يعد فقر الدم أحد الأمراض الوراثية التي تصيب خلايا الدم الحمراء وتغير شكلها، له عدة أعراض تظهر على المريض سنتعرف عليها وعلى طرق التشخيص والعلاج في الحوار التالي مع الدكتور جعفر آل طوق، اختصاصي أمراض الدم الوراثية بمركز أمراض الدم الوراثية في مجمع السلمانية الطبي ونائب الأمين العام للشؤون الطبي في جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر
ما هو مرض فقر الدم المنجلي؟
يعتبر مرض فقر الدم المنجلي من الأمراض الوراثية وواحداً من أكثر اضطرابات الدم شيوعاً على مستوى العالم ويوجد حوالي 27 إلى 28 مليون مصاب بهذا المرض. وفي منطقة الخليج، سجلت البحرين حوالي 9000 آلاف إصابة وتأتي في المركز الثالث من حيث عدد المصابين مقارنة بالكثافة السكانية. ويحدث فقر الدم المنجلي بسبب تغيُّر في الجين الذي يحفز الجسم على إنتاج الهيموغلوبين، وهو المركب الغني بالحديد في خلايا الدم الحمراء، ويسمح لهذه الخلايا بنقل الأكسجين من الرئتين إلى باقي أجزاء الجسم.
ما أسباب هذا الخلل الجيني؟ وما أعراضه؟
يُعتقد وفقاً لنظرية الملاريا أن الخلية المنجلية كانت تمنح قدراً من المقاومة ضد الملاريا مما سمح للعديد من المصابين بمرض الملاريا بالبقاء على قيد الحياة والنجاة من مضاعفات المرض. وينتشر المرض غالباً في المناطق التي يزداد فيها زواج الأقارب أو الأشخاص من نفس القبيلة أو العائلة.
يتسبب فقر الدم المنجلي في حدوث نوبات ألم متكررة تُعرف بنوبات الألم الحاد وعادة ما تحدث من دون سابق إنذار. وتبدأ أعراض المرض في مرحلة الطفولة وتكون مصحوبة بفقر دم حاد ومن الممكن أن يسبب مجموعة من الأعراض، أشهرها الألم، لكنه يمكن أن يُؤثر على مناطق وأعضاء أخرى في الجسم. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي إلى سكتة دماغية، أو تأثيرات على العين، أو ارتفاع في ضغط الشريان الرئوي، أو حصوات المرارة، أو تلف في الكلى أو العظام. ومن الأعراض الأخرى أيضاً اليرقان أو تأخر النمو لدى الأطفال، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المرض لا يسبب إعاقة ولا يوجد له أي تأثير على القدرات العقلية. أغلب مرضى فقر الدم المنجلي يعيشون حياة شبه طبيعية والذين يعانون من أعراض مزمنة هم فئة قليلة من المرضى. وعلى سبيل المثال، في البحرين، حوالي 90% من إجمالي المرضى يعيشون حياة طبيعية، فقط 10% يضطرون إلى الذهاب للمستشفى.
ويجب إجراء تحليل دوري لمعرفة نسبة الهيموجلوبين لدى مرضى فقر الدم المنجلي والتي تختلف من مريض إلى آخر، نسبة الهيموجلوبين الطبيعية 11- 14 لكن مرضى فقر الدم المنجلي تتراوح نسبتهم 7-13. ويعتبر عمر الكُريّات المريضة قصير إذ لا تعيش أكثر من أسبوع واحد وهي مدة قصيرة جدًا بالمقارنة بمعدل عمر الكريات السليمة في الوضع السوي والتي تعيش نحو 120 يوماً، حيث يقوم الطحال بالتخلص من هذه الكريات الشاذة وطردها. وهذا الضغط المكثّف على عمل الطحال يُسبب ضرراً في أدائه الوظيفي باعتباره عضواً يحمي الجسم من الالتهابات فيصبح المرضى أكثر عرضة للإصابة بأمراض التهابية.
كما أن تدنّي مرونة الكريّات المنجليّة في حالة فقر الدم يؤدي إلى انسدادات في الشعيرات الدموية مما يعيق تزويد أنسجة الجسم بالدم، وتسبب هذه الانسدادات آلاماً شديدة، وفي الحالات الخطيرة قد تسبّب حدوث احتشاءات؛ مما يؤدي إلى فقدان الأعضاء المصابة قدرتها على أداء مهامها الوظيفية.
كيف يمكن الوقاية من مرض فقر الدم المنجلي؟
الطريقة المثلى والوحيدة للوقاية من مرض فقر الدم المنجلي هي تجنب الزواج الخطر. وكانت مملكة البحرين سبّاقة في إطلاق خدمة فحص ما قبل الزواج لمكافحة الأمراض الوراثية والذي أصبح فحصاً إلزامياً، وذلك في خطوةٍ هامّة لرفع سوية الوعي المجتمعي والحدّ من انتشار الأمراض الوراثية. وتشير الدراسات والإحصائيات الرسمية الأخيرة إلى انخفاض نسبة المواليد الجدد المصابين بمرض فقر الدم المنجلي بأكثر من 90% على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية.
كما نحرص في مملكة البحرين على إجراء فحوصات الدم بشكل دوري تبدأ مع ولادة الأطفال، وخاصة في العائلات التي تمتلك سجلاً من الإصابة بالمرض. كما نحرص على إجراء فحوصات دم شاملة للطلاب عند انتقالهم من مرحلة الابتدائية إلى الإعدادية. وإجراء فحوصات لطلبة الثانوية مع استعدادهم لدخول الجامعة بهدف الاكتشاف المبكر لأمراض الدم الوراثية ورفع مستوى الوعي لدى جيل الشباب حول أمراض الدم الوراثية في المملكة، ومساعدتهم على معرفة ما إذا كانوا حاملين للصفة الوراثية لمرض فقر الدم المنجلي قبل التفكير بالارتباط والحياة الزوجية. وفي حال تقرر الزواج، فهو مجبور وشريك حياته لإجراء فحص ما قبل الزواج لإخطاره في حال حمله للمرض وتقديم النصيحة وتوعيته بتبعات ذلك في حال رفض الطرفين رأي طبيب العائلة، يتم تحويلها إلى طبيب الجينات لشرح الحالة بشكل مفصل. وفي حال الإصرار على الزواج، لاسيما وأن القانون لا يمنعهم من ذلك باعتباره الزواج حق مشروع، نحاول أن نقنعهم.
ما هي بروتوكولات العلاج المتبعة؟
كما ذكرت سابقاً، مرض فقر الدم المنجلي له تأثيرات على كافة أعضاء الجسم مما يتطلب اتباع بروتوكولات علاج خاصة بكل جزء. ولا بد من التركيز بالدرجة الأولى على الوقاية والمتابعة الدورية وعدم الانتظار لحدوث مضاعفات. وأولت مملكة البحرين اهتماماً كبيراً بهذا المرض عبر تأسيس مركز متخصص لأمراض الدم الوراثية في مجمع السلمانية الطبي وهو أول مركز متخصص في منطقة الشرق الأوسط يتألف من أربعة طوابق ومجهز وفق أحدث المعايير العالمية. إلى جانب ذلك، تم توفير مراكز الرعاية الصحية الأولية التي تتضمن عيادات متخصصة لمتابعة المرضى من قبل الأطباء والكوادر الصحية المؤهلة والمتخصصة الذين تم تدريبهم من قبل الأطباء في مجمع السلمانية الطبي. لذلك، نحن نركز على الوقاية أكثر من العلاج ونحرص على إجراء فحوصات دورية لتجنب حدوث مضاعفات وضمان التدخل المبكر في حال حدوثها خاصة. كما نحرص على متابعة المريض من خلال إجراء فحوصات كل أسبوعين أو كل ثلاثة شهور حسب الحاجة مما يمكننا من رصد المضاعفات، وبعضها لا يمكن رصدها كونها تحدث فجأة وهناك مسارات سريعة لمتابعة الحالات وتقديم الرعاية الطبية اللازمة وضمان عدم حدوث أي تأخيرات قد تؤثر سلباً على صحة المريض.
ما الجهود التي تقومون بها لتعزيز التعاون مع مقدمي الرعاية الصحية وشركات تصنيع الأدوية؟
أولاً، لا بد من التذكير والإشارة إلى أن جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر هي عضو مؤسس في اتحاد الجمعيات الدولية لرعاية مرضى فقر الدم المنجلي في كندا، كما ترأس الجمعية منظمة دعم محاربي السكلر الدولية في أستراليا لتحسين مشاركة المريض في تطوير الرعاية الصحية لمحاربي الخلية المنجلية. كما أن الجمعية عضو في اتحاد الجمعيات الأفريقية لمرضى السكلر لتصبح البحرين الدولة الوحيدة من خارج أفريقيا العضو فيها. وقد أتُيحت لنا الفرصة للتحدث في الكونغرس الأفريقي الدولي للسكلر. ونعمل حالياً على تأسيس اتحاد خليجي لجمعيات مرضى السكلر. ونتعاون مع منظمة الصحة العالمية في برنامج شراكة المريض، إضافة إلى مشاركتنا في الأبحاث السريرية في البحرين، فضلاً عن حضور المؤتمرات الإقليمية والدولية. ولدينا شراكات مع شركات تصنيع الأدوية في مجالات الأبحاث السريرية وتقديم العلاجات اللازمة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك