الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
حظر «التيك توك».. سياسة أم تسلية؟
العديد من الأفراد والمنظمات في الدول والمجتمعات يطالبون بحظر ومنع منصة «التيك توك» في بلادهم.. البعض منهم يرى أن «التيك توك» أسهم في هدم الأخلاقيات والثوابت، والتغلغل في الفكر والهوية، فيما البعض الآخر يرى أنه أسهم في إبراز التافهين والمهرجين وأصحاب المضامين الهابطة، والبعض الآخر يرى أن «التيك توك» شأنه شأن أي وسيلة إعلامية، فهو سلاح ذو حدين.. ولكن ماذا عن القرار الأمريكي الصادر مؤخرا بشأن حظر منصة «التيك توك» في أمريكا..؟؟
بالأمس كتب الأستاذ سليمان جودة حول الموضوع قائلا: «أذكر أن شركة الاتصالات الصينية هواوي كانت عنوانًا للصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين طوال أيام الرئيس ترامب، ونذكر أنه جاء عليه وقت رأى فيه أن هواوي تمثل خطرًا على الأمن القومي الأمريكي، ففرض قيودًا على شراء مُعدّاتها في بلاده.
وقد وصل الصراع أيامها إلى حد أن مديرة الشركة كانت في زيارة لكندا، فأوقفتها الحكومة الكندية لحساب الحكومة الأمريكية التي طلبت تسليمها لها.. ولم تهدأ المعركة قليلًا إلا برحيل ترامب عن البيت الأبيض في يناير 2021.
وفي أيام بايدن انتقل الصراع بين واشنطن وبكين من هواوي إلى منصة تيك توك الاجتماعية، التي تصر الإدارة الأمريكية على حظرها داخل أمريكا.. والذين يعترضون على قرار الحظر يقولون إنه يصادر على حرية التعبير لدى 170 مليون أمريكي يتابعون هذه المنصة.
وعندما يصل عدد متابعيها إلى هذا العدد داخل الولايات المتحدة وحدها، فهذا معناه أن أكثر من نصف الشعب الأمريكي يتابعها.. وفي لغة أخرى يمكن القول إن الأمر يبدو وكأن الصين تصدر جريدة دولية يقرؤها 170 مليون قارئ أمريكي.. وهذا رقم لم تبلغه أي جريدة مطبوعة في أمريكا ولا في سواها.
لنا بالتالي أن نتصور مدى تأثيرها، وربما لهذا السبب أقلق الموضوع إدارة بايدن، وخصوصًا أنها تتطلع إليه من زاوية سياسية لا اجتماعية، وترى أن الصينيين يستخدمون المنصة في أعمال التجسس، وأن حكاية أنها منصة اجتماعية مجرد واجهة، وأن ما وراء الواجهة تعرفه هي كإدارة حاكمة، وأن من حقها أن تتعامل معه بالطريقة التي تراها مناسبة.
الصينيون من جانبهم يستغربون ما يحدث، ويضجون بالشكوى ضد المسؤولين الأمريكيين في كل مكان، ويقولون إن للمنصة جانبها الاقتصادي الذي سيتعثر عند حظرها، وإن هذا الجانب يتمثل في 7 ملايين شركة ستتأثر إلى حد التهديد بالإغلاق في حالة حظر تيك توك.. والأمريكيون يتجاهلون هذا الكلام ويمضون في طريق الحظر إلى آخره، ويصممون على أن للقضية وجهها السياسي، الذي لا يمكن أن يتسامحوا فيه.. والحقيقة أن الطموح السياسي الصيني حول العالم يعزز ما تقوله الإدارة الأمريكية ويؤكده.
ما نراه تسلية على تيك توك تراه واشنطن سياسة، وليس أخطر من السياسة إذا تسللت من خلال الألعاب والتسالي.. وتلك هي الحكاية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك