أكدت محكمة التمييز الشرعية أنه لا يحق للأم البقاء بطفلها المحضون في دولة أخرى إلا بإذن وليه «الأب» وتسقط حضانتها للولد حال استيطانها في بلد آخر يصعب معه الولي أو الوصي القيام بواجباته تجاه الولد وذلك بشرط أن يكون استيطانها في ذلك البلد متعمدا منها وبقصد الإضرار بولي الطفل، موضحة أنه إذا كان بقاؤها في بلد آخر خارج عن إرادتها فلا تسقط عنها الحضانة. جاء ذلك في حيثيات إلغاء حكم أسقط حضانة ولد عن والدته عربية الجنسية التي عادت إلى بلدها به، بعد طلاقها من زوجها «عربي الجنسية» والذي يعمل في البحرين، حيث غادرت البحرين بعد انتهاء إقامتها بعد الطلاق.
وقال المحامي د. سالم الغميض إن الطاعنة «عربية» كانت زوجاً للمطعون ضده «عربي» وتقيم معه بالبحرين رفقة صغيرهما لظروف عمله المؤقت في المملكة، وحدث شقاق بينهما قامت على أثره بالحصول على حكم قضائي بخلعه، وبصدور ذلك الحكم انتهت إقامتها التابعة له بالبحرين لانفصام الزوجية بينهما، وبعد انتهاء الإقامة انتقلت الأم بالصغير إلى بلدهما وألحقته بالمدرسة بمعرفة وعلم طليقها.
لكنها فوجئت برفع طليقها دعوى إسقاط الحضانة عنها لانتقالها بالطفل بعيدا عن إقامة الولي «الأب» وقال إنه يصعب عليه القيام بواجباته تجاه الصغير فيها خلال إجازاته السنوية، وطلب الحكم بضم حضانته إليه، فحكمت محكمة أول درجة له بذلك، ثم أيدت محكمة الاستئناف الحكم، فطعنت الزوجة بالتمييز ودفع وكيلها المحامي غميض بأن الصغير لا يزال في سن حضانة النساء ويحتاج إلى الطاعنة لرعايته وتربيته وتنشئته النشأة السليمة وأن المصلحة الفضلى له والتي أولاها الشرع والقانون أهمية خاصة هي التي تقدم إذا تعارضت مع حقوق ومصالح أخرى وأن استمراره في حضانة الطاعنة يحقق له المصلحة.
كذلك لفت المحامي غميض إلى أن الحاضنة لا تملك أن تقيم في بلد عمل ولي المحضون، وذلك لانتهاء إقامتها بانتهاء العلاقة الزوجية بينهما، ولذلك اضطرت إلى العودة إلى بلدها بالمحضون، حيث أشارت المحكمة إلى نص المادة 134/أ بأن «ليس للحاضنة أن تقيم بالمحضون في دولة أخرى إلا بإذن وليه أو وصيه»، وإلى المادة 136 / ب على أنه يسقط حق الحاضن في الحضانة في الحالات الآتية: إذا استوطن الحاضن بلدا يصعب. معه على ولي المحضون القيام بواجباته وذلك دون الإخلال بالمادة 134 من هذا القانون.
وقالت المحكمة إن الحضانة هي ولاية التربية وغايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شؤونه في الفترة الأولى من حياته، وأن الأصل فيها مصلحة الصغير وتكون بضمه إلى من يعنى بتربيته، والإشراف عليه في مدة معينة أو هي ولاية تربية الطفل في المدة التي لا يستغنى فيها عن تربية النساء، وأن أولى النساء بحضانة الصغير هي أمه التي هي أحق النساء بحضانته مادامت أهلاً للحضانة، وأن الحضانة يجب أن تكون في دولة ولي أو وصي المحضون مالم يأذن بغير ذلك، وأن من أسباب إسقاط الحضانة عن الحاضنة الاستيطان به ببلد يصعب معه على ولي المحضون ما لم يأذن بغير ذلك القيام بواجباته تجاهه إلا أنه يلزم ذلك أن يكون هناك تعمد منها بالإقامة في دولة أخرى ويكون من أثره حرمان الولي من القيام بواجباته تجاه المحضون.
ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى وألزمت المستأنف ضده بمقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك