يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
لا أحد يهتم بالعرب
في الأسبوع الماضي عقد اجتماعان على الصعيد العربي والاسلامي المفروض انهما مهمان. الاجتماع الأول اجتماع استثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية. والثاني اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية.
بالطبع كان الموضوع الرئيسي في الاجتماعين، والوحيد تقريبا، هو حرب الابادة الصهيونية على الشعب الفلسطيني في غزة والموقف العربي والاسلامي.
كما هي العادة صدر عن الاجتماعين بيانان يتضمنان الموقف من حرب الابادة والجرائم الصهيونية.
المفروض ان الاجتماعين معا وما يصدر عنهما لهما أهمية بالغة اذ يعبران عن موقف كل الدول العربية والاسلامية.
الأمر الذي ليس غريبا انه لم يحدث أن اهتم أحد في العالم، وخصوصا في الدول الغربية بالاجتماعين وما صدر عنهما. حتى وكالات الأنباء العالمة وأجهزة الاعلام الكبرى لم تجد هناك ما يدعو إلى نشر أي أخبار عن الاجتماعين أصلا وما صدر عنهما.
أقول إن هذا التجاهل ليس غريبا، فهذه هي مكانة الدول العربية اليوم وحدود تأثيرها في العالم.
لكن لماذا؟.. لماذا يتجاهل العالم العرب على هذا النحو؟
لأن العالم كله بات يعلم ان الدول العربية ليس لديها ما تقوله او تفعله سوى إصدار بيانات إنشائية لا تقدم ولا تؤخر وليس لها أي وزن أو تأثير. أعداء العرب في مقدمة من يعرفون هذا، ويتعاملون مع الدول العربية على هذا الأساس. الدول العربية والاسلامية حين يعلنون عن مواقف ويصدرون بيانات يستخدمون لغة سياسية منقرضة لم يعد لها قيمة في عالم النفوذ والتأثير.
لغة التصريحات والبيانات الانشائية والتهديد والوعيد اللفظي من دون أي إجراء عملي محدد لم تعد لغة متداولة في عالم اليوم الذي لا يعرف الا لغة القوة والحزم والحسم العملي.
العجيب ان الدول العربية والاسلامية نفسها تعرف هذا، ولذلك نجد أن البيانات تحمل مواقف عجيبة بلا أي معنى ولا ضابط او رابط. ولنتأمل مثلا ما صدر عن الاجتماعين.
اجتماع منظمة التعاون الإسلامي أصدر بيانا يبدو ناريا يحذر فيه كل الدول التي تشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
تحذرهم من ماذا بالضبط؟ ما الذي ستفعله الدول الاسلامية اذا لم تستمع الدول المشاركة في الابادة إلى هذا التحذير؟.. ماذا سيحدث لها؟ وأي ثمن يمكن ان تدفعه؟ طبعا لا شيء. الكل يعلم انه مجرد كلام.. أي كلام.
والبيان يدعو الى فكّ الحصار ومنع إسرائيل من مواصلة ارتكاب جرائمها؟.. تدعو من؟.. ومن سيمنع إسرائيل؟ وكيف؟
واجتماع وزراء الخارجية العرب في بيانه بعد أن ادان بالطبع بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي وجرائمه، دعا مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار يلزم إسرائيل بوقف الإبادة الجماعية والعدوان.
الدول العربية تعلم جيدا ان مجلس الأمن عاجز مشلول وان الفيتو الأمريكي جاهز لمنع صدور أي قرار ضد الكيان الصهيوني، فما هي القيمة العملية إذن لهذه الدعوة التي وجهوها لمجلس الأمن؟.. وماذا ستفعل الدول العربية اذا لم يصدر هذا القرار؟.. مرة أخرى مجرد كلام.. أي كلام.
الدول العربية أصبحت خارج حساب القوة والنفوذ في العالم. أعداء الأمة العربية يشنّون علينا حرب إبادة همجية لم يشهدها التاريخ ونحن نحاربهم بالكلام الانشائي المملّ والبيانات التي أصبحت مستفزة من فرط هشاشتها وسذاجتها.
ليس من الغريب أن العالم أصبح يتعامل مع العرب على اعتبار أنهم غير موجودين أصلا ولا يستحقون أي اهتمام.
إذا استمر حال الدول العربية على هذا النحو، فإن الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على أهلنا في غزة اليوم سوف تمتد إلى كل أنحاء الوطن العربي.
قلت أكثر من مرة من قبل إنه طالما ان الدول العربية ليس لديها أي شيء تفعله أو أي إجراء عملي تهدد به، فمن الأفضل ألا تعقد مثل هذه الاجتماعات وتصدر مثل هذه البيانات. من الأفضل ألا نصر هكذا على ان نظهر للعام مرارا وتكرارا خيبتنا وضعفنا وهواننا. هذا في حد ذاته أكبر تشجيع لأعداء الأمة على المضي قدما في مخططات إبادتنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك