أرست محكمة التمييز مبدأ قانونيا مهما أكد جواز إطلاع أحد الزوجين على هاتف الآخر متى اقتضى الأمر، وأكدت المحكمة أن علاقة الزوج وزوجته ليست على الإطلاق بمثابة الغير في صدد السرية المقررة للمكاتبات سواء في أوراق العمل أو داخل الهاتف أو أي شيء آخر، وأن عشرة الزوج والزوجة وسكون كل منهما للآخر وما يفرضه عليهما عقد الزواج من تكاليف لصيانة الأسرة وحفظ كيانها وسمعتها يخول لكل منهما ما لا يباح للغير من مراقبة الزميل في السلوك أو السيرة، بما يسمح عند الاقتضاء في الحياة الزوجية أن يتقصى الزوج ما عساه أن يساوره من ظنون أو شكوك لكي يكون على بينة من عشيره ليثبت منها ويقرر ما يرتئيه.
جاء ذلك في حيثيات رفضها طعن مدانة بالحبس سنتين بعد أن اكتشف زوجها علاقة غير شرعية لها مع آخر اعترف بالواقعة صدر بحقه حكما بالحبس عامين أيضا، حيث دفعت محامية الطاعنة ببطلان ما قدمه زوجها من دلائل على الجريمة كونه تحصل عليها من هاتفها خلسة وقد يكون تلاعب بها، وأن اعتراف المتهم الثاني شريك المتهمة في الجريمة لا يصلح للإدانة، وكون الشريعة اشترطت وجود 4 شهود على جريمة الزنا.
إلا أن المحكمة أكدت أنه إذا كانت الزوجة حامت حولها عند زوجها شبهات قوية، فإنه يكون له أن يستولي ولو خلسة على ما يعتقد وجوده من رسائل الشبهات سواء في حقيبتها أو هاتفها الموجود في بيته وتحت بصره ثم إن يشهد بها عليها إذا رأى محاكمتها جنائيا لإخلالها بعقد الزواج، وأن المحكمة قدرت من واقع الدعوى توافر الظنون لدى الزوج وفتحه هاتف الطاعنة والاطلاع على ما بداخله من محادثات فإنه لا تثريب عليه وجاز للمحكمة أن تستند إلى تلك الدلائل الخاصة بالطاعنة وشريكها المتهم الثاني، وخاصة أنها لم تنف صدورها عنها أو تنكرها وعجزت عن نفيها.
وأكدت المحكمة أن القانون لم يشترط أدلة خاصة لجريمة الزنا في حق الزوجة بل ترك الأمر للقواعد العامة بحيث إذا اقتنع القاضي بالدليل والقرينة فله التقرير بارتكابها وإدانتها وتوقيع العقاب عليها، مؤكدة أن دلائل الواقعة من اعتراف المتهم الثاني شريك المتهمة بالجريمة، هو اعتراف وشهادة تقدرها المحكمة التقدير الذي تطمئن إليه، بالإضافة إلى القرائن الأخرى التي اطمأنت إليها المحكمة في حدود سلطاتها بما لا يخرج من الاقتضاء العقلي والمنطقي ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة بشأن انتفاء جريمة الزنا وعدم وجود دلائل على ارتكابها الجريمة غير منطقي.
وردت المحكمة على دفاع الطاعنة فيما يتعلق بالشهود الأربعة طبقا للشريعة الإسلامية بأنه لا مجال للتحدي بنصوص الشريعة كون السلطة التشريعية لم تفرغ مبادئها من الشريعة، وأن الشارع لم يتطلب لإثبات الزنا إقرار المتهمة أو وجود أربعة شهود، ولم يقيد القاضي بالحكم على مرتكبها بنصاب معين للشهادة أو بدليل محدد، وهو ما لم يخالفه الحكم المطعون وتقضي معه المحكمة برفض الطعن المقدم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك