العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

أرملة تعيش وحدة قاتلة

أشعر‭ ‬بالوحدة‭ ‬القاتلة،‭ ‬بل‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬رهيبة،‭ ‬مع‭ ‬فلذة‭ ‬كبدي،‭ ‬ابني‭ ‬وسندي‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬أمامي‭ ‬يوميا‭ ‬منذ‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكلمني،‭ ‬نعم‭ ‬ابني‭ ‬مخاصمني‭ ‬ولا‭ ‬ينظر‭ ‬في‭ ‬وجهي‭ ‬ولا‭ ‬يسأل‭ ‬عني‭ ‬أو‭ ‬يفتح‭ ‬باب‭ ‬حجرتي‭ ‬التي‭ ‬تعلو‭ ‬حجرته‭ ‬بطابق‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬لا‭ ‬يجلس‭ ‬معي‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الطعام‭ ‬ولا‭ ‬يبالي‭ ‬بدموعي‭ ‬وقهري‭.‬

أعترف‭ ‬بأنني‭ ‬لست‭ ‬أما‭ ‬مثالية،‭ ‬أنا‭ ‬بشر‭ ‬وأم‭ ‬عادية‭ ‬تحب‭ ‬أبناءها‭ ‬وتحاول‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬استطاعت‭ ‬منذ‭ ‬صغرهم،‭ ‬لم‭ ‬أحرمهم‭ ‬من‭ ‬حبي‭ ‬وحناني‭ ‬وكل‭ ‬مجهود‭ ‬عملي،‭ ‬نصيبي‭ ‬من‭ ‬زواجي‭ ‬التعيس‭ ‬مع‭ ‬أبوهم‭ ‬ولد‭ ‬وبنت‭ ‬فقط،‭ ‬حمدت‭ ‬الله‭ ‬عليهما‭ ‬وكرست‭ ‬كل‭ ‬حياتي‭ ‬وشبابي‭ ‬لهما،‭ ‬تسحملت‭ ‬المر‭ ‬مع‭ ‬زوج‭ ‬بخيل‭ ‬عاطفيا‭ ‬وماديا‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬يتربى‭ ‬ابناي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬والدهما‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توفاه‭ ‬الله‭.‬

نعم‭ ‬أعترف‭ ‬بأنني‭ ‬عصبية‭ ‬أحيانا‭ ‬وأرفع‭ ‬صوتي‭ ‬في‭ ‬المناقشات،‭ ‬وأعترف‭ ‬بأنني‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬ابني‭ ‬وبإلحاح‭ ‬ثمن‭ ‬عملية‭ ‬جراحية‭ ‬ضرورية‭ ‬لعيني‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬ابني‭ ‬الوحيد‭ ‬يغضب‭ ‬ويتهمني‭ ‬بالأنانية‭ ‬وعدم‭ ‬تقدير‭ ‬ظروفه‭ ‬والانتظار‭ ‬مدة‭ ‬6‭ ‬شهور‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أنني‭ ‬ألححت‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬خائفة‭ ‬أن‭ ‬أفقد‭ ‬البصر‭ ‬في‭ ‬عيني‭ ‬اليمنى،‭ ‬ولكنه‭ ‬اتهمني‭ ‬بالاستعجال‭ ‬والأنانية،‭ ‬فدبر‭ ‬لي‭ ‬المبلغ‭ ‬ولكنه‭ ‬خاصمني‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يسأل‭ ‬عني‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬وجهي‭.‬

أنا‭ ‬أرملة‭ ‬متقاعدة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الستين‭ ‬من‭ ‬عمري،‭ ‬جميلة‭ ‬ومازلت‭ ‬في‭ ‬صحتي‭ ‬ولله‭ ‬الحمد،‭ ‬أسكن‭ ‬في‭ ‬بيتي‭ ‬مع‭ ‬ابني،‭ ‬أما‭ ‬ابنتي‭ ‬فهي‭ ‬متزوجة‭ ‬وتسكن‭ ‬بعيدا‭ ‬عني،‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تقصر‭ ‬بالسؤال‭ ‬علي‭ ‬والحنان‭ ‬والاهتمام‭ ‬والمال‭ ‬أيضا،‭ ‬تزورني‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬مرة‭ ‬مع‭ ‬عائلتها‭ ‬الجميلة‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وأبقى‭ ‬طوال‭ ‬الأسبوع‭ ‬وحيدة‭. ‬لي‭ ‬نشاطات‭ ‬ثقافية‭ ‬صغيرة،‭ ‬تعرفت‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬أرمل‭ ‬يكبرني‭ ‬بسنتين‭ ‬يعيش‭ ‬نفس‭ ‬ظروفي‭ ‬تقريبا،‭ ‬طيب‭ ‬ومحترم‭.... ‬عرض‭ ‬عليّ‭ ‬الزواج‭.‬

نعم‭ ‬عرض‭ ‬عليّ‭ ‬الزواج‭ ‬وقضاء‭ ‬باقي‭ ‬أيامنا‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬نؤنس‭ ‬وحدتنا‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬بعضا،‭ ‬فاتحت‭ ‬ابنتي‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬فرحبت‭ ‬ولكن‭ ‬باستحياء،‭ ‬أما‭ ‬الولد‭ ‬فهاج‭ ‬وصرخ‭ ‬وقال‭: ‬هاي‭ ‬اللي‭ ‬ناقص‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬عجزت‭ ‬الوالدة‭ ‬خرفت‭ ‬وتبي‭ ‬تتزوج‭!! ‬شنو‭ ‬بيقولون‭ ‬الناس‭ ‬علينا؟‭ (‬اشلون‭ ‬بيكون‭ ‬منظري‭ ‬جدام‭ ‬ربعي‭ ‬والجيران؟؟‭).‬

تقول‭ ‬الأرملة‭ ‬الجميلة‭: ‬ألا‭ ‬يحق‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أفرح‭ ‬وأعيش‭ ‬باقي‭ ‬أيامي‭ ‬مع‭ ‬إنسان‭ ‬يحبني‭ ‬ويحترمني؟‭ ‬أين‭ ‬ربعه‭ ‬وجيرانه‭ ‬عنه‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يكلمني‭ ‬منذ‭ ‬3‭ ‬سنوات؟‭ ‬هل‭ ‬يعلم‭ ‬جيرانه‭ ‬وربعه‭ ‬أنه‭ ‬مخاصم‭ ‬أمه‭ ‬ولا‭ ‬يجلس‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬طعام‭ ‬واحدة‭ ‬كأنها‭ ‬موبوءة؟‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬يرفض‭ ‬أن‭ ‬يفطر‭ ‬معها،‭ ‬العيد‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يسلم‭ ‬عليها‭.. ‬لا‭ ‬يخاف‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬عقوقه‭ ‬ولكنه‭ ‬يخشى‭ ‬نظرة‭ ‬أو‭ ‬كلام‭ ‬الناس‭ ‬عليه؟‭ ‬هل‭ ‬الزواج‭ ‬جريمة‭ ‬لمن‭ ‬تخطى‭ ‬الستين؟‭ ‬وأنا‭ ‬أسألكم‭ ‬يا‭ ‬ناس‭ ‬ويا‭ ‬جيران‭ ‬ويا‭ ‬ربع‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الأرملة‭ ‬الزواج‭ ‬أم‭ ‬لا؟

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا