يتجه العالم نحو التخلص من سيارات الاحتراق الداخلي، عبر استخدام بدائل من الوقود النظيف والصديق للبيئة؛ بهدف خفض الانبعاثات، وهو ما يخلق منافسة قوية بين البطاريات وخلايا وقود الهيدروجين.
في السنوات الخمس الماضية، وضع أكثر من 30 بلداً استراتيجيات وطنية للهيدروجين، وكانت أهداف اتفاق باريس المتعلقة بالمناخ محركاً رئيساً في هذا الصدد.
يعدّ الهيدروجين خياراً صديقاً للبيئة ومصدراً للطاقة؛ لأن إنتاجه من مصادر طاقة جديدة ومُتجددة، ويمكن نقله أو تخزينه، كما أنه بديل فعال عن الوقود الأحفوري، والذي ينتج من خلال التحليل الكهربائي للمياه لإنتاج الهيدروجين، ولذا يعدّ وقوداً نظيفاً ومستداماً.
ويعتبر الهيدروجين والبطاريات نوعين ينتميان إلى السيارات التي ينتج عنها انبعاثات صفرية، بهدف التقليل من غازات الاحتباس الحراري، والاعتماد على الوقود الأحفوري المتسبب في زيادتها بالغلاف الجوي وبالتالي تؤدي إلى التغيرات المناخية.
الهدف من هذين النوعين من السيارات هو التحول من محركات الاحتراق الداخلي، لكنهما يختلفان في مصدر الوقود وكفاءة استخدام الطاقة ومتطلبات البنية الأساسية، وأيضا بالنسبة إلى المدى والوقت المستغرق للشحن سواء التزويد بالهيدروجين أو شحن البطاريات الكهربائية، إضافة إلى التكلفة، فالخيار الآن بينهما يعتمد على عدة عوامل، منها وجود البنية الأساسية والعادات الخاصة بالقيادة والتكلفة.
وتختلف سيارات الهيدروجين عن البطاريات، فيما يلي:
استخدام الوقود: بالنسبة لسيارات الهيدروجين هي تحتوي على خلايا الهيدروجين كوقود، وتستعمل غاز الهيدروجين كمصدر للوقود، والذي يتم تخزينه في خزانات ضغط عال ويتم التفاعل بين الهيدروجين والأكسجين من الهواء داخل خلية وقود حتى يمكن أن ينتج عنها الكهرباء المستخدمة كقوة محركة للسيارة.
بالنسبة للكهرباء المستخدمة في شحن البطاريات هي تأتي من مصادر متعددة تبعًا للطاقة المتجددة، منها طاقة توليد الرياح أو الطاقة الشمسية، وأيضًا الطاقة النووية أو الوقود الأحفوري.
كفاءة استخدام الطاقة: سيارات الهيدروجين بالرغم من أنها تكنولوجيا خالية الوقود وعالية الكفاءة في تحويل الهيدروجين إلى كهرباء، إلا أن الكفاءة الكلية للسيارات التي تعمل بالهيدروجين أقل بالنسبة لتلك السيارات الكهربائية، بسبب فقد الطاقة خلال مراحل الإنتاج وتحويل الهيدروجين إلى كهرباء.
بالنسبة للسيارات الكهربائية هي أكثر كفاءة في توفير الطاقة عن سيارات الهيدروجين، بسبب التطور في تكنولوجيا البطاريات والتحسن الكبير في الطاقة التخزينية لمصدر الكهرباء، وتحسن القدرة الاستيعابية لتخزين الطاقة.
البنية الأساسية: فيما يخص سيارات الهيدروجين من أهم التحديات التي تواجهها عدم وجود بنية أساسية لمحطات التموين للهيدروجين، والتي تحتاج إلى استثمار كبير في الإنتاج والنقل والتوزيع والتخزين.
بالنسبة للسيارات الكهربائية يمكن شحن البطاريات عن طريق استخدام وصلات كهربائية عادية في المنازل أو أي مناطق عامة، فلن تحتاج إلى بنية أساسية ويمكن شحنها في أي مكان، وإن كانت البنية الأساسية لشحن السيارات الكهربائية مازالت تحتاج إلى تعدّد المحطات في الأماكن العامة وعلى الطرق، بما يمكن للشبكة الكهربائية للدولة أن تستوعب زيادة الطلب على الكهرباء بسبب زيادة المحطات والسيارات الكهربائية.
وقت الشحن: بالنسبة إلى وقت إعادة شحن سيارات الهيدروجين لها مدى أطول للشحنة الواحدة من السيارات الكهربائية، التي قد تستغرق دقائق معدودة مثل تموين السيارات بالوقود التقليدي.
كذلك بالنسبة لسيارات الكهرباء مداها أقل من سيارات الهيدروجين، لكن في الفترة الأخيرة وبسبب التقدم في التكنولوجيا الخاصة بالبطاريات يمكن تزويد مداها. وبالنسبة إلى وقت شحن البطاريات يتراوح بين عدة ساعات للشحنة المعيارية ويمكن ثلاثين دقيقة في المحطات السريعة الشحن، وهو ما يتوقف على طاقة البطارية والبنية الأساسية للشحن الكهربائي للسيارات.
التكلفة: سيارات الهيدروجين تعتبر أكثر كلفة من السيارات الكهربائية بسبب التعقيد الموجود في التكنولوجيا الخاصة بخلايا الوقود، وأن نظم تخزين الهيدروجين كلفتها أعلى، أما بالنسبة للسيارات الكهربائية فهي أصبحت أكثر توفيرًا وفي متناول الكثير الآن، لانخفاض تكلفتها بسبب انخفاض تكلفة البطاريات الكهربائية، والمتوقع أن تستمر بالانخفاض مع التوصل إلى تكنولوجيات متقدمة وبسبب زيادة حجم إنتاجها، ما يؤدي إلى خفض التكلفة.
توجه عالمي
من جهته، أوضح خبير اقتصادات الطاقة نهاد إسماعيل أن التوجه العام العالمي الآن هو نحو الاستغناء التدريجي عن الطاقة الأحفورية واستخدام بدائل نظيفة لحماية البيئة والمناخ.
ورأى أن أزمة الطاقة في أوروبا على وقع الحرب في أوكرانيا منحت دفعة كبيرة لهذا التوجه، لافتًا إلى أن الحصة السوقية للسيارات الكهربائية في أوروبا بلغت حوالي 12-15%، أما السيارات التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينية فالنسبة ضئيلة جدا لا تذكر، مُرجعا السبب إلى أن التكنولوجيا لا تزال تحت البحث والاختبار ولم تحقق نجاحًا رغم تفاؤل شركة تويوتا اليابانية التي تعدّ من أوائل المشجعين لاستخدام الطاقة الهيدروجينية، إلا أنها تعترف بأن هذه الطاقة تواجه تحديات ضخمة ولم تحقق الاختراق المطلوب بسبب محدودية البنية التحتية لمصادر الشحن والتعبئة.
وأشار إلى أن هناك اعتقاداً لدى الخبراء يفيد بأن الناقلات الثقيلة كالحافلات والشاحنات تحتاج إلى البطاريات التي تخزن الكهرباء، موضحًا أن المشكلة الرئيسية مع الهيدروجين ونقاط الشحن والتعبئة هي توفيرها في الأماكن التي تحتاج إليها المركبات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك