العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

أدري أنك مدركٌ ضياع الحب!

بقلم: علي الستراوي

السبت ٠٦ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

‭(‬تداركتُ‭ ‬وجعي‭..‬

فتجمد‭ ‬الحزن‭ ‬في‭ ‬مقلتي‭..‬

وقلتُ‭: ‬ما‭ ‬لم‭ ‬أدركه‭ ‬سنينا

إن‭ ‬الفقدُ‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬وحده‭ ‬في‭ ‬الحكاية‭ ‬

وليس‭ ‬قادراً‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬السلام‭ ‬

هم‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الكتاب‭ ..‬

رسائل‭ ‬الإله‭ ..‬

أوقفوا‭ ‬مصيدة‭ ‬الفراشات‭ ..‬

ودعوا‭ ‬الورد‭ ‬يعيش‭ ‬بهدوء‭!)‬

 

لم‭ ‬أدرك‭ ‬سرّ‭ ‬حكايتها‭ ‬أول‭ ‬الأمر،‭ ‬بل‭ ‬كنتُ‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬بعيدة‭ ‬بيني‭ ‬وبينها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تجاسرت‭ ‬وامتدت‭ ‬بطول‭ ‬قامتي‭ ‬وقالت‭: ‬لا‭ ‬يحزنك‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬توحشه‭ ‬وقسوة‭ ‬تعاطيه‭ ‬وتوغله‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ‬دون‭ ‬صحوة‭ ‬لميلاد‭ ‬جديد‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الحرائق‭ ‬وشهوة‭ ‬الدم‭ ‬إنه‭ ‬يتنفس،‭ ‬ولن‭ ‬يكن‭ ‬هو‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬قرص‭ ‬الشمس،‭ ‬أو‭ ‬المختلف‭ ‬عن‭ ‬حكاية‭ ‬البشر‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬خطيئة‭ ‬حواء‭ ‬وآدم‭.‬

بل‭ ‬لتكن‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الخوف‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬موت‭ ‬الضوء‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬بقاء‭ ‬الظلام‭ ‬في‭ ‬المعمورة،‭ ‬لأن‭ ‬الروح‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬جلباب‭ ‬ما‭ ‬فطرت‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬رسالة‭ ‬الخالق‭ ‬للمخلوق،‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬هم‭ ‬يصنعون‭.‬

أدري‭ ‬أنك‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬فظيع‭ ‬يقرصُ‭ ‬جسدك‭ ‬بشهوة‭ ‬غاضبة،‭ ‬ويعيدك‭ ‬إلى‭ ‬سيرتك‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الجاهلية،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬إنك‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬أن‭ ‬الظلام‭ ‬لن‭ ‬يمنع‭ ‬خيوط‭ ‬الشمس‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬المعمورة‭. ‬

في‭ ‬البدء‭ ‬كانت‭ ‬الحكاية‭ ‬بسيطة‭ ‬لم‭ ‬أدرك‭ ‬ثيمتها‭ ‬أول‭ ‬الأمر،‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬أعيدُ‭ ‬البوصلة‭ ‬إلى‭ ‬ذاكرتي‭ ‬وأتحسس‭ ‬باطن‭ ‬قدمي‭ ‬هل‭ ‬أحست‭ ‬بحرارة‭ ‬الجمر؟،‭ ‬أم‭ ‬إنها‭ ‬اعتادت‭ ‬على‭ ‬صيرورتها‭ ‬الأولى‭ ‬عندما‭ ‬رضعت‭ ‬أول‭ ‬الألم؟

تلك‭ ‬هي‭ ‬الحكاية‭ : ‬حبل‭ ‬ممدود‭ ‬ورقاب‭ ‬معلقة‭ ‬ليس‭ ‬هي‭ ‬للأرض‭ ‬وليست‭ ‬هي‭ ‬للسماء،‭ ‬بين‭ ‬الأمرين‭ ‬وجس‭ ‬ناري‭ ‬التطاول‭ ‬لم‭ ‬يرحم‭ ‬صغيراً‭ ‬ولا‭ ‬كبيراً‭ ‬ولا‭ ‬شيخاً‭ ‬ولا‭ ‬عجوزاً،‭ ‬إدراكها‭ ‬مغيب‭ ‬أو‭ ‬معطل،‭ ‬لأن‭ ‬الوجود‭ ‬ليس‭ ‬غاية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مطلب‭ ‬يعيد‭ ‬فيه‭ ‬الإنسان‭ ‬رشده‭ ‬وتاريخ‭ ‬ولادته‭ ‬الأولى‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬الإرادة‭ ‬صلبة‭ ‬وذات‭ ‬رشد‭ ‬نظيف،‭ ‬فالحكاية‭ ‬تعيد‭ ‬تاريخها‭ ‬لعلها‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬الرياح‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬تقدمها‭ ‬الحصى‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬رياح‭ ‬سليمة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الفتك،‭ ‬والفتك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الضياع‭ ‬أو‭ ‬الفقد‭ ‬وحده،‭ ‬بل‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬اعتادت‭ ‬عليها‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬تقلب‭ ‬البصيرة‭ ‬وتشتيت‭ ‬بعدها‭ ‬الأخلاقي‭ ‬تظل‭ ‬هي‭ ‬الرهان‭ ‬الذي‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬كبشر‭ ‬التعلق‭ ‬بها‭ ‬مادامت‭ ‬راشدة‭ ‬تحتضن‭ ‬الجميع‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬وجودها‭ ‬بوجود‭ ‬أرض‭ ‬سليمة‭ ‬لا‭ ‬تشوهها‭ ‬الحروب‭ ‬والقلوب‭ ‬الضيقة‭ .‬

فالرشد‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬من‭ ‬بنوا‭ ‬لنا‭ ‬حضارتنا‭ ‬غاية‭ ‬تمسكنا‭ ‬بها‭ ‬ومازال‭ ‬الراشدون‭ ‬حريصين‭ ‬على‭ ‬بقائها‭ ‬والانتماء‭ ‬لحضارتها،‭ ‬وبعيداً‭ ‬عنها‭ ‬تشتت‭ ‬وخراب‭ ‬الأرض‭ ‬موطن‭ ‬الجميع‭.‬

فمن‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬السلام،‭ ‬لن‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬الخراب‭ ‬قادم‭ ‬وأن‭ ‬التعاطي‭ ‬بإنسانية‭ ‬البناء‭ ‬والرقي‭ ‬معطل‭ ‬أو‭ ‬مغتصب‭!‬

الحب‭ ‬يا‭ ‬سادة،‭ ‬ليس‭ ‬رسائل‭ ‬معطرة‭ ‬وليس‭ ‬كتبا‭ ‬فاضت‭ ‬بحشو‭ ‬الكلام،‭ ‬الحب‭ ‬فعلٌ‭ ‬ورسائل‭ ‬متقدمة‭ ‬بحمل‭ ‬الإنسان‭ ‬وهدايته‭ ‬نحو‭ ‬الرشد‭ ‬ونحو‭ ‬ثوابت‭ ‬صلبة‭ ‬لا‭ ‬تلين‭ ‬وتضعف‭ ‬بمرور‭ ‬الأزمنة‭.‬

فالبيت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يبنى‭ ‬بصلب‭ ‬الأساس‭ ‬معرض‭ ‬للسقوط‭ ‬وكذلك‭ ‬النفوس‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬واعية‭ ‬بألم‭ ‬الآخرين‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تصنع‭ ‬الحب‭ ‬والسلام‭.‬

ففي‭ ‬كل‭ ‬نطفة‭ ‬نبض،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬نبض‭ ‬قلبٌ‭ ‬منشغلٌ‭ ‬بالحب‭ ‬وبين‭ ‬تلك‭ ‬المشاعر‭ ‬لا‭ ‬يهدأ‭ ‬الطير‭ ‬في‭ ‬الوكر‭ ‬ولا‭ ‬يغفو‭ ‬الغيم‭ ‬عن‭ ‬البرق‭.‬

معادلة‭ ‬واحدة‭ ‬تؤكد‭ ‬لكلٌ‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬الجسد‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بالوجع‭ ‬عندما‭ ‬تشتد‭ ‬إبر‭ ‬الوخز‭ ‬في‭ ‬الجلد،‭ ‬وكذلك‭ ‬العشق‭ ‬لا‭ ‬ينمو‭ ‬عندما‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬الذاكرة‭ ‬والقلب‭.‬

فالجوع‭ ‬ألم‭ ..‬

والحب‭ ‬ألم‭ ..‬

والفقد‭ ‬ألم‭ .. ‬وبين‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يسكن‭ ‬الشعور‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬هدايته‭ ‬نحو‭ ‬الحب‭ ‬لا‭ ‬نحو‭ ‬الفتك‭.‬

a‭.‬astrawi@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا