يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
العملية الإرهابية «كونسيرت»
قبل يومين، نشرت صحيفة «جارديان» البريطانية تقريرا عن خطة إسرائيلية جرى تنفيذها لإعادة تشكيل الخطاب الإعلامي والسياسي الأمريكي وفقا لوثائق سرية إسرائيلية بحسب الصحيفة.
من المفهوم أن الذي دفع الكيان الإسرائيلي إلى وضع هذه الخطة ما حدث من انقلاب في أمريكا وأوروبا والعالم كله على صعيد الرأي العام ضد الكيان وجرائم الحرب والإبادة التي ارتكبها في غزة، الأمر الذي تجسد في انتفاضات شعبية عارمة في الشوارع، وفي الجامعات وغيرها وعلى مستويات أخرى كثيرة تنديدا بهذه الجرائم ومطالبة بمقاطعة الكيان الإسرائيلي ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم.
هذه الانقلاب في الرأي العام نسف كل الدعاية الصهيونية عبر عقود طويلة وأظهر الكيان الإسرائيلي على حقيقته الإرهابية الإجرامية.
صحيفة «الجارديان» نشرت بحسب الوثائق التي قالت إنها سرية وحصلت عليها تفاصيل قليلة عن الخطة الإسرائيلية.
الفكرة الرئيسية في الخطة أن الكيان الإسرائيلي في مواجهة هذه الحملة الضارية ضده يجب ألا يكون في موقف الدفاع وإنما أن يكون في موقف الهجوم.
الحملة استهدفت كل الذين يحتجون ويوجهون الانتقادات إلى الكيان الإسرائيلي ويكشفون جرائم الإبادة التي يرتكبها في غزة، وكل من يطالبون بمقاطعة الكيان ومحاسبته على جرائمه، وكل من يتضامن مع الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.
استهدفت الحملة خصوصا طلبة وأساتذة الجامعات في أمريكا وأوروبا وما أسموه في الخطة «أنشطة الوعي الجماهيري» أي كل نشاط من شأنه التأثير في الرأي العام، كأجهزة الإعلام وغيرها.
كما استهدفت الحملة الضغط لإعادة تعريف مفهوم «معاداة السامية» في القانون الأمريكي بحيث يمتد إلى اعتبار أي انتقادات توجه إلى الكيان الإسرائيلي وسياساته معاداة للسامية وبالتالي يخضع أصحابها للتجريم الجنائي.
تم تخصيص أموال في الميزانية لتمويل هذه الخطة. أطلق على الخطة «كونسيرت» وتضمنت 80 برنامجا تفصيليا يتم تنفيذها بالفعل.
بالطبع وكما هو مفهوم، لجأ الصهاينة الذين صمموا ونفذوا العملية، وكما هي عادتهم دائما، إلى كل الأساليب القذرة المتصورة مع كل الذين ينتقدون الكيان الإسرائيلي وكل من تستهدفهم الحملة. لجأوا إلى أساليب الضغط والتهديد السافر والابتزاز وتشويه السمعة والتحريض على فصلهم من العمل ودفع الشركات إلى عدم توظيف أي أحد يشارك في الاحتجاجات.. وهكذا. وقد تابعنا بالفعل في الأشهر الماضية تقارير كثيرة عن هذه الأساليب القذرة وكيف تم اللجوء إليها في أمريكا وأوروبا.
إذن، هذه العملية «كونسيرت» هي عملية إرهابية بكل معنى الكلمة تستخدم كل أساليب الإرهاب السياسي والإعلامي والفعلي.
عبر هذه العملية، وبهذه الأساليب، نجح الصهاينة في تحقيق إنجازات. نجحوا مثلا بالفعل في إرهاب كثير من رؤساء وأساتذة الجامعات في أمريكا وأوروبا وإجبارهم على اتخاذ مواقف مناهضة لاحتجاجات الطلاب. ونجحوا في إسكات كثير من الأصوات في أجهزة الإعلام المختلفة.
وحقق الصهاينة نجاحا سياسيا كبيرا حين دفعوا الكونجرس الأمريكي إلى إقرار مخططهم بإعادة تعريف معاداة السامية على النحو الذي يريدون، الأمر الذي مثل عنصر إرهاب إضافي للمحتجين.
هذه الخطة الصهيونية لم تنجح في أن تغير انقلاب الرأي العام العالمي بشكل عام على الكيان الإسرائيلي وجرائمه، فهذه الجرائم وصلت حدا من الهمجية والشناعة بحيث يصعب جدا على الرأي العام تجاوزها أو تقبل أي تبرير لها أيا كان. لكن الصهاينة يراهنون على أنه مستقبلا سينسى العالم ما يجري وما تم ارتكابه من جرائم وستبقى سطوتهم التي يمارسونها في أمريكا وأوروبا والنفوذ الهائل للوبي الصهيوني.
للقضية وجه مهم آخر سنتحدث عنه في مقال قادم بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك