العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

محكمة العدل.. ودلالة الصورة

مع‭ ‬النقل‭ ‬التلفزيوني‭ ‬والاهتمام‭ ‬العالمي‭ ‬المباشر‭ ‬لجلسات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬رفعتها‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتهمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬ومع‭ ‬إعلان‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة‭ ‬تقديم‭ ‬مذكرة‭ ‬للمحكمة‭ ‬حول‭ ‬الممارسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬الصورة‭ ‬المعلقة‭ ‬في‭ ‬جدران‭ ‬المحكمة،‭ ‬ورحت‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬مغزاها‭ ‬ودلالاتها‭.‬

في‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬شعار‭ ‬الميزان‭ ‬في‭ ‬قاعات‭ ‬المحاكم،‭ ‬لتأكيد‭ ‬تحري‭ ‬الحق‭ ‬والعدل،‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬تضع‭ ‬آيات‭ ‬قرآنية‭ ‬أو‭ ‬عبارات‭ ‬ذات‭ ‬حكمة،‭ ‬وغيرها،‭ ‬وفقا‭ ‬لثقافة‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬ومجتمع،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬التي‭ ‬تنظر‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬البشرية‭ ‬أجمع،‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬آيات‭ ‬قرآنية‭ ‬ولا‭ ‬عبارات‭ ‬أخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬صورة‭ ‬معينة‭ ‬لها‭ ‬دلالات‭ ‬كثيرة،‭ ‬وجدتها‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المواقع‭ ‬الإعلامية‭ ‬المختصة‭ ‬التي‭ ‬تصف‭ ‬قاعة‭ ‬المحكمة‭ ‬والصورة‭ ‬التي‭ ‬علقت‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الجدران‭.‬

وقد‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭: ‬تتوسط‭ ‬إحدى‭ ‬جدران‭ ‬‮«‬قصر‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬مقر‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬لوحة‭ ‬كبيرة‭ ‬بطول‭ ‬6‭ ‬أمتار،‭ ‬بريشة‭ ‬الفنان‭ ‬ألبرت‭ ‬بسنارد‭ (‬1849-1934‭) ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬السلام‭ ‬والعدالة‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬مليئة‭ ‬بالرموز‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬أغلبها‭ ‬إلى‭ ‬العدل‭.‬

وأهدت‭ ‬فرنسا‭ ‬اللوحة‭ ‬المرسومة‭ ‬عام‭ ‬1914‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬قصر‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬تقع‭ ‬المحكمة،‭ ‬وعلقت‭ ‬اللوحة‭ ‬في‭ ‬القاعة‭ ‬الرئيسية‭ ‬حيث‭ ‬تقع‭ ‬المداولات‭ ‬عام‭ ‬1926‭.. ‬ففي‭ ‬الجزء‭ ‬العلوي‭ ‬من‭ ‬اللوحة،‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬تظهر‭ ‬موازين‭ ‬العدالة،‭ ‬الرمز‭ ‬التقليدي‭ ‬للعدالة‭.. ‬وفي‭ ‬أدناها‭ ‬تم‭ ‬تصوير‭ ‬العدالة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬امرأة‭ ‬ترتدي‭ ‬اللون‭ ‬الأحمر‭. ‬العدالة‭ ‬تستمع‭ ‬إلى‭ ‬مرافعات‭ ‬المحامين‭ ‬الواقفين‭ ‬بجانبها‭.‬

أما‭ ‬المحامي‭ ‬الذي‭ ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬اليسار‭ ‬يتوسل‭ ‬بشغف‭ ‬وإيماءات‭ ‬يده‭ ‬الجامحة‭. ‬المحامي‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الأيمن‭ ‬ذو‭ ‬مظهر‭ ‬أبوي،‭ ‬يتوسل‭ ‬بطريقة‭ ‬هادئة،‭ ‬وفي‭ ‬الجزء‭ ‬السفلي‭ ‬من‭ ‬اللوحة‭ ‬تظهر‭ ‬إلهة‭ ‬السلام‭ ‬إيرين‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬طفلاً‭ ‬هو‭ ‬بلوتوس‭ ‬إله‭ ‬الرخاء،‭ ‬وغصن‭ ‬زيتون‭ ‬هو‭ ‬رمز‭ ‬السلام‭ ‬والنصر‭. ‬ويمثل‭ ‬المحاربون‭ ‬على‭ ‬خيولهم‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬الذين‭ ‬يغادرون‭ ‬المعركة‭. ‬سيدة‭ ‬السلام‭ ‬تفرقهم‭ ‬وترسلهم‭ ‬في‭ ‬طريقهم‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬تفاصيل‭ ‬ودلالات‭ ‬الصورة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬السلام،‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬المذكرة‭ ‬التي‭ ‬تقدمت‭ ‬بها‭ ‬مصر‭ ‬للمحكمة،‭ ‬فتتضمن‭ ‬رأيا‭ ‬استشاريا‭ ‬طلبته‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬حول‭ ‬السياسات‭ ‬والممارسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967‭. ‬وتشمل‭ ‬المذكرة‭ ‬المصرية‭ ‬تأكيد‭ ‬عدم‭ ‬شرعية‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ومخالفة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬العام،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬مصر‭ ‬مرافعتها‭ ‬يوم‭ ‬غد‭ ‬الأربعاء‭.‬

موقف‭ ‬مصر‭ ‬الحالي،‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬للمواقف‭ ‬التاريخية‭ ‬المشرفة،‭ ‬والداعمة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستميتة‭ ‬تحميل‭ ‬مصر‭ ‬عدم‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ردت‭ ‬عليه‭ ‬مصر‭ ‬الرد‭ ‬السريع‭ ‬الذي‭ ‬عرى‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والادعاءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الباطلة‭.‬

يهمنا‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬دولنا‭ ‬الخليجية‭ ‬قدمت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تقدم‭ ‬الدعم‭ ‬والتحرك‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬وهي‭ ‬مواقف‭ ‬راسخة،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬السكوت‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تشكيك‭ ‬فيها‭ ‬أو‭ ‬نكران‭ ‬لها‭.‬

أما‭ ‬تلك‭ ‬الصورة‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬السلام‭ ‬المعلقة‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬جدران‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭.. ‬فلو‭ ‬أنها‭ ‬نطقت‭ ‬لأصدرت‭ ‬كلمة‭ ‬الحق‭ ‬وقرار‭ ‬العدل‭.. ‬ليس‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬فحسب،‭ ‬ولكن‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬دعمها‭ ‬وأنشأها،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وتنكيل‭ ‬وتهجير‭ ‬وتشريد،‭ ‬ليس‭ ‬إبادة‭ ‬ولا‭ ‬جريمة‭ ‬ولا‭ ‬عنصرية‭..!!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا