الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
تجربة واقعية في المحاكم الشرعية
في الأسبوع الماضي زرت مبنى القضاء الشرعي بمنطقة الحنينية بالرفاع، لإجراء معاملة روتينية.. كانت هي الزيارة الأولى لي لهذا الصرح الشامخ والمبنى المعماري المتميز.. وقد شاهدت حجم التطور والتقدم الذي تسير به السلطة القضائية المستقلة في بلادنا، وعجبت من تكاسلنا وتقصيرنا في إبراز ما حققه هذا المشروع الحضاري، من خصوصية أسرية رفيعة، بعيدا عن مقر المحاكم في منطقة الدبلوماسية بالعاصمة المنامة.
حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه أمر بتخصيص مبنى مستقل للمحاكم الأسرية بشقيها، يراعي خصوصية القضايا الشرعية الأسرية، ويسرع في إجراءاتها، تأكيدا لحرص واهتمام جلالته بالأسرة البحرينية، وللحفاظ على خصوصيتها، وتعزيز استقرارها المجتمعي، وبدعم ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
وفكرة إنشاء مشروع مبنى خاص للقضاء الشرعي والمحاكم الأسرية كانت قد انبثقت من توصيات المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية الذي حمل شعار: «المرأة والقانون: مسيرة وإنجاز.. تحديات وتطلعات»، في عام 2016م، برعاية كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة الملك المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، وبالتزامن مع مناسبة يوم المرأة البحرينية، الذي خصص في ذلك العام للاحتفاء بالمرأة في المجال القانوني والعدلي، وخلاله تم تدشين بوابة المرأة في المجال العدلي والقانوني في المجلس الأعلى للقضاء، وصفحة متخصصة بتشريعات المرأة بهيئة التشريع والرأي القانوني.
خلال زيارتي لمبنى القضاء الشرعي وجدت التنظيم والانسيابية في العمل، بدءا من توافر مواقف السيارات، وأماكن الاستراحة والانتظار، مرورا بإجراءات العمل الالكتروني، ومهنية وإنسانية القضاة الأجلاء، وحسن الاستقبال والتعامل من الموظفين الكرام، وسرعة انجاز المعاملات، بدقة متناهية، وحرفية متميزة، وحرص كبير.
كنت أتصور أن هذا الأمر وآلية العمل وانسيابية التنظيم موجودة فقط في مباني شركات الاتصالات والبنوك والمصارف الضخمة ومؤسسات القطاع الخاص، التي تحرص على راحة الزبون والزائر، ولكن ما وجدته في مبنى القضاء الشرعي من تنظيم وانسيابية، ومن سرعة في إنجاز الإجراءات، مع الحفاظ على الخصوصية، أمر مبهر جدا، ويبعث على الفخر والاعتزاز.
صور ومواقف إنسانية كثيرة شاهدتها هناك، تؤكد الغاية الكبرى من وجود المبنى المستقل للمحاكم الأسرية، التي تحفظ خصوصية الأسرة، وتعزز من استقرارها، وتسهم في ترسيخ التوافق الأسري، وفق القانون والشريعة الإسلامية السمحة، وكذلك القيم المجتمعية الأصيلة والثوابت الوطنية الراسخة.
ولكوني عملت مدرسا سابقا في المعهد الديني بوزارة التربية والتعليم، فقد تشرفت بلقاء عدد من القضاة الأفاضل، والموظفين المحترمين، الذين أبدوا كل التقدير والاحترام وسعدت بهم، وأبلغوني أنني كنت مدرسا لهم، على الرغم من نسياني أسماء كل من تشرفت بتدريسهم.. ربما لتعاقب الزمن وكبر السن.
مبنى القضاء الشرعي إنجاز وطني رفيع لمملكة البحرين، والمجلس الأعلى للقضاء، والمجلس الأعلى للمرأة، ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.. وحيث إن تطوير القضاء البحريني كان من ضمن أولويات العمل الحكومي ورؤية البحرين 2030، فإن الأمر يستوجب كذلك تضمين مواصلة التطوير القضائي في رؤية البحرين 2050.. لأن المجتمع البحريني سيكون بخير دائما طالما القضاء الشامخ بخير وتطور مستدام.
صحيح أن بعض إجراءات المحاكم قد تحتوي على عدد من الملاحظات، وتستلزم المزيد من المقترحات التطويرية، ولكنني اليوم أردت أن أبرز وجها مشرقا وتجربة واقعية في المحاكم الشرعية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك