الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
القرار البحريني في مؤتمر سويسرا
((مملكة البحرين من ضمن الدول التي امتنعت عن التوقيع على البيان الختامي لمؤتمر سويسرا حول أوكرانيا الأسبوع الماضي)).. خبر أثار العديد من التساؤلات.. وأرى أن القرار البحريني يستحق أن نتوقف عنده ونسلط الضوء عليه.. وكنت أبحث عن المزيد من تفاصيله، بجانب ما تم توضيحه في ذات الخبر المنشور، من أسباب ومبررات، عامة وشاملة.
ووجدت الإجابة الواضحة عن القرار البحريني، في مضامين الكلمة السامية التي تفضل بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، خلال الحفل الختامي لملتقى البحرين للحوار، وذلك يوم 4 نوفمبر 2022.. حينما أشار جلالته أيده الله قائلا: ((تحتم علينا الأوضاع الراهنة، ونحن نعمل، يدًا بيد، لتحقيق أمل المستقبل المزدهر، بأن نتوافق أولاً على رأي واحد لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، وبدء مفاوضات جادة لخير البشرية جمعاء، والبحرين على أتم الاستعداد لتقديم ما يتطلبه هذا المسعى بإذن الله)).
إذا، فالقرار البحريني في مؤتمر سويسرا، جاء انطلاقا من تمسك مملكة البحرين بموقفها الثابت والراسخ، الذي أكده جلالة الملك المعظم في ملتقى الحوار، وفي مختلف المناسبات، في الدعوة إلى السلام، وتغليب الحكمة والحوار.. وتلك هي السياسة الدبلوماسية البحرينية الحكيمة، التي ترتكز على الاعتدال والتوازن دائما.
والقرار البحريني، جاء كذلك -كما أشار وزير الخارجية في تصريح سابق- لدعم الجهود والمبادرات الرامية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، عن طريق الحوار والسبل الدبلوماسية، بما يحقق مصلحة طرفي النزاع، ويحافظ على الأمن والسلم والاستقرار في القارة الأوروبية، ويجنب العالم أجمع تداعياتها الإنسانية والأمنية والاقتصادية.
والقرار البحريني، جاء أيضا، تأكيدا وتجديدا لدعوة مملكة البحرين القوى الدولية إلى ضرورة تبني المبادرات الكفيلة بحل الصراعات القائمة، وفق المسؤوليات السياسية والإنسانية والأخلاقية المشتركة، ومنها عقد اجتماع دولي بينها، ومن دون شروط مسبقة.
لذلك فإن البيان الختامي للمؤتمر الذي استضافته سويسرا -وكما أشارت جريدة «الخليج الإماراتية» في افتتاحيتها منذ أيام- جاء ببنود من الصعب تحقيقها، وصولاً إلى هدف تحقيق السلام، مع تغييب روسيا عن المؤتمر، وهي طرف أساسي في الحرب..!! وإن البحث عن السلام في أوكرانيا يجب أن يكون من خلال توحيد الجهود الدولية، وبمشاركة كل الأطراف المنخرطة في الحرب، ومن دون استبعاد أي طرف، ومن خلال مؤتمر دولي، يرسم خريطة طريق تأخذ في الاعتبار مواقف الطرفين، ومخاوفهما الأمنية، والتخلي عن منطق القوة، أو فرضها، لتحقيق أهداف خارج القانون الدولي.
الدول «الممتنعة» أرادت أن تتخذ موقفاً يعبّر عن موقفها المحايد في ظل حالة الاستقطاب العالمية بشأن الحرب الأوكرانية، وأن يكون هناك صوت خارج هذا الاصطفاف، يستطيع أن يقوم بدور إيجابي لمصلحة الأمن والسلام العالميين، كما أن المؤتمرات، أو اللقاءات التي تقصي طرفاً من أطراف الحرب، وتأخذ بوجهة نظر واحدة، لن تؤدي إلى حل، بل تشكل عقبة في طريقه، وبالتالي سيكون الأخذ بها مغامرة تزيد الأمور تعقيداً.
لذلك كله ولكثير غيره.. فإن القرار البحريني، يؤكد الحرص المستمر على حل ومعالجة كافة الصراعات والنزاعات، من خلال الحوار الدبلوماسي، والمفاوضات الجادة المباشرة، وفق قواعد القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، من أجل تكريس الاستقرار، ودعم التنمية المستدامة، لما فيه الخير والنماء والازدهار لشعوب العالم أجمع حاضرا ومستقبلا.. وتلك هي ثوابت الدبلوماسية البحرينية الحكيمة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك