الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
المتقاعدون.. وبيان «جمعية الحكمة»
ذات مرة سألت أحد المختصين في العمل الشبابي: لماذا لا يتم ضمّ كل الجمعيات الشبابية تحت جمعية واحدة، بدلا من تشتيت الجهود والموارد؟ فقال لي: إن التعددية مطلوبة، وهي من طبيعة الحياة، وإن أي جمعية لن تتمكن من استيعاب كل الشباب، بمختلف هواياتهم واهتماماتهم وأفكارهم، مهما كانت إمكانياتها ومواردها، كما أن التعددية «الحميدة» تخلق نوعا من التنافسية والجودة، في العمل والإنتاجية.
لذلك أرى أنه من الطبيعي في أي مجتمع أن يتم إنشاء وتأسيس العديد من الجمعيات والمؤسسات في ذات المجال.. هذا حق دستوري ونشاط مجتمعي، لا نزاع فيه ولا ضرر منه، طالما التزم بالقانون، وكان الهدف الأسمى له خدمة الشريحة المستهدفة، والمجتمع.. وفي دول العالم أجمع هناك العديد من الجمعيات والمنظمات والهيئات التي تعمل في ذات المجال، من أجل خدمة وتمثيل فئة أو شريحة من المجتمع في مختلف القطاعات، والعبرة في النتائج وليست في إصدار البيانات.
لم نسمع ولم نقرأ ذات يوم أن «أقدم» جمعية في البلاد مثلا، نسائية أو شبابية أو خيرية وغيرها، أصدرت بيانا يتحفظ على تأسيس جمعية أخرى في ذات المجال.. فالساحة مفتوحة للجميع، والتعددية تخلق التنافسية، وتدفع نحو المزيد من التطوير والتميز في الخدمات، من أجل خدمة الفئة المستهدفة، وطالما حافظت الدولة على مسافة واحدة في التعامل مع الجميع وفق القانون.. هذه سنة الحياة وطبيعة الأشياء، ويجب مواكبة الأمور، واستثمار التعاون وتعزيز التواصل، وترسيخ القيم والمبادئ، وتحقيق الأهداف المنشودة.
لا أدري من نصح وأشار على «جمعية الحكمة للمتقاعدين» بأن تصدر بيانا عاجلا، تعقيبا على قرار تأسيس «جمعية خبرة للمتقاعدين»..؟ فهو بيان غير موفق ولا يخدم المتقاعدين.. والساحة مفتوحة للجميع.. كما أن خدمة المتقاعدين لم تكن في يوم من الأيام حكرا على أحد.
ثم كم عدد المتقاعدين في البلاد؟ وكم نسبة المتقاعدين المنضمين إلى جمعية «الحكمة»؟ وكم عدد من يتابع أعمالها، أو سيتابع أعمال جمعية «خبرة»؟ هناك شريحة كبيرة لم تنضم إلى الجمعيات، ولا تريد، ولا تعرفها حتى.. ولن تتمكن أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني من أن تجبر الناس على الانضمام إليها، أو استيعاب جميع الأفراد، مهما كانت مواردها وإمكانياتها.. طبيعة الحياة وسنن الكون، لا تؤمن بالاحتكار، ولكنها تؤمن بتعدد الخيارات.. ومن «الحكمة» استثمار التعددية لخدمة الناس.
من قراءتي لبيان «جمعية الحكمة»، وجدت أن التركيز كان منصبا على «التمثيل الخارجي».. مما قد «يشعر» قارئ البيان أن الاجتماع الاستثنائي للجمعية صدر من أجل التأكيد على «أولوية وأسبقية» قيادة حركة المتقاعدين، محليا وخارجيا.. أكثر من التأكيد على الدفاع عن حقوق المتقاعدين..!!
تمنيت لو أن جمعية «الحكمة»، التي أنشئت منذ عام 1989، وتجاوبا مع تساؤلات أعضائها الكرام حول تأسيس «جمعية خبرة»، لو أن بيانها تضمن الترحيب بالجمعية الجديدة، والعمل معا من أجل المتقاعدين، مع التشجيع على تأسيس المزيد من الهيئات والجمعيات التي تدعم جهود المتقاعدين، وتدافع عن حقوقهم، وتسعى لزيادة مكتسباتهم. أذكر أنه في أول اجتماع لمجلس إدارة «جمعية الحكمة» في يناير 2023، تم التأكيد على (العزم بزيادة وتيرة مد الجسور والتعاون مع السلطات، وكافة المؤسسات الوطنية والأهلية).. وكنت أتمنى لو أن مجلس إدارة «جمعية الحكمة»، واصل فيما أكد عليه وأشار إليه، وليس العكس..!!
في المقابل أرجو من مجلس إدارة «جمعية خبرة للمتقاعدين» ألا يصدر بيانا هو الآخر ردا على بيان «جمعية الحكمة للمتقاعدين».. لأننا سنفتقد «الحكمة من التعددية».. والمتضرر الأكبر هو «المتقاعد».. الذي لا طال بلح الشام ولا عنب اليمن.. ولا حتى إرجاع الزيادة 3%..!!
أرجو ألا ننساق ونتابع نزاعات وخلافات بين جمعيات «المتقاعدين» وغيرها.. لأن الناس يكفيها اللي فيها.. وتنتظر النتائج والتعاون، لا تراشق البيانات، والبحث عن (كعكة) الدعم المحلي والتمثيل الخارجي..!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك