تُعد الصحافة الفنية إحدي أهم عناصر الجذب الأساسية للقراء لمتابعة الصحف والمجلات ومواقع التواصل الإجتماعي، في السابق كان الكثير من القراء لا يشترون الصحف لمتابعة أخبار السياسة والاقتصاد بل لمتابعة فنانينهم المفضلين عبر الصحف والمجلات.
أما اليوم ومع انتشار الصحافة الإلكترونية واتساع نطاق وسائل التواصل الإجتماعي تعرضت الصحافة الفنية للكثير من النقد، بل يرى بعض النقّاد أنها ابتعدت عن مضمونها الحقيقي وابتعد الكثير منها عن المهنية والأخلاقية فأصبحت تعتمد على المجاملات الفنية التي أدّت إلي إفساد ذوق الجمهور وتسببت في عدم تعلم الفنان من أخطائه.
ويرى البعض أن كثرة المجاملات أبعدت الصحافة الفنية عن دورها الحقيقي في تحليل الأعمال الفنية وتقديم تأريخ حقيقي لمشوار الفنان سلبا وايجابا وصعودا وهبوطا، ورغم ذلك مازال هناك بعض صحفيي الفن وهم قليلون ملتزمون بمهنية وأخلاقيات الصحافة الفنية.
قرّاء "أخبار الخليج" الكرام، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة ويوم الصحافة البحرينية وانطلاقًا من إيماننا المُطلق بأهمية الرأي سلّطنا الضوء في "عالم الشهرة" هذا الأسبوع لمناقشة (تقييم الصحافة الفنية بين المهنية والمجاملات) وما مدى تأثير ذلك على مجتمعاتنا ومستقبل الصحافة الفنية.
بداية أخبرتنا الإعلامية، المؤلفة والناقدة الكويتية أ. ليلى أحمد عن رأيها في الصحافة الفنية بين المهنية والمجاملات قائلة: إذا ركزنا بداية على المهنية في الكتابة الصحفية، فهناك قلة محترفة أما البقية فورائهم المصحح اللغوي الديسك التحريري، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا "ما هي "نوعية" المادة المكتوبة؟
و لأن غالبية الصحف تميل "للسلام" بسبب مصالحهم مع إعلانات شركات الإنتاج ومحطات التلفزة، أصبح الصحفي برغبتة أو غير رغبته مُرغمًا على الانصياع لإرادة الجريدة التي يعمل بها والتي قد تتوافق مع إرادتة أو لاتتوافق فهو في النهاية موظف ويقبض راتبا من الصحيفة نظير عمله.
وواصلت الناقدة حديثها بالقول: وصل طغيان المجاملة الصحفية للفنانين حتى في صياغة الخبر الصحفي عن المنتج الفني وهذا يعني ضعف الكادر الصحفي، وقلة مستواه التعليمي وثقافته، حيث صارت ( بعض المجلات والصحف) تقبل توظيف أي شخص بلا مؤهل ولا مرجعية ولا خبرة للعمل في الصفحات الفنية والمؤسف أنه يتم قبوله، لرخص راتبه، فماذا نتوقع منه؟ ووصفت أحمد بأن المجاملات القاتلة بالصحافة الفنية في الكويت و دول الخليج، بأنها طاغية، وأكدت بأن شركات الإنتاج والفنانين وتحديدا الممثلات (المنتسبات للوسط الفني) ، يضيقون بالنقد ويرحبون بالمجاملات والنفاق، ويحدث كثيرا بحسب قانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الإلكترونية بالكويت أن ترفع قضية على الصحفي الموضوعي الذي قال رأياً كفله له الدستور، فيتم تغريم الصحفي بمبلغ باهض بسبب دعاوى منتسبي الوسط الفني.
وفي السياق ذاته قال المستشار الإعلامي والمدرب الصحافي أ. موسى عساف: بداية؛ لا شك أن للصحافة الفنية دور أساسي في تنمية الحراك الثقافي والفني على المستوى المحلي والعالمي، كما أن لها دور رئيسي في تسليط الضوء وقيادة رأي عام واعٍ نحو ما يستجد من تطورات في المشهد الفني بشكل عام.
وأكد عساف بأن الصحافة الفنية لعبت دوراً أساسياً على مدى سنوات طويلة في تعريف الجمهور بهذا الحراك وتنقيته من المدعين والدخلاء عبر نقد فني رزين، ساهم في تطوير وتجويد المخرجات الفنية وتقديم خلاصة نقدية ثقافية متكاملة.
وقال عساف: للأسف الشديد، فاليوم حال الصحافة الفنية لا يختلف عن حال أي نوع صحافة آخر، خصوصاً مع تداخل المصالح وتحرك أفراد وجهات للدفع والترويج لفكرة أو لشخص معين، لأسباب لا ترتبط بالضرورة بالفكرة الفنية أو الثقافية.
وأكد الإعلامي عساف بأنه رغم ما نراه من كثير من المجالات في الصحافة الفنية اليوم لأسباب متعددة؛ مجاملة، مصالح، إلا أنه لا يمكننا إنكار وجود صحافة فنية وصحافيين أكفاء لا زالوا قادرين على نقل الصورة الحقيقة والنقد البناء وتقديم وجبة ثقافية متكاملة بعيداً عن المجاملة.
المجاملة في الصحافة الفنية تهدم الكثير من القيم الفنية والمجتمعية والأخلاقية، بل وتساهم بشكل كبير في تدمير الذائقة الفنية لعموم الجمهور، عبر المساهمة في خلق (أشباه نجوم) لا يرتقون إلى مستوى أو اسم فنان، مما ينعكس أثره بانحدار في المستوى الفني بشكل عام.
واختتم أ. موسى حديثه بالقول: الصحافي الفني؛ مطلوب منه اليوم أن يعمل على دعم ومساندة المواهب والكفاءات الفنية الحقيقية، والتي تساهم في رُقي المجتمع، وتعمل على إعادة إحياء تاريخ طويل من العمل الفني الذي تميزت به العقود الماضية.
وحدّثنا الناقد والإعلامي الكويتي أ. فهد الهندال عن الصحافة الفنية قائلاً: هناك صحافة فنية تتابع الوسط والمشهد الفني بكل أمانة وتكتب استطلاعاتها وتقييمها بكل حرفية ومهارة وموضوعية من أجل الارتقاء بالمشهد الفني بعيدا عن المحسوبية و"الترند والشللية".
وهناك بعض من يحاول خلق ترند من باب التغطية والمكاشفة دون مراعاة لما تسببه من آثار سلبية وانتقادات وصراعات داخل الوسط، وهذا الجانب معرض للمجاملات كثيرا لكون المصالح هي المسيطرة على العلاقات.
وأضاف الهندال قائلاً: أسوأ ماقد يترتب على كثرة المجاملات في الصحافة الفنية هو دخول البعض للوسط الفني دون تخصص علمي ودون مهارات وربما مهارات ضئيلة جدا، وهو ما يعني تكدس الوسط بأشخاص منتفعين غير نافعين له لا فنا ولا محتوىً أو قيمة، شأنه في ذلك شأن الكثير من المجالات كالإعلام والرياضة والثقافة، وهذا ما يعني تراجع مستوى الفن وجمهوره، فيكون هناك خلط وغير فهم للفن ورسالته وقيمته.
ويرى الناشط الإجتماعي الكويتي عبدالمحسن حاجي أن الصحافة الفنية تعتبر الآن هي الأقوى بسبب اهتمام الجمهور بأخبار الفنانين قائلاً: أصبحنا جميعا نرى اليوم قوة المشاهير وانتشار آخر أخبارهم فقد باتت محط أنظار الجمهور مما أدى لعزوف أغلب المتابعين والقرّاء عن عالم السياسة ومايحوم حولنا من الأخبار الكثيرة لذا فإن التقييم للصحافة الفنية يُعد الأبرز محليا وعالميا.
وفيما يتعلق بالمجاملات فهي لاتقتصر على الامور الأمور الفنية فحسب بل أصبحت طريق الجميع للوصول.
واختتم حاجي حديثه قائلا: لكنني أرى أن كثرة المجاملات في الصحافة الفنية تعطي انطباعًا آخر
فهي تؤدي لعدم الدقة في إبداء الرأي والرأي الآخر.
وعن أهمية الصحافة الفنية ودورها في المجتمعات قال لنا الصحافي ومعد البرامج الإعلامية والفنية أ. حسين الصيدلي: الصحافة كانت ولاتزال أحد الأركان المهمة لتطور المجتمعات ومقياساً للتقدم والحضارة في الدول، و من الأعراف أن لكل مهنة في المجتمع أخلاقيات وسلوكيات راسخة في مضمونها وإذا تحدثنا عن مهنة الصحافي فلها أسس ومعايير كثيرة ، أولها الصدق والأمانة والمهنية العالية .
ومع انتشار مواقع التواصل الإجتماعي وظهور عددًا كبيرًا من ( المستصحفين ) أو من يدعون أنفسهم بـ "نقّاد وصحافة" في السوشيال ميديا، اضطرت بعض الأقلام اللامعة للإنخراط معها في الموجة أو ( الهبّة ) ذاتها، عن طريق مجاملة بعض الفنانين ممن يمتلكون قاعدة كبيرة في السوشيال ميديا، وكما يقول المثل:( مع الخيل يا شقرا ).
وأضاف الصيدلي قائلاً: الأمر الذي بات يزعزع موقف الصحفي المهني بسبب حصوله على بعض الإعجاب أو ( اللايكات ) من "فانزات" بعض الفنانين.
وأكد بأن كثرة المجاملات في الصحافة الفنية تعتبر طامة كبرى ، حيث يكون موقف الصحفي هنا كبعض "المطبلين" الذين يجاملون كونهم يسلكون طريق المدينة الفاضلة أو يستخدمون سلوكاً لتلطيف العلاقات الأمر الذي يجعل هذا الصحفي محسوب لفنان أو لـ"جروب" فني معين ، يسعى لتلميعه أو مجاملته رغم الأخطاء، وهذا مرفوض تماماً وبعيدًا عن المهنية التي نسعى لها.
الصحافة الفنية من أهم وأعظم المنابر التي من المفترض أن تعمل على مساندة الفن الحقيقي،
هكذا استهل الشاعر الغنائي المصري محمد حجازي حواره مع "عالم الشهرة"، مؤكدًا أنه يتوجب على الصحافة الفنية، التصدي لكل ما هو مُسيء للفن و الفنانين وأنه لا مجال للمجاملات بالصحافة الفنية وأضاف حجازي: غير مقبول اطلاقاً أي مجاملات في الفن، فإذا أردنا ضمان تطوّر الفن الجميل واستمراره وُجب على الصحافة الفنية أن تُقيّم الأعمال بكل مصداقية.
وأكد حجازي بأنه كثرة المجاملات في الصحافة الفنية للفنانين تؤدي للإضرار بالذوق العام و اختلال شديد في فهم الأصول و الأعراف لدي النشئ الصغير الذي بات يستمد معظم وعيه الفكري حالياً من خلال "السوشيال ميديا" و الفن و الفنانين، لذا
لابد من أخذ الموضوع على محمل الجد لأنه يُعد خطرًا شديدًا على مجتماعتنا العربية. وعن أهم أعماله قال حجازي: عملت مع العديد من المطربين في الوطن العربي أعمالاً عدة، أما أحدث أعمالي فكانت عبارة عن أربعة أدعية مع المطرب اللبناني سعد رمضان ومع المطرب والفنان القدير أمير الغناء العربي عملت معه دعاء "حلمت" ولله الحمد حظيت هذه الأعمال بشهرة واسعة في الوطن العربي وتليق بسمعتي وسمعة الفنانين الذين عملت معهم وتناسب الذوق العام. و أضاف بأن هناك أعمال جديدة مع عدد من المطربين من الخليج والوطن العربي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك