الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
قلق أمريكي.. يُضرب بعرض الحائط
بلد عربي وافق على إقرار قانون لمكافحة البغاء والشذوذ الجنسي، انطلاقا من الثوابت الدينية والمبادئ العربية والقيم الإنسانية السليمة، والتزاما من الدولة والمجتمع بالحفاظ على هويته وخصوصيته، ورؤيته للعلاقات الإنسانية الطبيعية.. هذا خبر عام مقبول ومحمود.
ولكن الخبر الضار، غير المقبول وغير المحمود، هو رفض الخارجية الأمريكية ما قامت به الدولة العربية، والتدخل السافر في شؤونها، بل التعليق «السخيف» على التشريع والقانون الأخلاقي، الذي يتوافق مع الفطرة السليمة والإنسانية الحقة.
أسوأ من الموقف الأمريكي هو التعليق السافر والغريب، والتهديد المبطن والأرعن، بأن ذلك القانون يضعف قدرة تلك الدولة العربية على تنويع اقتصادها وجذب استثمارات أجنبية إليها، بل يهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية فيها، وأن ما حصل فيها وصدر عنها يدعو إلى القلق العميق والأسف الشديد.
هل لاحظتم كيف أصبحت الآية مقلوبة، والمفاهيم مغلوطة، والنور ظلاما، والظلام نورا؟ والادعاء أن التمسك بالأخلاقيات ورفض الشذوذ والبغاء يهدد الحريات والحقوق، ويناهض التوجه الحضاري والانفتاح، والتنوع والتعددية وفقا لمعنى ومغزى تلك المبادئ في ثقافة من يحاول أن يدير العالم، ويسيطر على مقدراته، وتغريب أجياله، وتغيير أفكاره، وطمس هويته، والانسلاخ من قيمه ومبادئه، وخلق جيل جديد مشوه فكريا وعقائديا وإنسانيا.
هل لاحظتم التهديد المبطن بتأثير ذلك القانون الصادر عن الدولة العربية على اقتصادها والعملية الاستثمارية فيها؟ ما يشير إلى تعطيل المشاريع الاقتصادية، وقد يشمل هذا التعطيل الاقتصادي أشكالا عديدة وكثيرة.. منها عقوبات اقتصادية، وضرب في الاقتصاد، والإساءة لسمعة الدولة، وزيادة الأعمال الإرهابية المفتعلة لطرد الاستثمار والمستثمرين.
وقد يتم تطبيق وتنفيذ التهديد الاقتصادي عبر إغراق تلك الدولة بعملات مزيفة ومخدرات وممنوعات، أو خفض العملة والائتمان، والحرب الاقتصادية على التجارة والصناعة في تلك الدولة، فضلا عن أساليب وممارسات تقوم بها أمريكا ومن يساندها ويعينها على تنفيذ أجندتها، وأجندة «العصابة» التي تسعى لكي تحكم العالم.
ما لوحت به أمريكا، تصريحا وتمليحا، ضد تلك الدولة العربية إشارة واضحة ومباشرة للدول العربية والإسلامية الأخرى، وأي دولة تتعارض مبادئها وقيمها وثوابتها مع الفكر والنهج الذي يراد له أن يتحكم في عقول البشرية، وأن يغمس فيها كل ما هو يخالف الفطرة السليمة، وأن التغيير في الثوابت إن لم يتحقق بالغزو الإعلامي والتكنولوجي، وإن لم ينجح بالغزو الفكري أو العسكري، فإن الغزو والحرب الاقتصادية والبيانات الحقوقية هي العصا القادمة والتهديد المباشر...!!
هذا هو سبب القلق الأمريكي.. وهذا أساس مغالطات التقارير الحقوقية ضد دولنا الخليجية والعربية.. وهذا هو التهديد الذي تلوح به أمريكا ضد من يخالف توجهاتها، وإن كانت تتعارض مع الفطرة السليمة.. ومثل هذا القلق «السياسي الشاذ» يضرب بعرض الحائط من دون هوادة.. ويرمى في «القمامة» من دون تفكير.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك