يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
رسالة الإمام الأكبر
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ألقى كلمة في الاحتفال بليلة القدر. هذه الكلمة يجب أن نتوقف عندها بكثير من التأمل، إذ أثار فيها عددا من القضايا الكبرى، وما قاله بخصوصها يستحق أن نستخلص منه الدروس.
كلمة الإمام الأكبر تركزت بالطبع على ما يشهده أهلنا في غزة من إبادة جماعية وما تثيره من قضايا عالمية وعربية يجب أن نتوقف عندها ونستخلص الدروس.
ثلاث قضايا كبرى أثارها الإمام الأكبر. لنتأمل ماذا قال بخصوصها.
القضية الأولى: الحال التي وصل إليها العالم اليوم على ضوء جرائم الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والموقف العالمي منها.
قال الإمام الأكبر: «عالمنا المعاصر فَقد القيادة الرشيدة الحكيمة، وراح يخبِطُ خبط عشواء، بلا عقل ولا حكمة ولا قانون دولي، وبات يندفع بلا كوابح نحو هاوية لا يَعرف التاريخ لها مَثيلا من قبل».
وأضاف الطيب: «إننا بعد عقود من علاقات الحوار الحضاري بين الأمم والشعوب استبدلنا بها وعلى نحو متسارع غريب علاقات الصراع والصدام، وسرعان ما تحول هذا الوضع البائس أيضا إلى علاقات صراع مسلح تطور أخيرا إلى صورة بالغة الغرابة والشذوذ في تاريخ الحروب والصراعات المسلحة».
ما قاله الإمام الأكبر يدفعنا إلى إعادة التفكير في أمور كثيرة في مقدمتها موقفنا كدول عربية من النظام العالمي ودورنا المفترض فيه. أيضا لا بد أن نعيد التفكير في مقولات مثل الحوار الحضاري وتفاعل الحضارات وما شابه ذلك، فقد اتضح أن حضارتنا تتعرض لحرب شرسة وحرب إبادة. علينا أن نفكر بدلا من هذا في كيفية تقوية دولنا وتعزيز مكانتنا.
القضية الثانية: حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة ومغزى الموقف الغربي من هذه الحرب.
يقول الإمام الأكبر إن الشعب الفلسطيني الأعزل البريء يتعرض لجرائم إبادة ومحرقة جماعية، وإن هذه الحرب يقودها «جيش مدجج بأحدث ما تقذف به مصانع أوروبا وأمريكا من أسلحة القتل والدمار الشامل، ويواجهون به شعبا مدنيا أعزل».
الإمام الأكبر أطلق على الذين يرتكبون هذه الإبادة وينفذون هذه المحرقة «طغاة القرن الواحد والعشرين». وقال إن هؤلاء هم الذين زعموا أن هذا القرن «هو قرن العلم والتقدم والرقي، وقرن الأخلاق الإنسانية والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وغير ذلك من الأكاذيب والأباطيل التي انطلَت على كثيرين منا، وحسِبوها حقائق ثابتة من حقائق الأذهان والأعيان».
المعنى الأساسي هنا أننا يجب أن نعيد النظر جذريا في نظرتنا إلى الغرب ودعاواه الكاذبة حول الأخلاق والديمقراطية وحقوق الإنسان.
القضية الثالثة: وهي أهم قضية أثارها الإمام الأكبر تتعلق بالموقف العربي الراهن والعجز عن مواجهة حرب الإبادة لأهلنا في غزة، وسبب هذا العجز وما الذي يجب أن نفعله.
الإمام الأكبر قال: إن «حالة التنازع والتفرق التي درج عليها أبناء الأمة العربية منذ زمن بعيد قد أصابت الجميع بما يشبه حالة فقدان التوازن، وأعجزته عن مواجهة أزماته المتلاحقة مواجهة دقيقة».
إذن السبب الرئيسي للعجز العربي عن مواجهة الأزمات هو حالة الفرقة والتشتت.
لهذا حدد الإمام الأكبر الطريق إلى النهوض والقوة العربية بقوله: «إننا كعرب لن نستعيد قدرتنا على النهوض والتقدم ومواجهة أزماتنا بمسؤولية، إلا بتحقيق وحدة العرب وتطبيق سياسة التكامل الاقتصادي وتغليب المصالح العامة، والاتفاق على رؤى مستقبلية وخطط مشتركة مدروسة وقابلة للتنفيذ، فتعاملنا مع قضية فلسطين والقدس الشريف لا يعكس حجم ما أنعم الله به علينا من ثروات بشرية وطبيعية هائلة ومن قوة ومن طاقات جبارة لا تنفد».
إن كان للعرب أن يستخلصوا درسا أساسيا مما يجري اليوم في غزة والعجز العربي فهو ما قاله الإمام الأكبر. لا خلاص للعرب إلا بالوحدة وبحشد واستغلال الإمكانيات والقدرات العربية المهولة في كل المجالات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك