العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

ألوان

المخرج العراقي حسنين الهاني لـ«عالم الشهرة»: الغرب ترجموا كتبنا ونحن العرب صرنا مستهلكين لا منتجين

حاورته‭: ‬فاطمة‭ ‬اليوسف

الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

أفضل وسيلة لانتشار الأفلام هي الإنتاج المشترك لكسب جمهور البلدين

أدعو الرؤساء وأصحاب القرار إلى دعم الثقافة بكل فئاتها وتخصصاتها فهي المرآة الناصعة للبلدان

ديننا أنصف المرأة وجعلها سيدة مجتمع


 

‭"‬عالم‭ ‬الشهرة‭" ‬تطلّ‭ ‬عليكم‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬من‭ (‬بلاد‭ ‬الرافدين‭) ‬،‭ ‬من‭ ‬مهد‭ ‬الحضارات‭ ‬المعروفة‭ ‬الآن‭ ‬بالعراق‭ ‬الحديث،‭ ‬والتي‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬المناطق‭ ‬الحضارية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الإنساني،‭ ‬فمنها‭ ‬انطلقت‭ ‬الحضارات‭ ‬العريقة‭ ‬والمهمة‭ ‬التي‭  ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مسار‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

ضيفنا‭ ‬لهذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬المخرج‭ ‬السينمائي‭ ‬العراقي‭ ‬حسنين‭ ‬الهاني،‭ ‬الذي‭  ‬عاصر‭ ‬خلال‭ ‬مسيرته‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنين‭ ‬ولّت‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ظلّ‭ ‬يحفر‭ ‬وأمثاله‭ ‬المبدعون،‭ ‬التاريخ‭ ‬بإبداعاتهم‭ ‬القائمة،‭ ‬لإثراء‭ ‬الحضارة‭ ‬الثقافية‭ ‬والأدبية‭ ‬والسينمائية‭ ‬وجعلها‭ ‬باقية‭ ‬رمزًا‭ ‬للتنوع‭ ‬والإبداع‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ومنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬منذ‭ ‬بداياته‭ ‬كمصور‭ ‬فوتوغرافي‭ ‬حتى‭ ‬تقديمه‭ ‬لأول‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬المجتمع،‭ ‬مشوار‭ ‬حافل‭ ‬بالنجاحات‭ ‬بين‭ ‬الإذاعة‭ ‬والتلفزيون‭ ‬والإخراج‭ ‬والإنتاج‭ ‬بين‭ ‬الأفلام‭ ‬القصيرة‭ ‬وأفلام‭ ‬التحريك‭ ‬والإخراج‭ ‬السينمائي‭ ‬وتقديم‭ ‬الورش‭ ‬والمحاضرات‭ ‬ثم‭ ‬المشاركة‭ ‬بلجان‭ ‬التحكيم‭ ‬الدولية‭..‬

إليكم‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭..‬

‭- ‬أ‭.‬حسنين‭ ‬الهاني،‭ ‬بداية‭.. ‬نرحب‭ ‬بك‭ ‬في‭ ‬صفحة‭ "‬عالم‭ ‬الشهرة‭" ‬من‭ ‬خلال‭ "‬أخبار‭ ‬الخليج‭"‬،‭ ‬الصحيفة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬البحرين‭..‬

مرحباً‭ ‬أستاذة‭ ‬فاطمة‭ ..‬

‭- ‬أ‭. ‬حسنين‭ ‬الهاني،‭ ‬حدثني‭ ‬عن‭ "‬بداية‭ ‬البداية‭" ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬لك‭..‬

شكراً‭ ‬لهذه‭ ‬الفرصة‭ ‬والمحطة‭ ‬المهمة‭ ‬برفقة‭ ‬البحرين‭ ‬الشقيقة‭ ‬ورفقتكِ‭ ‬وجمهوركم‭ ‬العزيز‭..‬

بداية‭.. ‬لو‭ ‬عدنا‭ ‬بالزمن‭ ‬25‭ ‬عام‭ ‬قد‭ ‬خلت،‭ ‬أبان‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬كنت‭ ‬مصوراً‭ ‬فوتوغرافياً‭ ‬في‭ ‬أستوديو‭ ‬خاص‭ ‬وهذه‭ ‬كانت‭ ‬مهنة‭ ‬جدي‭.. ‬وعندما‭ ‬بلغت‭ ‬البكالوريا‭ (‬السادس‭ ‬ثانوي‭) ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجموعي‭ ‬يدخلني‭ ‬كلية‭ ‬الهندسة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬رغبتي،‭ ‬وهنا‭ ‬فكرت‭ ‬أن‭ ‬أصقل‭ ‬مهنتي‭ ‬في‭ ‬دخول‭ ‬مدرسة‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬بابها‭ ‬الواسع‭ ‬فالتحقت‭ ‬بــ‭ (‬كلية‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬جامعة‭ ‬بغداد‭ ‬‭ ‬قسم‭ ‬الفنون‭ ‬السينمائية‭ ‬والتلفزيونية‭ ‬‭ ‬فرع‭ ‬السينما‭) ‬إبان‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬طبعاً،‭ ‬وكان‭ ‬عالمٌ‭ ‬جديد‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬كوني‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬تربوية‭ ‬أب‭ ‬وأم‭ ‬مدرسين،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬بحسبانهم‭ ‬أنني‭ ‬سوف‭ ‬أغادرهم‭ ‬للمعيشة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬كوني‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬كربلاء،‭ ‬وسارت‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام‭ ‬ودخلت‭ ‬عالم‭ ‬جديد‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬حيث‭ ‬اختلطت‭ ‬مع‭ ‬الفنانين‭ ‬والمشاهير‭ ‬آنذاك،‭ ‬حتى‭ ‬سقوط‭ ‬النظام‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬وانحسرت‭ ‬الحياة‭ ‬وأصبحت‭ ‬خطرة‭ ‬وفوضوية‭ ‬ولكني‭ ‬لم‭ ‬أتخلى‭ ‬عن‭ ‬دراستي‭ ‬واهتماماتي‭ ‬الفنية،‭ ‬بلغت‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬وتنقلت‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القنوات‭ ‬كمخرج‭ ‬وبعدها‭ ‬سمعت‭ ‬عن‭ ‬ورشة‭ ‬يقيمها‭ ‬الأستاذ‭ ‬العراقي‭ ‬البريطاني‭ ‬قاسم‭ ‬عبد‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬قادماً‭ ‬من‭ ‬لندن‭ ‬وبرفقته‭ ‬زميلته‭ ‬وصديقته‭ ‬المخرجة‭ ‬والمونتير‭ ‬العراقية‭ ‬البريطانية‭ ‬أيضاً‭ ‬السيدة‭ ‬ميسون‭ ‬باججي،‭ ‬وكنت‭ ‬أتنقل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬كربلاء‭ ‬وبغداد‭ ‬لقرابة‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬وهنا‭ ‬ساءت‭ ‬الحالة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬بسبب‭ ‬مخلّفات‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬وأنتقل‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الورشة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وقد‭ ‬أنجزت‭ ‬أول‭ ‬فيلم‭ ‬قصير‭ ‬لي‭  ‬وكان‭ ‬وثائقياً‭.‬

‭ -‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬نقطة‭ ‬الانطلاقة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬مسيرتك‭...‬

 

 

‭(‬غريب‭ ‬في‭ ‬بلده‭ / ‬انتاج‭ ‬2007‭) ‬وثائقي‭ ‬زمنه‭ ‬13‭ ‬دقيقة،‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والطائفية‭ ‬التي‭ ‬مزقت‭ ‬وحدة‭ ‬العراق‭ ‬وعرض‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬الخليج‭ ‬السينمائي‭ ‬في‭ ‬الامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وعرض‭ ‬في‭ ‬بلجيكا‭ (‬مهرجان‭ ‬بروكسل‭) ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬وعرض‭ ‬في‭ ‬ايران‭ ‬ولبنان‭ ‬واستراليا‭ ‬وامريكا،‭ ‬احسست‭ ‬أنني‭ ‬موجود‭ ‬وبإمكاني‭ ‬أن‭ ‬أحقق‭ ‬إنجاز‭ ‬وأن‭ ‬أعبر‭ ‬عن‭ ‬خلجاتي‭.‬

‭ -‬هل‭ ‬هناك‭ ‬أفكار‭ ‬متبلورة‭ ‬بداخلك‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬نسج‭ ‬خيوطها،‭ ‬وماهي‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬ذلك؟

نعم‭ ‬ثمة‭ ‬أحلام‭ ‬كثيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬وطموحات‭ ‬لا‭ ‬يحدها‭ ‬سقف،‭ ‬السينما‭ ‬اليوم‭ ‬مهمة‭ ‬كأهمية‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والدفاع‭ ‬والداخلية‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أبالغ‭ ‬وأقول‭ ‬مثل‭ ‬الهواء‭ ‬والماء‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬شغفي‭ ‬وحبي‭ ‬لها‭ ‬يشعرني‭ ‬بأهميتها‭ ‬فهي‭ ‬سفير‭ ‬البلدان‭ ‬والشعوب،‭ ‬هي‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬لنا‭ ‬ولشعوبنا‭ ‬ومجتمعاتنا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والتزييف‭ ‬الي‭ ‬بدأ‭ ‬يغير‭ ‬ملامح‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬هي‭ ‬أفضل‭ ‬وسيلة‭ ‬لحفظ‭ ‬تراثنا‭ ‬وعاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬وديننا‭ ‬ومجتمعاتنا‭.‬

‭-‬شاركت‭ ‬كعضو‭ ‬لجنة‭ ‬تحكيم‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مهرجانات‭ ‬سينمائية‭ ‬دولية‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬العراق‭.. ‬ماهي‭ ‬أهم‭ ‬محطاتك‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المشاركات؟

عام‭ ‬2017‭ ‬تم‭ ‬اختياري‭ ‬مستشاراً‭ ‬لوزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬الباكستانية‭ ‬حيث‭ ‬أقيم‭ ‬مهرجان‭ ‬آسيا‭ ‬للسلام‭ ‬العالمي‭ ‬وكنت‭ ‬العربي‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الاوسط،‭ ‬وبمشاركة‭ ‬أفلام‭ ‬وضيوف‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬قارة‭ ‬آسيا،‭ ‬وأقمت‭ ‬ندوة‭ ‬عن‭ ‬صناعة‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وكيف‭ ‬نصنع‭ ‬الأفلام‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اختيار‭ ‬الأفكار‭ ‬وآلية‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وبعدها‭ ‬عضو‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬لاهور‭.‬

‭ -‬ترأست‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬بمهرجان‭ ‬مدنين‭ ‬السينمائي‭ ‬الدولي‭ ‬للفيلم‭ ‬الروائي‭ ‬والوثائقي‭ ‬بدورته‭ ‬التاسعة‭ ‬في‭ ‬تونس‭.. ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التجربة؟‭ ‬وكيف‭ ‬تم‭ ‬اختيارك؟

بعد‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الاستاذ‭ ‬محمد‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المهرجانات‭ ‬تم‭ ‬التواصل‭ ‬وتكونت‭ ‬صداقة‭ ‬طيبة‭ ‬نقية‭ ‬يجمعها‭ ‬حب‭ ‬الأوطان‭ ‬والسينما‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أنني‭ ‬أحب‭ ‬تونس‭ ‬الخضراء‭ ‬بشكل‭ ‬استثنائي،‭ ‬وجه‭ ‬لي‭ ‬الثابت‭ ‬دعوة‭ ‬رسمية‭ ‬برئاسة‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬لدورته‭ ‬التاسعة‭ ‬عام‭ ‬2023‭ (‬مهرجان‭ ‬مدنين‭ ‬السينمائي‭ ‬الدولي‭)  ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬الجمال‭ ‬جربة،‭ ‬وكان‭ ‬برفقتي‭ ‬أعضاء‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬وتونس‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وليبيا‭ ‬وكانت‭ ‬دورة‭ ‬مميزة‭ ‬وجميلة‭ ‬رغم‭ ‬بساطتها‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬للمهرجان‭.‬

‭-‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬ورش‭ ‬ومحاضرات‭ ‬صناعة‭ ‬الأفلام؟

‭ ‬كان‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬الفيلم‭ ‬السينمائي‭ ‬هو‭ (‬مُنْتَجْ‭) ‬شأنه‭ ‬شأن‭ ‬أي‭ ‬صناعة‭ ‬تحويل‭ ‬من‭ ‬وإلى‭ ‬وقائم‭ ‬على‭ ‬الإنتاج‭ ‬المالي‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬وأصبح‭ ‬جهاز‭ ‬الموبايل‭ ‬رفيق‭ ‬الصغار‭ ‬والكبار‭ ‬وتبعاً‭ ‬لحداثته‭ ‬ومواصفاته‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬جهاز‭ ‬الموبايل‭ ‬شركة‭ ‬إنتاج‭ ‬متكاملة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التقنية‭ ‬والمعدات،‭ ‬وبما‭ ‬أنه‭ ‬حاضر‭ ‬جيوب‭ ‬عامة‭ ‬البشر‭ ‬والحياة‭ ‬العامة‭ ‬مليئة‭ ‬بالمشاهد‭ ‬والمواقف‭ ‬والأفكار‭ ‬التي‭ ‬تصلح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فيلماً‭ ‬أو‭ ‬إشارة‭ ‬لحالات‭ ‬نشخصها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬أعددت‭ ‬حقيبةً‭ ‬تدريبية‭ ‬مكثفة‭ ‬لصناعة‭ ‬الفيلم‭ ‬القصير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحفيز‭ ‬الشباب‭ ‬لصناعة‭ ‬أفلاماً‭ ‬بسيطة‭ ‬قصيرة‭ ‬لبضعة‭ ‬دقائق‭ ‬كأن‭ ‬تكون‭ ‬توثيق‭ ‬حالة‭ ‬إنسانية‭ ‬أو‭ ‬موقف‭ ‬معين‭ ‬أو‭ ‬إيصال‭ ‬رسالةٍ‭ ‬ما‭.‬

‭ ‬ماهي‭ ‬أبرز‭ ‬الصعوبات‭ ‬أو‭ ‬الثغرات‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتقك‭ ‬كمخرج؟

في‭ ‬الواقع‭ ‬المخرج‭ ‬الدؤوب‭ ‬المتمكن‭ ‬من‭ ‬ادواته‭ ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬ثمة‭ ‬صعوبات‭ ‬جوهرية‭ ‬عليه‭ ‬او‭ ‬ثغرات‭ ‬جذرية‭ ‬فقد‭ ‬شخصنا‭ ‬المشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬كلفة‭ ‬الانتاج‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬توفرت‭ ‬فقد‭ ‬ازيلت‭ ‬العقبة‭ ‬الأكبر‭ ‬ولأننا‭ ‬بلدان‭ ‬نامية‭ ‬بالسينما‭ ‬لسنا‭ ‬محترفين‭ ‬بصناعتها‭ ‬و‭ ‬أقصد‭ ‬بالمحترفين‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قورنا‭  ‬بالغرب،‭ ‬فالاحتراف‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬التجارب‭ ‬والممارسة،‭ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المخرج‭ ‬العربي‭ ‬او‭ ‬العراقي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬كل‭ ‬بضعة‭ ‬سنوات‭ ‬ينتج‭ ‬فيلماً‭ ‬بميزانية‭ ‬بسيطة‭ ‬بالتأكيد‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬النتائج‭ ‬غير‭ ‬مبهرة‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬فالسينما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُدْرسْ‭ ‬وتُدًرَسْ‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحديث‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات‭ ‬ومواكبة‭ ‬التطور‭.‬

‭- ‬من‭ ‬الذي‭ ‬تجده‭ ‬عادة‭ ‬معك؟‭ ‬لدعمك‭ ‬ومساندتك؟

غالباً‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أعتمد‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬كثيراً‭ ‬وبشكل‭ ‬كبير‭ ‬ولي‭ ‬سبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬أختبر‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬أصعب‭ ‬الحالات‭ ‬فإذا‭ ‬نجحت‭ ‬أشعر‭ ‬بلذة‭ ‬نجاحي‭ ‬وذاتي‭ ‬وإذا‭ ‬فشلت‭ ‬لا‭ ‬أعلق‭ ‬فشلي‭ ‬على‭ ‬شماعة‭ ‬فلان‭ ‬أو‭ ‬فلان،‭ ‬هذا‭ ‬بشكل‭ ‬عملي‭ ‬ولكن‭ ‬كدعم‭ ‬نفسي‭ ‬معنوي‭ ‬أسرتي‭ ‬زوجتي‭ ‬العزيزة‭ ‬ودعاء‭ ‬أمي‭ ‬ووجود‭ ‬أولادي‭ ‬بسمة‭ ‬الحياة‭.‬

‭- ‬متى‭ ‬نرى‭ ‬الأفلام‭ ‬العراقية‭ ‬بدور‭ ‬العرض‭ ‬الخليجية؟‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬خطط‭ ‬لذلك؟

العراق‭ ‬كان‭ ‬بلدا‭ ‬سينمائيا‭ ‬بامتياز‭ ‬منذ‭ ‬نشأة‭ ‬السينما‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬فكان‭ ‬هنالك‭ ‬انتاج‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬سوريا‭ ‬ومصر‭ ‬وكانت‭ ‬الأفلام‭ ‬العراقية‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭ ‬السينمائية‭ ‬متوفرة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والكفاءات‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬درست‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬والجيل‭ ‬التالي‭ ‬الذي‭ ‬درس‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وإيران‭ ‬وبلغاريا‭ ‬حققت‭ ‬نجاحات‭ ‬عربية‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬السبعينيات‭ ‬ولكن‭ ‬النجاح‭ ‬والفرحة‭ ‬لم‭ ‬تدوم‭ ‬طويلا‭ ‬بسبب‭ ‬دخول‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬لها‭ ‬أول‭ ‬ولا‭ ‬نهاية‭ ‬لها،‭ ‬فالحرب‭ ‬تدمر‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬مادياً‭ ‬ومعنوياً‭ ‬وحتى‭ ‬نفسياً‭ ‬واقتصادياً‭ ‬توقفت‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬منذ‭ ‬الثمانينات‭ ‬حتى‭ ‬سقوط‭ ‬النظام‭ ‬السابق،

‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬وسيلة‭ ‬لانتشار‭ ‬الأفلام‭ ‬ككل‭ ‬ليس‭ ‬العراقية‭ ‬فقط‭ ‬هي‭ ‬الإنتاج‭ ‬المشترك‭ ‬بمعنى‭ ‬عندما‭ ‬يشترك‭ ‬مخرج‭ ‬عراقي‭ ‬أو‭ ‬بحريني‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬مشترك‭ ‬بقصة‭ ‬تصلح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عامة‭ ‬هنا‭ ‬سوف‭ ‬نكسب‭ ‬جمهور‭ ‬البلدين‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬فنحن‭ ‬نتاشبه‭ ‬بالدين‭ ‬والبيئة‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬والأرض‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬فوارق‭ ‬بسيطة‭ ‬تذوب‭ ‬أمام‭ ‬مخرجاً‭ ‬بارعاً‭ ‬ونصاً‭ ‬مكتوبا‭ ‬بحرفة‭ ‬ودراية‭ ‬جيدة‭.‬

قلت‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬سابق‭: ‬خلق‭ ‬الإنسان‭ ‬ليترك‭ ‬أثراً‭ ‬بعد‭ ‬رحيله،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رسالة‭ ‬يقدّمها‭ ‬فماهي‭ ‬رسائلك‭ ‬القادمة؟

نعم‭ ‬الأثر‭ ‬هو‭ ‬المنجز‭ ‬الذي‭ ‬يحققه‭ ‬الفرد‭ ‬تجاه‭ ‬بلده‭ ‬وبيئته‭ ‬وشعبه،‭ ‬هو‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تخلده‭ ‬بعد‭ ‬وفاته،‭ ‬وعلى‭ ‬صعيدي‭ ‬الشخصي‭ ‬أحزن‭ ‬عندما‭ ‬ندعى‭ ‬بدول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭!! ‬لماذا‭ ‬ونحن‭ ‬بلدان‭ ‬الرسل‭ ‬والأنبياء؟‭  ‬لماذا‭ ‬ونحن‭ ‬بلدان‭ ‬الكرم‭ ‬والطيبة‭ ‬والمحبة‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬وسن‭ ‬القوانين‭ ‬والأنظمة؟؟‭ ‬لماذا‭ ‬ولماذا‭ ‬ولماذا؟؟‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬ترجموا‭ ‬كتبنا‭ ‬ومصادرنا‭ ‬وعلماؤنا‭ ( ‬ابن‭ ‬الهيثم‭ ‬والرازي‭ ‬وابن‭ ‬حيان‭ ‬والجاحظ‭) ‬هم‭ ‬ترجموا‭ ‬كتبنا‭ ‬ونحن‭ ‬أصحاب‭ ‬الأرض‭ ‬والعلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬أصبحنا‭ ‬مستهلكين‭ ‬بامتياز‭ ‬ولسنا‭ ‬منتجين‭ ‬،‭ ‬ألسنا‭ ‬من‭ ‬علَّم‭ ‬البشر‭ ‬الزراعة‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان؟‭ ‬اليس‭ ‬ديننا‭ ‬من‭ ‬أنصف‭ ‬المرأة‭ ‬وجعلها‭ ‬سيدة‭ ‬مجتمعات؟،‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬حساباتنا‭ ‬وترتيب‭ ‬أوراقنا‭.‬

‭- ‬كلمة‭ ‬أخيرة،،

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬العقل‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬الأنضج‭ ‬والأسمى‭ ‬والأكفأ‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬توافرت‭ ‬له‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬لكي‭ ‬ينتج،‭ ‬ويعود‭ ‬لسموه‭ ‬وازدهاره،‭ ‬وكلٌ‭ ‬وفق‭ ‬تخصصه‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬والعلوم،‭ ‬وكوني‭ ‬سينمائي‭ ‬بالطبع‭ ‬أدعو‭ ‬الرؤساء‭ ‬وأصحاب‭ ‬القرار‭ ‬لدعم‭ ‬الثقافة‭ ‬بكل‭ ‬فئاتها‭ ‬وتخصصاتها‭ ‬فهي‭ ‬المرآة‭ ‬الناصعة‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬صورة‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬دون‭ ‬ذاك،‭ ‬وهذا‭ ‬البلد‭ ‬دون‭ ‬ذاك‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬بلداننا‭ ‬العربية‭ ‬تحمل‭ ‬الكثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإرث‭ ‬والمعرفة‭ ‬والعلوم‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا