(تداركتُ وجعي..
فتجمد الحزن في مقلتي..
وقلتُ: ما لم أدركه سنينا
إن الفقدُ لا يأتي وحده في الحكاية
وليس قادراً أن يعيد السلام
هم في صلب الكتاب ..
رسائل الإله ..
أوقفوا مصيدة الفراشات ..
ودعوا الورد يعيش بهدوء!)
لم أدرك سرّ حكايتها أول الأمر، بل كنتُ على مسافة بعيدة بيني وبينها، إلا أنها تجاسرت وامتدت بطول قامتي وقالت: لا يحزنك إن العالم في توحشه وقسوة تعاطيه وتوغله في الدم دون صحوة لميلاد جديد بعيد عن الحرائق وشهوة الدم إنه يتنفس، ولن يكن هو الثابت في قرص الشمس، أو المختلف عن حكاية البشر الأولى في خطيئة حواء وآدم.
بل لتكن على ثقة إن هذا الخوف لا يعني موت الضوء ولا يعني بقاء الظلام في المعمورة، لأن الروح التي تعيش في جلباب ما فطرت عليه منذ رسالة الخالق للمخلوق، هي أكبر مما هم يصنعون.
أدري أنك على دراية من أمر فظيع يقرصُ جسدك بشهوة غاضبة، ويعيدك إلى سيرتك الأولى من الجاهلية، لكن في المقابل إنك على ثقة أن الظلام لن يمنع خيوط الشمس من الانتشار في المعمورة.
في البدء كانت الحكاية بسيطة لم أدرك ثيمتها أول الأمر، حاولت أن أعيدُ البوصلة إلى ذاكرتي وأتحسس باطن قدمي هل أحست بحرارة الجمر؟، أم إنها اعتادت على صيرورتها الأولى عندما رضعت أول الألم؟
تلك هي الحكاية : حبل ممدود ورقاب معلقة ليس هي للأرض وليست هي للسماء، بين الأمرين وجس ناري التطاول لم يرحم صغيراً ولا كبيراً ولا شيخاً ولا عجوزاً، إدراكها مغيب أو معطل، لأن الوجود ليس غاية بقدر ما هو مطلب يعيد فيه الإنسان رشده وتاريخ ولادته الأولى عندما كانت الإرادة صلبة وذات رشد نظيف، فالحكاية تعيد تاريخها لعلها تدرك أن الرياح التي تحمل في تقدمها الحصى لا تبقى رياح سليمة بعيدة عن الفتك، والفتك لا يعني الضياع أو الفقد وحده، بل الرسائل التي اعتادت عليها البشرية في تقلب البصيرة وتشتيت بعدها الأخلاقي تظل هي الرهان الذي يحق لنا كبشر التعلق بها مادامت راشدة تحتضن الجميع وتحافظ على وجودها بوجود أرض سليمة لا تشوهها الحروب والقلوب الضيقة .
فالرشد في صلب من بنوا لنا حضارتنا غاية تمسكنا بها ومازال الراشدون حريصين على بقائها والانتماء لحضارتها، وبعيداً عنها تشتت وخراب الأرض موطن الجميع.
فمن لا يعرف السلام، لن يدرك أن الخراب قادم وأن التعاطي بإنسانية البناء والرقي معطل أو مغتصب!
الحب يا سادة، ليس رسائل معطرة وليس كتبا فاضت بحشو الكلام، الحب فعلٌ ورسائل متقدمة بحمل الإنسان وهدايته نحو الرشد ونحو ثوابت صلبة لا تلين وتضعف بمرور الأزمنة.
فالبيت الذي لا يبنى بصلب الأساس معرض للسقوط وكذلك النفوس إن لم تكن واعية بألم الآخرين لا تستطيع أن تصنع الحب والسلام.
ففي كل نطفة نبض، وفي كل نبض قلبٌ منشغلٌ بالحب وبين تلك المشاعر لا يهدأ الطير في الوكر ولا يغفو الغيم عن البرق.
معادلة واحدة تؤكد لكلٌ منا أن الجسد لا يشعر بالوجع عندما تشتد إبر الوخز في الجلد، وكذلك العشق لا ينمو عندما يغيب عن الذاكرة والقلب.
فالجوع ألم ..
والحب ألم ..
والفقد ألم .. وبين كل هذا يسكن الشعور الذي يجب علينا هدايته نحو الحب لا نحو الفتك.
a.astrawi@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك