العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

ألوان

«العيدية» بمصر.. من عهد الفاطميين إلى موروث شعبي

الأحد ١٦ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

تعد‭ ‬‮«‬العيدية‮» ‬لفظا‭ ‬اصطلاحيا‭ ‬أطلقه‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬توزعـه‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬الأوقاف‭ ‬من‭ ‬نقود‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬عيد‭ ‬الفطر،‭ ‬وعيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬كتوسعة‭ ‬على‭ ‬أرباب‭ ‬الوظائف‭.‬

وورد‭ ‬ذكر‭ ‬‮«‬العيدية‮»‬‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬الدواوين‭ ‬الحكومية‭ ‬قديما‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الرسوم‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬حملت‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬التوسعة‮»‬‭ ‬في‭ ‬وثائق‭ ‬الأوقاف‭ ‬الإسلامية‭. ‬

ويقول‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الصاوي،‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬رمضان‭ ‬زمان‭: ‬من‭ ‬الهلال‭ ‬والفانوس‭ ‬ومسحراتي‭ ‬الرسول‭ ‬إلى‭ ‬القطائف‭ ‬والطرائف‭ ‬وإدارة‭ ‬الكعك‭ ‬المعمول‮»‬‭ - ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬الحضارة‭ ‬العربية‭ ‬بالقاهرة‭ -‬‮ ‬إن‭ ‬أول‭ ‬ظهور‭ ‬للعيدية‭ ‬كحق‭ ‬لموظفي‭ ‬الدولة‭ ‬بمصر‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الخليفة‭ ‬الفاطمي‭ ‬المعز‭ ‬لدين‭ ‬الله‭. ‬

وبحسب‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخية،‭ ‬فإنه‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬يذهبون‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬الخليفة‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬القاهرة،‭ ‬صباح‭ ‬يوم‭ ‬العيد‭ ‬للتهنئة،‭ ‬كان‭ ‬الخليفة‭ ‬ينثر‭ ‬عليهم‭ ‬الدراهم‭ ‬والدنانير‭ ‬الذهبية‭ ‬من‭ ‬منظرته‭ ‬بأعلى‭ ‬أحد‭ ‬أبواب‭ ‬قصر‭ ‬الخلافة‭. ‬

ويكون‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأكبر‭ ‬بالعيدية‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الأضحي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬هو‭ ‬عيد‭ ‬الحلل‭ ‬والكسوات،‭ ‬وهكذا‭ ‬كانت‭ ‬العيدية‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الرسوم‮»‬‭ ‬توزع‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬وترصد‭ ‬لها‭ ‬الدولة‭ ‬آلاف‭ ‬الدنانير‭ ‬الذهبية‭. ‬

وتقول‭ ‬الدكتورة‭ ‬الشيماء‭ ‬الصعيدي،‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬لأطلس‭ ‬المأثورات‭ ‬الشعبية‭ ‬المصرية،‭ ‬إن‭ ‬العيدية‭ ‬توزع‭ ‬للمسلمين‭ ‬والمسيحيين‭ ‬بمصر‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وكما‭ ‬كانت‭ ‬الدنانير‭ ‬الذهبية‭ ‬توزع‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬كان‭ ‬الفاطميون‭ ‬يضربون‭ ‬قطعا‭ ‬ذهبية‭ ‬صغيرة‭ ‬تعرف‭ ‬بـ«الخراريب‮»‬‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬خميس‭ ‬العهد،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬المواسم‭ ‬الدينية‭ ‬للمسيحيين،‭ ‬وكان‭ ‬يحتفل‭ ‬به‭ ‬المصريون‭ ‬جميعا،‭ ‬ويعرف‭ ‬بخميس‭ ‬‮«‬العدس‮»‬‭. ‬

وتضيف‭ ‬الصعيدي،‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬لوكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الألمانية‭ (‬د‭. ‬ب‭. ‬أ‭)‬،‭ ‬إن‭ ‬الخراريب‭ ‬كانت‭ ‬توزع‭ ‬على‭ ‬العاملين‭ ‬بالدولة‭ ‬جميعا‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأمراء‭. ‬

ووفقا‭ ‬للمصادر‭ ‬التاريخية،‭ ‬فمع‭ ‬زوال‭ ‬دولة‭ ‬الفاطميين،‭ ‬توقفت‭ ‬الدول‭ ‬المتعاقبة‭ ‬عن‭ ‬صرف‭ ‬العيدية‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الرسوم‮»‬‭ ‬لأرباب‭ ‬الوظائف‭ ‬المدنية،‭ ‬واكتفت‭ ‬بصرفها‭ ‬للجنود‭ ‬من‭ ‬المماليك‭ ‬وبصفة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الفاطميين‭. ‬

وكانت‭ ‬النقود‭ ‬التي‭ ‬تصرف‭ ‬بها‭ ‬العيدية،‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬أنواع‭ ‬هي‭: ‬الدنانير‭ ‬الذهبية‭ ‬والدراهم‭ ‬الفضية‭ ‬والعملات‭ ‬النحاسية‭ ‬وأجزاؤها‭ ‬من‭ ‬الأنصاف‭ ‬والأرباع‭. ‬

ورغم‭ ‬تغير‭ ‬الدول‭ ‬والحكام،‭ ‬ومرور‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭ ‬على‭ ‬زوال‭ ‬الدولة‭ ‬الفاطمية‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬بها‭ ‬العيدية،‭ ‬لايزال‭ ‬المصريون‭ ‬يتوارثون‭ ‬عادة‭ ‬توزيع‭ ‬‮«‬العيدية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬موروثا‭ ‬شعبيا‭ ‬يداوم‭ ‬عليه‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الأعياد،‭ ‬حيث‭ ‬يحرص‭ ‬الكبار‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬العيدية‭ ‬للصغار‭ ‬وسط‭ ‬مظاهر‭ ‬من‭ ‬البهجة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا