يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
أين هي رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي؟!
في احتفال كبير أقيم في الرياض، تم الكشف عما أطلق عليه «رؤية مجلس التعاون الخليجي للأمن الإقليمي».
جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون، قدم للرؤية بعبارات فخمة وقال: «هذه الرؤية ليست مجرد خطط وأهداف استراتيجية، بل هي عهد بيننا لبناء مستقبل مشترك، فلنكن جميعاً شركاء في رسم خريطة طريق نحو مستقبل يعمّه الأمن والأمان والاستقرار والازدهار».
بعد ان قرأت تفاصيل الرؤية التي تم إعلانها، تساءلت: أين هي هذه الرؤية للأمن الإقليمي؟. ذلك ان ما تم الإعلان عنه لا يمكن ان نعتبره خططا ولا استراتيجية ولا رؤية استراتيجية.
بداية كان من المفروض ان تكون هذه رؤية مجلس التعاون للأمن القومي العربي. الأمن الإقليمي تعبير فضفاض، ومجلس التعاون أكبر تجمع وحدوي عربي اليوم، وبالأصح هو التجمع الوحدوي العربي الوحيد، وبالتالي يتحمل مسؤولية سياسية عن الأمن القوي العربي الذي يرتبط به امن الخليج العربي.
على أي حال، كي تكون الصورة واضحة، الرؤية التي تم طرحها تضمنت 15 بندا أهمها ما يلي:
- البناء على جهود دول المجلس في حلّ الخلافات عبر المفاوضات وبالطرق الدبلوماسية والحوار وعدم اللجوء للقوة أو التهديد بها - تكثيف الجهود للاستمرار في القيام بدور ريادي فاعل لتجنيب المنطقة تداعيات الحروب ومعالجة الأزمات الإقليمية وبذل المساعي الحميدة ودعم جهود الوساطة - دعم جهود تفعيل مبادرة السلام العربية والجهود الدولية لإيجاد حلّ عادل للقضية الفلسطينية - دعم ضمان حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية - تعزيز القدرات الذاتية وتعميق الشراكات الإقليمية والدولية ودعم آليات التعاون والتنسيق على الصعيدين الإقليمي والدولي لتعزيز مفهوم ربط المصالح الاستراتيجية- تعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله ومظاهره - المطالبة بتجريم جميع الجماعات التي تقوم بأعمال إرهابية بغضّ النظر عن انتماءاتها الحزبية أو المذهبية أو ارتباطها بمؤسسات الدولة - تعزيز الشراكات الدولية بما يسهم في أمن المنطقة واستقرارها.
على هذا النحو تمضي بنود الرؤية وتتضمن بنودا عن امن الطاقة والأمن المائي.. وهكذا.
كما نرى، كل هذه مبادئ عامة جدا، وهي مبادئ جيدة لا خلاف عليها لكن ليس فيها أي جديد. وثائق مجلس التعاون وما صدر عن الاجتماعات العامة للمجلس من بينات تتضمن هذه المبادئ.
فما هو الجديد اذن؟.. ما هي التطورات الجديدة التي استدعت طرح هذه الرؤية في هذا التوقيت بالذات، وما هو الهدف من ذلك؟.
الأمين العام لمجلس التعاون قال في تصريحات صحفية: «إننا فخورون
بما وصلنا إليه من تكاملنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي». وقال: «إننا اليوم خصصنا هذه الرؤية لنطرح أمام المجتمع الدولي ما وصلنا إليه من تكاملنا الأمني».
الأمين العام يقول ان الهدف من طرح هذه الرؤية اليوم هو ان يعرف العالم بمواقفنا ورؤيتنا الاستراتيجية على ضوء التطورات العاصفة التي تشهدها المنطقة.
وهذا بلا شك هدف معقول جدا ومهم. أي انه من المهم ان يعرف العالم اليوم، أي موقف نتخذ، وأي استراتيجية نتبناها، وماذا سوف نفعل تحقيقا لرؤيتنا لأمن المنطقة.
لكن المشكلة ان هذا الهدف لم يتحقق.
أعني ان العالم لم يسمع جديدا من مجلس التعاون، ولم يعرف أي استراتيجية جديدة بالضبط يتبناها للتعامل مع قضايا أمن لمنطقة. وبالتالي من الصعب تصور ان يكون للرؤية التي تم إعلانها تأثير على مواقف مختلف دول العالم.
المشكلة اليوم ان المنطقة العربية تمر اليوم كما نعلم بتطورات خطيرة تعصف بأمنها فجرها العدوان الصهيوني على غزة وتطورات أخرى. مستقبل المنطقة الأمني غير واضح المعالم ولا أحد بمقدوره ان يجزم بما يمكن ان يحدث، والأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات.
هذا وضع يتطلب أجوبة حاسمة عن تساؤلات لا بد ان تكون مطروحة ويتضمنها بالضرورة أي تصور لاستراتيجية او رؤية جديدة لأمن المنطقة.
لكن الرؤية التي تم طرحها لم تتضمن مثل هذه الإجابات.
وهذا حديث آخر بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك