ضمن أنشطة أسرة الأدباء والكتاب، استضافت الأسرة الشاعر قاسم حداد في أمسية شعرية حوارية، أدارها الشاعر كريم رضي، وسط حضور كبير.
فعندما يكتب قاسم حداد ينفرد القلم بجناحين أثيرين متجاوزاً الحرف والمعنى، يسبغ طابعاً متفرداً في عالم الأدب، ذلك العالم الذي خلق من أجل المبدعين الذين يتألقون في عوالمه المختلفة.
موسيقى الكتابة، ولوهلة يشدنا العنوان نحو مضامين بارزة وظاهرة لبساطة الكلمتين المعبرتين عن معنى ً واحد في حين أن للكاتب قاسم وجهة نظرٍ أخرى تفنن في إيصالها عبر هذا الإصدار الذي كان إضاءة في مسيرته الزاخرة أنارت سماء أسرة الأدباء والكتاب في تلك الليلة وسط حضورٍ غفير من متذوقي الشعر وجمهوره.
بدأ قاسم وهو أحد الشعراء المعاصرين الذين ترجمت أشعارهم للغة الأجنبية وأحد الأعضاء المؤسسين لفرقة مسرح أوال في رسم خط سيرٍ لأفق الشعر البحريني وفق أدبياته التي تنوعت في هذا المجال والتي تجاوزت الخمسين مؤلفاً منها: البشارة، الدم الثاني، قلب الحب، القيامة، الجواشن، عزلة الملكات، نقد الأمل، أخبار مجنون ليلى وغيرها الكثير.
اليوم وفي فضاء أحد هذه النصوص النجمية نقف في رحاب إصدار «موسيقى الكتابة» والذي يتعلق بجماليات موسيقى الكتابة في الشعر العربي يقدمها الشاعر بناء على تجربته الكثيفة في الشعر مبرزاً جماليات اللغة العربية التي تمثل الموسيقى الغنية بالأصوات البالغة التنوع.
حيث يشير أ. قاسم في الكتاب إلى أسبقية الصوت على اللغة وأهمية الالتفات إلى الإيقاع والتحرر باتجاه قصيدة النثر منوهاً على أن سلطة الوزن والقافية وتجاوزها ليس بنهاية الأمر بالنسبة إلى الشاعر خصوصاً وأن التراث العربي مزدحم بالمفهوم الموسيقي للكتابة الشعرية.
وقد سلط الضوء من خلال تجربته العميقة على تقنين بحور الشعر الذي كان ينسب في فترةٍ معينة إلى فئة ممن يعملون في سوق الصفارين على حد تعبيره حيث كان الشعراء آنذاك أيضاً يكتبون الشعر وزناً وموسيقى وتفعيلة وقوافي وبالتالي فإنه لم يبتكر الوزن والتفعيلة والبحور كما فعلوا بل قنن ما كتب الشعراء من قبله.
وتطرق أ. قاسم إلى أن الموسيقى الشعرية ولدت من رحم اللغة العربية إذ تتجلى علاقة الحروف والكلمات والتي هي بمثابة حجر الأساس في الوزن مشيراً إلى أحد الذين كتبوا الشعر موزوناً وهو الخليل بن أحمد حيث قنن الشعر معتمداً على البحر واللغة العربية.
كما قد أوضح وفق رأيه الخاص بأن نزع القداسة عن التراث ككل وعن بحور الشعر يفتح باب الشعر لكل الأجيال إذ إن الثقافة العربية بالغت في تقديس التراث. وعلى غرار ذلك فإن لقاسم ثوابت وقناعات في النظام الفني للكتابة يطرحها في مجمل آرائه حيث يرى أن الشعراء مرشحون أكثر في تغيير إيقاع الشعر والذي يجب عليه أن يكون الشاعر موهوباً وعالماً وعارفاً بعلم ليتمكن من كسر الشعر بالموسيقى والوزن بشكل ممتاز وذلك في نطاق الحريات المتاحة أمامه ليقنع القارئ بأن ما يكتبه شعراً وليس نثراً.
وتأكيداً لما سبق فإن «موسيقى الكتابة» تتحدث عن الثبات الإيقاعي للشعر في العصر القديم وفق إيمان قاسم حداد بأن اللغة العربية زاخرة وغنية بالموسيقى والإيقاعات مما يترتب عليه أن نؤمن نحن بأن الشاعر الجديد حر بما لا يقاس في ابتكار موسيقاه.
ونوه إلى أن تجربة النص المفتوح هي من التجارب التي تستدعي الحذر فيما يتعلق بالكتابة وإطلاق المخيلة النشيطة في الكتابة وهي الشرط الأساسي في تجاوز التخوم واعتبارها كآفاق أكثر منها حدودا وبهذا المعنى نستطيع المراهنة على الأجيال الجديدة في أن تحقق ما لم نصل إليه.
اليوم يحمل قاسم ثقةً كبيرة للشعراء الجدد الذين تزخر نصوصهم الشعرية بالموسيقى وهي العلامة الكبرى الفارقة بين النص المترجم والنص المكتوب باللغة العربية فالإيقاع هو عنصر من إبداع الكائن والموسيقى بمثابة السحر الذي تشع به اللغة العربية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك