة أو تتخفّى وراء المألوف والهامشي، وثانيا من خلال الإنصات للتجربة الإنسانيّة والتقاط الألم الذي تزخر به، هذا الألم الذى يدفع الإنسان إلى تجاوزه في هاته الانعطافة وفي هاته الانعطافة الأخرى وفي غيرها بلا توقّف، فالذات تحاول أن تزحزح عنها الغربة الموجعة وتحاول أن تواجه هشاشة وجودها في عالم متحوّل يستحيل فيه المعلوم مجهولا والقريب بعيدا والحميمي غريبا، في عالم يخاصم فيه الحاضر الماضي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك