يكاد أن يكون الصديق حسين الرفاعي من القلة النادرة الذين يؤمنون بأن السينما ليست صنعة بقدر ما هي فهم وعمق إنساني يتمثل هذه المرة في الصورة.. السينما ليست لقطات فاتنة بقدر ماهي مؤثرة.. حسين، نادرٌ أيضا بالنسبة إلى جيلنا والأجيال التي تلت حتى لا أقول التي سبقت.
مناسبة هذه المقدمة هو التكريم الذي سيناله الليلة في المهرجان الخليجي السينمائي الذي سيعقد في الرياض. وهو تكريم يليق به ويليق بمن رشحه لهذا التكريم.
ولكن لماذا قلت إنه من القلة النادرة؟ لأنه ببساطة فنان وشخص استثنائي، لا يحب الظهور لكنه يدفع الكثيرين الى الظهور. فهو عوضاً عن كونه مولعا بالسينما الجادة والمختلفة - وهذا نادر أيضاً - فهو أيضا مارس كل الادوار فيها، من الفكرة مروراً بمراحل الانتاج إلى الاخراج ومراحل ما بعد الانتاج. إنه مولع بالمعرفة. المسرح قاده إلى السينما وهذا هو دأب المسرح الذي يقودونا إلى كل شيء.. في المسرح هو أيضا كذلك.. وهو لا تنطبق عليه صفة كونه مشتغلا في حقل ما بتجرد، بل هو ميسر ثقافي بالدرجة الأولى، يجيد الانصات والحوار، يثري الجميع بأفكاره المختلفة على صعيد السينما والمسرح، كل ذلك بهدوء وبعيداً عن الأضواء والثناء ولذلك فهو صديق الجميع.
ما يضع حسين في دائرة القلة النادرة هي مسألة بالغة التعقيد، وهو الفهم. لذلك أجد أنه من الضروري الالتفات إلى هذه المسألة. والفهم هنا بمعناه العميق والجاد والمختلف أو بمعنى أصح، هي فلسفة الاشياء التي تضع الجمال في سياقه الصحيح. كنت قد قلت إنه ليس مهماً أن تكون اللقطة فاتنة بقدر ماهي مؤثرة. فتلك الشجرة التي يلتقطها (تاركوفسكي) في لقطة بعيدة ليقترب إليها ببطء قد لا تعني أحداً في زمننا الحالي، إذ هي خالية من النقاء التكنولوجي ونقطية الصورة وأبعاد الاضاءة ومملة أيضا. لكنها جارحة حد الزمن المتآمر علينا ونحن نرى تلك الاعمار تمر من دون أن يلتفت إليها أحد.
حسين قد يكون هذه الشجرة، وهذا أيضا ما يراه في السينما.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك