العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

متزوجون اسما.. مطلقون فعلا..!!

يقول‭ ‬د‭. ‬جاسم‭ ‬المطوع‭: (‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬سورة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الزواج‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬سورة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الطلاق‮»‬،‭ ‬وتتضمن‭ (‬12‭) ‬آية،‭ ‬في‭ ‬أول‭ (‬6‭) ‬آيات‭ ‬بيان‭ ‬أحكام‭ ‬الطلاق،‭ ‬وفي‭ ‬باقي‭ ‬الآيات‭ (‬6‭) ‬أسباب‭ ‬انهيار‭ ‬الأمم‭ ‬والحضارات‭.. ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كثرة‭ ‬الطلاق‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬تفكك‭ ‬المجتمعات،‭ ‬والنتيجة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬تنهار‭ ‬الأمم‭ ‬والحضارات‭.. ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الحكمة‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬‮«‬الطلاق‮»‬‭).‬

لذلك‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬والحياة‭ ‬الأسرية‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬فقط‭ ‬توفير‭ ‬الأكل‭ ‬والملبس‭ ‬والاحتياجات‭ ‬للزوجة‭ ‬والأبناء‭.. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬مقاصد‭ ‬الزواج‭ ‬إنجاب‭ ‬الأطفال‭ ‬فقط‭.. ‬الزواج‭ ‬وبناء‭ ‬الأسرة‭ ‬الصالحة‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬المودة‭ ‬والرحمة،‭ ‬والعشرة‭ ‬والتربية،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬والترابط‭ ‬الأسري‭. ‬

وفي‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬هناك‭ ‬ظاهرة‭ ‬مستفحلة،‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬صامتة‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬للعلن،‭ ‬لأسباب‭ ‬ثقافية‭ ‬ومجتمعية،‭ ‬ولكنها‭ ‬واقع‭ ‬معيش،‭ ‬تدكّ‭ ‬البيوت‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬وتنخر‭ ‬أسس‭ ‬الأسرة،‭ ‬وتعصف‭ ‬بالعلاقات‭ ‬الزوجية‭ ‬ومستقبلها،‭ ‬وتأثيرها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬على‭ ‬الأبناء‭.. (‬متزوجون‭ ‬اسما‭.. ‬مطلقون‭ ‬فعلا‭) ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬الظاهرة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬الواجب‭ ‬التحذير‭ ‬منها،‭ ‬والإشارة‭ ‬إليها،‭ ‬والسعي‭ ‬لإصلاحها‭ ‬وتعديلها‭.‬

الكثير‭ ‬منا‭ ‬يتابع‭ ‬ويسمع‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ ‬أسرية،‭ ‬وشكوى‭ ‬الزوجات‭ ‬بأن‭ ‬أزواجهن‭ ‬حولوا‭ ‬منظومة‭ ‬الحياة‭ ‬الأسرية‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬رسمية،‭ ‬والمنزل‭ ‬إلى‭ ‬فندق،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬توفير‭ ‬الأكل‭ ‬واللبس‭ ‬و‮«‬ماجلة‭ ‬البيت‮»‬،‭ ‬والعلاقة‭ ‬في‭ ‬تسليم‭ ‬الزوجة‭ ‬مخصص‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬لتجلب‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬المنزل،‭ ‬ودفع‭ ‬الفواتير‭ ‬وإصلاح‭ ‬ما‭ ‬يخرب‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬وآلات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تخريبه‭ ‬وتعطله‭ ‬من‭ ‬علاقات‭ ‬وواجبات‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الالتفات‭ ‬إليه،‭ ‬ولا‭ ‬الاهتمام‭ ‬به‭.‬

لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أسرد‭ ‬القصص‭ ‬والحكايات،‭ ‬والنماذج‭ ‬والأمثلة‭ ‬والمعاناة،‭ ‬التي‭ ‬تشكو‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬الزوجات،‭ ‬وكيف‭ ‬إن‭ ‬تصرفات‭ ‬الأزواج‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬الأبناء،‭ ‬الذين‭ ‬يقضون‭ ‬جلّ‭ ‬أوقاتهم‭ ‬مع‭ ‬الرفقاء‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬أو‭ ‬أمام‭ ‬الأجهزة‭ ‬الالكترونية‭.‬

المشكلة‭ ‬أن‭ ‬تبرير‭ ‬الزوج‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬الأسرة‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة،‭ ‬متناسيا‭ ‬ومتغافلا‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬الأسرية‭ ‬الكريمة‭ ‬لا‭ ‬تكمن‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬المال،‭ ‬دون‭ ‬العناية‭ ‬بالزوجة،‭ ‬والتربية‭ ‬الحسنة‭ ‬للأبناء‭.. ‬بكلمة‭ ‬طيبة‭.. ‬بهدية‭ ‬جميلة‭.. ‬باحترام‭ ‬متبادل‭.. ‬بالاستماع‭ ‬والإنصات‭ ‬لهم‭.. ‬ببناء‭ ‬علاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬معهم،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تضطر‭ ‬الزوجة‭ ‬إلى‭ ‬تنفيس‭ ‬ما‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬صديقاتها‭ ‬أو‭ ‬غيرهم،‭ ‬أو‭ ‬لجوء‭ ‬الأبناء‭ ‬إلى‭ ‬رفقاء‭ ‬يبثون‭ ‬لهم‭ ‬مشاكلهم‭.‬

دورات‭ ‬تدريبية،‭ ‬وبرامج‭ ‬اجتماعية،‭ ‬وجلسات‭ ‬نفسية،‭ ‬وكلام‭ ‬كثير،‭ ‬وحديث‭ ‬طويل،‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الطلاق‭ ‬الصامت‮»‬‭ ‬و«الطلاق‭ ‬العاطفي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يتفشى‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البيوت،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬منهي‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬وغير‭ ‬مرغوب‭ ‬إنسانيا،‭ ‬حينما‭ ‬يعيش‭ ‬الزوج‭ ‬وزوجته‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بينهما‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬الأسرة‭ ‬الواحدة،‭ ‬من‭ ‬ترابط‭ ‬وتواصل،‭ ‬ومودة‭ ‬وتراحم‭.‬

قد‭ ‬يستمتع‭ ‬ويعتاد‭ ‬الزوج‭ ‬والزوجة‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬من‭ ‬العلاقة،‭ ‬‮«‬دون‭ ‬عوار‭ ‬راس‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬مشاكل‭ ‬معلنة‭.. ‬ولكن‭ ‬آثارها‭ ‬كبيرة،‭ ‬وتداعياتها‭ ‬خطيرة،‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬وعلى‭ ‬الأبناء،‭ ‬فهم‭ ‬الضحايا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬السلبية‭.. ‬وهناك‭ ‬أساليب‭ ‬عديدة‭ ‬وحلول‭ ‬كثيرة‭ ‬يمكن‭ ‬التعرف‭ ‬عليها،‭ ‬والوصول‭ ‬إليها،‭ ‬والقراءة‭ ‬عنها،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬‮«‬السعادة‭ ‬الزوجية‮»‬،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬‮«‬الطلاق‭ ‬الصامت‮»‬‭.‬

لست‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬إلقاء‭ ‬الخطأ‭ ‬واللوم‭ ‬والتقصير‭ ‬على‭ ‬الزوج‭ ‬وحده،‭ ‬أو‭ ‬الزوجة‭ ‬وحدها‭.. ‬هي‭ ‬مسؤولية‭ ‬مشتركة،‭ ‬تسبب‭ ‬فيها‭ ‬طرف‭ ‬وشجعه‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭.. ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬معالجة‭ ‬الخطأ‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬وكان‭ ‬الصمت‭ ‬هو‭ ‬الأساس،‭ ‬واتخذ‭ ‬البعض‭ ‬أسلوب‭ ‬‮«‬التطنيش‮»‬‭ ‬حلا‭ ‬سريعا‭ ‬لتجنب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬والخلافات‭.. ‬وتكون‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭: ‬‮«‬متزوجون‭ ‬اسما‭.. ‬مطلقون‭ ‬فعلا‮»‬‭!‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا