الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
متزوجون اسما.. مطلقون فعلا..!!
يقول د. جاسم المطوع: (في القرآن الكريم لا توجد سورة باسم «الزواج»، ولكن هناك سورة باسم «الطلاق»، وتتضمن (12) آية، في أول (6) آيات بيان أحكام الطلاق، وفي باقي الآيات (6) أسباب انهيار الأمم والحضارات.. في إشارة واضحة إلى أن كثرة الطلاق تتسبب في تفكك المجتمعات، والنتيجة هي أن تنهار الأمم والحضارات.. وهذه هي الحكمة من سورة «الطلاق»).
لذلك نرى أن العلاقة الزوجية والحياة الأسرية لا تعني فقط توفير الأكل والملبس والاحتياجات للزوجة والأبناء.. وليس من مقاصد الزواج إنجاب الأطفال فقط.. الزواج وبناء الأسرة الصالحة يقوم على المودة والرحمة، والعشرة والتربية، والمسؤولية والترابط الأسري.
وفي مجتمعاتنا العربية والإسلامية، هناك ظاهرة مستفحلة، ربما تكون «صامتة» لا تظهر للعلن، لأسباب ثقافية ومجتمعية، ولكنها واقع معيش، تدكّ البيوت من الداخل، وتنخر أسس الأسرة، وتعصف بالعلاقات الزوجية ومستقبلها، وتأثيرها وتداعياتها على الأبناء.. (متزوجون اسما.. مطلقون فعلا) تلك هي الظاهرة المجتمعية، الواجب التحذير منها، والإشارة إليها، والسعي لإصلاحها وتعديلها.
الكثير منا يتابع ويسمع عن حالات أسرية، وشكوى الزوجات بأن أزواجهن حولوا منظومة الحياة الأسرية إلى منظومة رسمية، والمنزل إلى فندق، والمسؤولية إلى مجرد توفير الأكل واللبس و«ماجلة البيت»، والعلاقة في تسليم الزوجة مخصص كل شهر لتجلب ما يحتاج إليه المنزل، ودفع الفواتير وإصلاح ما يخرب من أجهزة وآلات، في حين أن ما تم تخريبه وتعطله من علاقات وواجبات لا يتم الالتفات إليه، ولا الاهتمام به.
لا أريد أن أسرد القصص والحكايات، والنماذج والأمثلة والمعاناة، التي تشكو منها بعض الزوجات، وكيف إن تصرفات الأزواج تسببت في ضياع الأبناء، الذين يقضون جلّ أوقاتهم مع الرفقاء والأصدقاء، أو أمام الأجهزة الالكترونية.
المشكلة أن تبرير الزوج دائما ما يكون أنه يعمل من أجل أن تعيش الأسرة الحياة الكريمة، متناسيا ومتغافلا أن الحياة الأسرية الكريمة لا تكمن فقط في توفير المال، دون العناية بالزوجة، والتربية الحسنة للأبناء.. بكلمة طيبة.. بهدية جميلة.. باحترام متبادل.. بالاستماع والإنصات لهم.. ببناء علاقة إيجابية معهم، بدلا من أن تضطر الزوجة إلى تنفيس ما بها إلى صديقاتها أو غيرهم، أو لجوء الأبناء إلى رفقاء يبثون لهم مشاكلهم.
دورات تدريبية، وبرامج اجتماعية، وجلسات نفسية، وكلام كثير، وحديث طويل، حول «الطلاق الصامت» و«الطلاق العاطفي»، الذي يتفشى في الكثير من البيوت، وهو أمر منهي عنه في الإسلام، وغير مرغوب إنسانيا، حينما يعيش الزوج وزوجته في بيت واحد من دون أن يكون بينهما ما يكون في الأسرة الواحدة، من ترابط وتواصل، ومودة وتراحم.
قد يستمتع ويعتاد الزوج والزوجة بهذا الشكل من العلاقة، «دون عوار راس»، ولا مشاكل معلنة.. ولكن آثارها كبيرة، وتداعياتها خطيرة، على الأسرة وعلى الأبناء، فهم الضحايا في تلك العلاقة السلبية.. وهناك أساليب عديدة وحلول كثيرة يمكن التعرف عليها، والوصول إليها، والقراءة عنها، من أجل تحقيق «السعادة الزوجية»، والقضاء على «الطلاق الصامت».
لست في طور إلقاء الخطأ واللوم والتقصير على الزوج وحده، أو الزوجة وحدها.. هي مسؤولية مشتركة، تسبب فيها طرف وشجعه طرف آخر.. ولم يتم معالجة الخطأ منذ البداية، وكان الصمت هو الأساس، واتخذ البعض أسلوب «التطنيش» حلا سريعا لتجنب المزيد من المشاكل والخلافات.. وتكون النتيجة النهائية: «متزوجون اسما.. مطلقون فعلا»!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك