يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
لا مجال للاختباء أو الادعاء
الادعاءات لا يمكن أن تصمد أمام الوقائع والحقائق الفعلية.
ينطبق هذا تماما على مواقف كثيرٍ من الدول الغربية في الفترة الماضية من جرائم الحرب والإبادة في غزة، وخصوصا أمريكا وبريطانيا.
في الفترة الماضية تتظاهر كل الدول الغربية بأنها ترفض المجازر الصهيونية في غزة وتريد إغاثة الشعب الفلسطيني من حرب التجويع، وبأنها تريد وقف إطلاق النار.. وهكذا.
هذه المواقف المعلنة تبدو كما لو كانت تحولا كبيرا في مواقف الدول الغربية التي وقفت بكل قوة وكل صفاقة وسفور مع الكيان الصهيوني ودافعت عن جرائمه.
لكن الذي يحدث أن الوقائع على الأرض وما يتكشف من حقائق وأسرار تأتي لتنسف هذه الادعاءات الغربية.
نقول هذا بمناسبة تطورين كبيرين حدثا في الأيام القليلة الماضية، ويعتبران خطيرين أحدهما يتعلق بأمريكا، والثاني ببريطانيا.
في أمريكا كشفت صحيفة «واشنطن بوست» أن إدارة الرئيس بايدن قررت إرسال حزمة ضخمة جديدة من الأسلحة إلى إسرائيل تشمل قذائف وطائرات مقاتلة بمليارات الدولارات. ونقلت الصحيفة عن مصدرين أمنيين أمريكيين أن شحنة الأسلحة الجديدة تشمل أكثر من 1800 قنبلة «إم كيه 84» تبلغ زنة الواحدة منها قرابة طن، إضافة إلى 500 قنبلة «إم كيه 82» زنة الواحدة نحو ربع طن، فضلا عن 25 طائرة حربية ومحركات من طراز إف 35 إيه تقدر قيمتها بنحو 2,5 مليار دولار.
هذه الصفقة الضخمة من الأسلحة الرهيبة تنسف ببساطة كل ادعاءات أمريكا عن حرصها على إغاثة الفلسطينيين في غزة أو التوصل إلى هدنة او التحفظ على الهجوم الذي يعلن الكيان الصهيوني أنه سيشنه على رفح. إدارة بايدن ببساطة هي التي تمكّن الكيان الصهيوني من ارتكاب كل الجرائم التي يرتكبها في غزة.
كثيرٌ من أعضاء الكونجرس والساسة والإعلاميين في أمريكا لم يستطيعوا هم أنفسهم الصمت عن هذا النفاق الأمريكي وعن دور إدارة بايدن في الجرائم الصهيونية، وبعضهم يطالب منذ فترة بوقف إمدادات الأسلحة.
عضو مجلس الشيوخ الأمريكي بيرني ساندرز علّق قائلا: «لا يمكن استجداء نتنياهو للتوقف عن قصف المدنيين وفي اليوم التالي نرسل إليه آلاف القنابل... علينا إنهاء تواطؤنا... من المقزز أن نزود إسرائيل بقنابل يمكنها أن تسوي المباني بالأرض».
النائب الديمقراطي بمجلس الشيوخ كريس فان هولن قال إن إدارة بايدن ترسل مزيدا من القنابل إلى نتنياهو في وقت يتجاهل فيه مطالبها بشأن عدم القيام بأي عملية عسكرية في رفح وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبرا أن إدارة بايدن لا تدرك «التناقض بين أقوالها وأفعالها بشأن إرسال الأسلحة لإسرائيل».
أما في بريطانيا، فقد كشفت صحيفة الأوبزرفر البريطانية ما يعتبر فضيحة كبرى. كشفت الصحيفة أن محامي الحكومة البريطانية قدموا لها مشورة أو رأيا قانونيا ينص على أن «إسرائيل انتهكت القانون الإنساني الدولي في غزة»، لكن الحكومة البريطانية تجاهلت هذه المشورة نهائيا ولم تقم حتى بإعلانها.
الحكومة البريطانية تجاهلت هذا الرأي القانوني الرسمي لأن إعلانه يفرض عليها رسميا وقف تصدير أي أسلحة إلى الكيان الصهيوني فورا وهو ما لا تريد أن تفعله.
نواب وساسة وخبراء قانون وجهوا انتقادات حادة إلى الحكومة البريطانية لموقفها هذا.
رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم، أليسيا كيرنز، دعت الحكومة إلى عدم التهرب وعليها التصرف بناء على هذا الرأي القانوني. وقالت «تلقت وزارة الخارجية مشورة قانونية رسمية مفادها أن إسرائيل انتهكت القانون الإنساني الدولي لكن الحكومة لم تعلن ذلك». وأضافت «لم يقولوا ذلك، ولم يوقفوا صادرات الأسلحة. لقد فرضوا بعض العقوبات الصغيرة جدًا على المستوطنين الإسرائيليين».
خبراء القانون في بريطانيا أجمعوا على أن موقف الحكومة البريطانية له تبعات في منتهى الخطورة إذ يجعلها هي نفسها تنتهك القانون الدولي الإنساني، كما أنه يجعلها شريكا مباشرا في جرائم الحرب الإسرائيلية.
كما نرى، ما حدث في أمريكا وبريطانيا لا يترك للبلدين أي مجال للاختباء وراء أي شعارات إنسانية ولا للادعاء بأي موقف جديد من حرب الإبادة الصهيونية في غزة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك