الفن لوحة تشكل أبعاد الواقع الحياتي والمجتمعي، فالفن لغة وحكاية تعطينا بعدا تصويريا لخفايا وقضايا قد لا تستطيع التعبير عنها إلا بلوحة فنية، قد تكون رواية أو قصة، وقد تكون لوحة خطها الفنان بريشته، لكن في حديثنا فنحن نسلط الضوء على (الدراما التلفزيونية البحرينية)، فهي وتد ثابت، وركن أساسي يستند عليه من يمتهنون هذا الفن ومن يلونون برؤاهم أبعاده الإنسانية والاجتماعية، ولا سيما أن التلفاز يمثل المنصة الأكثر مشاهدة وتأثيراً بالتوافق مع الهواتف، فمن المؤلم أن ترى الدراما البحرينية اليوم، لا يلقى لها أهمية ودعم إنتاجي بعد أن كانت مضرب مثل وإلهاما في أوج عطائها في التسعينيات.
إن ابتعاد شركات الإنتاج والممثلين والمخرجين عن تفعيل ودعم دور الدراما البحرينية بإنتاجها المتنوع، والذي يسلط الضوء على كثير من مثالب الحياة وعلى قضايا مجتمعية مهمة، يسبب حالة من فقدان الهوية الوطنية.
فمن المهم أن نلتفت لها، فهي رافد عرفته البحرين ودول الجوار من خلال الفنانين المتميزين في الإخراج والتمثيل.
فالنظرة الثاقبة، هي التي تعيد للدراما البحرينية صولاتها وجولاتها التي عرفت بها وعرفها الجوار الشقيق من خلال قراءة واقع الدراما في البحرين، مما يولد حالة من الغبن الابتعاد عنها، وعدم الدعم والمساندة لها.
فمن الأولى أن تستغل هذه الطاقات، التي هي في دماء فنانين عاشقين للدراما، فمن الأجدى الاستفادة منها في إنعاش الدراما البحرينية من جديد، لا أن تستغل في إنتاجات تمثل بلادا أخرى، ولا تعكس وجهها الفني الحقيقي، ففي رسائلها الكثير من الواقع الذي نعيشه، وهجرة من ينتمون لها شيء مؤلم.
وأسماء ممثليها تنم عكس ذلك، فلا بأس أن يكون هناك تعاون بين شركات الإنتاج الأخرى والإنتاج المحلي، لكن من الأجدى أن يكون العطاء داخلي ثم ينظر للخارج.
وقد ولد ابتعاد هذه الطاقات الفنية العاشقة للدراما، عن عزوف مشاركة البراعم في الدراما، فلا يوجد من يسلط الضوء على هذه المواهب اليافعة التي تبحث فقط عمن يعلمهم المسار الصحيح للفن وحيثياته، فغياب المعاهد عن احتضان وصقل هذه الثمرات قد حط الحمل كله على عاتق شركات الإنتاج والممثلين والمخرجين، والذين بدورهم لا يسعهم المجال لتوجيههم وتعليمهم، لافتقارهم للوقت والدعم.
فالصحوة التي عرفتها الدراما المحلية التسعينات، هي اليوم أضعف مما كانت عليه، وذلك لغياب الداعم لها.
فمن يحمل اليوم شعلة إعادة إحيائها من جديد، (سعدون)، (نيران)، (البيت العود)، (حسن ونور السنا)، (أولاد بو جاسم)، (حزاوي الدار)..، كلها كانت نخب درامية في برهتها، كانت مناراً شامخاً في وسط المسلسلات والإنتاجات الخليجية الأخرى، فمن يعيد بريق الدراما البحرينية إلى سابق عهدها، ويشعل مشعلها بالضوء وفتيل الاستمرارية، ما القطعة الناقصة حتى تعود سلطة الدراما البحرينية من جديد لجانب الدراما الخليجية المتطورة؟، فلا القلم النابض ناقص، ولا الممثلين نضبوا، ولا الرؤية الفنية للمخرجين غائبة، فكل ما تحتاجه الدراما هو الدعم، فتلك حلقة الوصل بين الدراما ورعاتها حتى تعود بطريقة عصرية، مزيجاً بين إبداع الماضي، وتطور الحاضر.
فمن المشار، أن التطور الحاصل في وطننا الحبيب اليوم على المستوى الثقافي والفني، والدعم اللامحدود من قبل سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، في إحياء الإنتاج التلفزيوني في البحرين من خلال البرامج والمسلسلات في الفترة الأخيرة، يجب أن يترجم بشكل حقيقي على أرض الواقع من قبل المسؤولين، كما ترجم ببرنامج (السارية)، وذلك باحتضان شركات الإنتاج البحرينية، وتأسيس ورش لتعليم التمثيل للمواهب على أقل تقدير، قد يسهم بعودة الدراما البحرينية إلى مكانها الصحيح، وتوفير فرص لبزوغ نخب من الفنانين الجدد، بعد افتقار الساحة البحرينية لأسماء جديدة تواصل مسيرة القدماء من الصفوة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك