العدد : ١٦٩٩٢ - الاثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٢ - الاثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

رمضان يلف بالحزن خيم النازحين في قطاع غزة

الثلاثاء ١٢ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

قطاع‭ ‬غزة‭ - (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬يخيم‭ ‬الحزن‭ ‬والبؤس‭ ‬على‭ ‬خيم‭ ‬النازحين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬حيث‭ ‬يتكدّس‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬ممن‭ ‬فروا‭ ‬من‭ ‬القصف‭ ‬والمعارك‭ ‬ليجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬فريسة‭ ‬الجوع‭ ‬والعطش‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭. ‬

‮«‬حسبي‭ ‬الله‭ ‬ونعم‭ ‬الوكيل‮»‬،‭ ‬تقول‭ ‬ميساء‭ ‬البلبيسي‭ (‬39‭ ‬عاما‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬مخيم‭ ‬جباليا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬وقد‭ ‬وقفت‭ ‬باكية‭ ‬تضرب‭ ‬كفًا‭ ‬بكف‭ ‬وطفلتها‭ ‬الرضيعة‭ ‬بين‭ ‬ذراعيها،‭ ‬أمام‭ ‬خيمة‭ ‬بسيطة‭ ‬محتوياتها‭ ‬بالية‭ ‬تقيم‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬وطفليها‭ ‬في‭ ‬ملعب‭ ‬برقة‭ ‬وسط‭ ‬سوق‭ ‬الشابورة‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬رفح‭. ‬

وبدت‭ ‬المرأة‭ ‬المتشحة‭ ‬بالسواد‭ ‬حدادًا‭ ‬على‭ ‬أقاربها‭ ‬والدمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬ببيوتهم‭ ‬حائرة‭ ‬ماذا‭ ‬ستعدّ‭ ‬للإفطار‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬رمضان،‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬الخيمة‭ ‬سوى‭ ‬حبة‭ ‬طماطم‭ ‬واحدة‭ ‬مع‭ ‬علبة‭ ‬جبن‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬قطعة‭ ‬خبز‭. ‬

وتقول‭: ‬‮«‬كل‭ ‬شيء‭ ‬غالٍ،‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬شراء‭ ‬الخضار،‭ ‬حتى‭ ‬الفاكهة‭ ‬غير‭ ‬موجودة‭... ‬على‭ ‬السحور‭ ‬تناولنا‭ ‬بضع‭ ‬قطع‭ ‬من‭ ‬لحم‭ ‬المعلبات،‭ ‬فنحن‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬أي‭ ‬شيء‭. ‬حتى‭ ‬أبسط‭ ‬وأتفه‭ ‬الحاجات‭ ‬ارتفعت‭ ‬بشكل‭ ‬خيالي‭... ‬حتى‭ ‬بلالين‭ ‬الأطفال‭ ‬لا‭ ‬نجدها‮»‬‭. ‬

وأضافت‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬حياة،‭ ‬لا‭ ‬ماء‭ ‬للشرب‭ ‬أو‭ ‬لغسل‭ ‬أيدينا‭ ‬أو‭ ‬طهي‭ ‬الطعام‭.. ‬لغاية‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬ماذا‭ ‬سنفطر‭. ‬كنا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬نشتري‭ ‬حاجيات‭ ‬رمضان‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭. ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬حتى‭ ‬الجبنة‭ ‬سعرها‭ ‬خيالي‮»‬‭. ‬

ويروي‭ ‬زوجها‭ ‬زكي‭ ‬حسين‭ ‬أبو‭ ‬منصور‭ (‬63‭ ‬عاما‭) ‬كيف‭ ‬‮«‬اقتحمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬خان‭ ‬يونس‮»‬‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬رفح‭ ‬وحيث‭ ‬كانا‭ ‬نازحين‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬أولى‭: ‬‮«‬بدون‭ ‬إنذار‭. ‬راحت‭ ‬الدبابات‭ ‬تقصف‭ ‬المنازل‭ ‬واستمر‭ ‬القصف‭ ‬فوق‭ ‬رؤوسنا‭ ‬سبع‭ ‬ساعات‭. ‬بعدها‭ ‬خرجنا‭ ‬بما‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬ملابس‭... ‬الحياة‭ ‬هنا‭ ‬صعبة‭ ‬جدا‭. ‬حتى‭ ‬أنني‭ ‬فقدت‭ ‬20‭ ‬كيلوجراما‭ ‬من‭ ‬وزني،‭ ‬وأنا‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬والضغط‭ ‬والقلب‭. ‬نحن‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬كيلو‭ ‬بندورة‭... ‬العالم‭ ‬بحكومة‭ ‬ونحن‭ ‬بحكومتين،‭ ‬فتح‭ ‬وحماس‭ ‬يحكموننا‭ ‬والجهتان‭ ‬لا‭ ‬تكترثان‭ ‬بنا‮»‬‭. ‬

ويضيف‭ ‬بحسرة‭: ‬‮«‬ملينا‭ ‬الطعام‭ ‬والحياة،‭ ‬والاستشهاد‭ ‬أفضل‭. ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تقصفني‭ ‬الطائرات‭ ‬وأموت‭ ‬أحسن‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العيشة‮»‬‭. ‬

وتمكّن‭ ‬نحو‭ ‬500‭ ‬مصل‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬صلاة‭ ‬التراويح‭ ‬مساء‭ ‬أمس‭ ‬الأحد‭ ‬في‭ ‬مسجد‭ ‬العودة،‭ ‬وهو‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬رفح‭. ‬وصلّى‭ ‬نحو‭ ‬مائة‭ ‬آخرين‭ ‬قرب‭ ‬مسجد‭ ‬الهدى‭ ‬المدمر‭ ‬في‭ ‬الشابورة‭. ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬توزيع‭ ‬الماء‭ ‬والتمور‭ ‬عليهم‭ ‬كما‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭. ‬ولم‭ ‬تتم‭ ‬إضاءة‭ ‬فانوس‭ ‬رمضان‭ ‬لانقطاع‭ ‬الكهرباء‭. ‬واعتمد‭ ‬المصلون‭ ‬على‭ ‬هواتفهم‭ ‬وسط‭ ‬الظلام‭. ‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ركام‭ ‬مسجد‭ ‬الفاروق‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬رفح‭ ‬الذي‭ ‬استهدفته‭ ‬غارة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬قبل‭ ‬أسبوعين‭ ‬مدّ‭ ‬متطوعون‭ ‬أمس‭ ‬حصائر‭ ‬تمهيدا‭ ‬لصلاة‭ ‬التراويح‭. ‬

لكن‭ ‬وزارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬مئات‭ ‬آلاف‭ ‬المصلين‭ ‬لن‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬هذه‭ ‬الصلاة‭ ‬في‭ ‬مساجد‭ ‬القطاع‭ ‬الجريحة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صارت‭ ‬المئات‭ ‬منها‭ ‬‮«‬ركاما‭ ‬وأكوام‭ ‬دمار‭ ‬أو‭ ‬لحقت‭ ‬بها‭ ‬أضرار‭ ‬جراء‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭. ‬

وقال‭ ‬مكتب‭ ‬الإعلام‭ ‬الحكومي‭ ‬بغزة‭ ‬إن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬استهدف‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬مسجدٍ،‭ ‬بينها‭ ‬220‭ ‬مسجداً‭ ‬هدمها‭ ‬بشكل‭ ‬كلي،‭ ‬و290‭ ‬مسجداً‭ ‬بشكل‭ ‬جزئي‭ ‬وصارت‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للصلاة‮»‬‭. ‬

ويخيّم‭ ‬شبح‭ ‬المجاعة‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬المحاصر‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬معظم‭ ‬سكانه‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬والطعام‭ ‬والأدوية‭ ‬والوقود،‭ ‬وفق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وشهادات‭ ‬السكان‭. ‬

ويتحدث‭ ‬النازحون‭ ‬بلسان‭ ‬واحد‭ ‬معبّرين‭ ‬عن‭ ‬ألمهم‭ ‬وحزنهم‭. ‬ويقول‭ ‬جمال‭ ‬الخطيب‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أصلا‭ ‬طعام،‭ ‬فكيف‭ ‬سنفطر‭ ‬في‭ ‬رمضان؟‭ ‬كيف‭ ‬سنفرح‭ ‬ولا‭ ‬مأوى‭ ‬ولا‭ ‬كهرباء‭ ‬ولا‭ ‬ماء؟‮»‬‭. ‬

ويقول‭ ‬أحمد‭ ‬خميس‭ (‬40‭ ‬عامًا‭): ‬‮«‬لا‭ ‬طعم‭ ‬لرمضان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬القذرة‭ ‬والدموية،‭ ‬حرب‭ ‬إبادة،‭ ‬ولا‭ ‬طعام‭ ‬ولا‭ ‬شراب‮»‬‭. ‬

ويصف‭ ‬عوني‭ ‬الكيال‭ (‬50‭ ‬عامًا‭) ‬رمضان‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬بدأ‭ ‬حزينا‭ ‬ومتشحاً‭ ‬بالسواد‭ ‬وطعم‭ ‬الموت‭ ‬والدم‭ ‬وأصوات‭ ‬الانفجارات‭ ‬والقصف‭. ‬سمعت‭ ‬صوت‭ ‬المسحراتي‭.. ‬استيقظت‭ ‬في‭ ‬خيمتي‭ ‬البسيطة‭ ‬وصرت‭ ‬أبكي‭ ‬على‭ ‬حالنا‮»‬‭. ‬

ويضيف‭ ‬الكيال‭: ‬‮«‬الاحتلال‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفرح‭ ‬برمضان‭. ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬أي‭ ‬طعام‭ ‬للفطور‭. ‬زوجتي‭ ‬قدّمت‭ ‬للأولاد‭ ‬على‭ ‬السحور‭ ‬بعض‭ ‬الجبنة‭ ‬والفول‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلينا‭ ‬وهي‭ ‬قليلة،‭ ‬وخبزا‭ ‬قديما‭. ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬حتى‭ ‬شايا‭ ‬لنعدّه‭ ‬لهم‮»‬‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا