العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

بصمات نسائية

مبدئي في الحياة «تعلم أن تنضج في غياب الشمس»

أجرت الحوار: هالة كمال الدين

الأربعاء ٠٣ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

تقول‭ ‬الكاتبة‭ ‬أحلام‭ ‬مستغانمي‭: ‬‮«‬كما‭ ‬تدين‭ ‬تدان‭.. ‬وسيأتي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يدان‭ ‬لك‭ ‬جميلك‮»‬‭! ‬

نعم‭.. ‬افعل‭ ‬الخير‭ ‬سيعود‭ ‬إليك‭ ‬يوما‭ ‬ما،‭ ‬ولعل‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شرط‭ ‬أو‭ ‬مقابل،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬قيمة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬إنساني‭!‬

تلك‭ ‬هي‭ ‬قناعة‭ ‬الناشطة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬دلال‭ ‬علي‭ ‬أمين،‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬أول‭ ‬جمعية‭ ‬إغاثية‭ ‬شبابية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬جمال‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬من‭ ‬يسألك‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬بحاجة‭ ‬إليه،‭ ‬وأن‭ ‬الأسمى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يسألك‭ ‬وتعرف‭ ‬حاجته،‭ ‬لإشعاره‭ ‬بالبهجة،‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬المغزى‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي،‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬هو‭ ‬والسعادة‭ ‬وجهين‭ ‬لعملة‭ ‬واحدة‭.‬

لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬الدراسات‭ ‬الحديثة‭ ‬لعلم‭ ‬النفس‭ ‬التطوري‭ ‬وجود‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الخير‭ ‬الفطري‭ ‬لدى‭ ‬جميع‭ ‬البشر،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬مصائبنا‭ ‬وآلامنا‭ ‬كالخير‭ ‬الذي‭ ‬نفعله،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬البطلة‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬التطوع‭ ‬تجربة‭ ‬مثيرة‭ ‬ترتقي‭ ‬بصاحبها‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬واسعة،‭ ‬وبأنه‭ ‬تجارة‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وليس‭ ‬مع‭ ‬البشر،‭ ‬فهكذا‭ ‬نشأت‭ ‬بالفطرة‭ ‬وتعلمت‭ ‬من‭ ‬تجاربها‭ ‬ومن‭ ‬والديها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أسهم‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬هموم‭ ‬الحياة‭ ‬وصدماتها‭ ‬عبر‭ ‬مسيرتها‭.‬

حول‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الإنسانية‭ ‬بامتياز‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬التالي‭: ‬

متى‭ ‬أدركت‭ ‬معنى‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي؟‭ ‬

منذ‭ ‬طفولتي‭ ‬أجد‭ ‬متعة‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬قيامي‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭ ‬تطوعي،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬لوالدي‭ ‬الفضل‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬اعتادا‭ ‬أن‭ ‬يقصا‭ ‬عليّ‭ ‬قصصا‭ ‬متنوعة‭ ‬عن‭ ‬الإيثار‭ ‬ومبادرة‭ ‬الخير،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬زرع‭ ‬بداخلي‭ ‬أهمية‭ ‬وقيمة‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬والخيري،‭ ‬وأذكر‭ ‬أن‭ ‬والدتي‭ ‬كانت‭ ‬تصطحبني‭ ‬مع‭ ‬أطفال‭ ‬الفريج‭ ‬البسطاء‭ ‬كي‭ ‬يختاروا‭ ‬ملابس‭ ‬جديدة‭ ‬بأنفسهم‭ ‬وبحسب‭ ‬ذوقهم،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬المختلفة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعلمت‭ ‬منها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الإنسانية‭.‬

مبادئ‭ ‬مثل‭ ‬ماذا؟

مازلت‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬أتذكر‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أراه‭ ‬على‭ ‬وجوه‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬البهجة‭ ‬والسرور‭ ‬أثناء‭ ‬قيامهم‭ ‬باختيار‭ ‬ملابسهم‭ ‬بأنفسهم‭ ‬بصحبتي‭ ‬أنا‭ ‬ووالدتي،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬يشعرني‭ ‬بسعادة‭ ‬فائقة،‭ ‬ومن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬أمي‭ ‬على‭ ‬ممارستها‭ ‬تشكل‭ ‬وجداني،‭ ‬وتعلمت‭ ‬معنى‭ ‬العطاء‭ ‬والإحسان‭ ‬بكرامة،‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬توفيت‭ ‬والدتي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة،‭ ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬محاربي‭ ‬مرض‭ ‬السرطان،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬اليأس‭ ‬مطلقا‭ ‬وكان‭ ‬تغلب‭ ‬عليها‭ ‬دوما‭ ‬مشاعر‭ ‬الأمل‭ ‬والتفاؤل‭ ‬ولآخر‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬عمرها،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الدرس‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬علمتني‭ ‬إياه،‭ ‬وعقب‭ ‬وفاتها‭ ‬افتقدها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬سعيها‭ ‬الدائم‭ ‬لفعل‭ ‬الخير‭ ‬ولمساعدة‭ ‬الآخرين،‭ ‬وكانت‭ ‬وفاتها‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬ارتباطي‭ ‬بوالدي‭ ‬بشدة‭ ‬والذي‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬شخصيتي‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭.‬

كيف‭ ‬صقل‭ ‬والدك‭ ‬شخصيتك؟

لقد‭ ‬لعب‭ ‬والدي‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬صقل‭ ‬شخصيتي،‭ ‬فهو‭ ‬رجل‭ ‬عصامي‭ ‬بنى‭ ‬نفسه‭ ‬بنفسه،‭ ‬وتعلمت‭ ‬منه‭ ‬معنى‭ ‬الكفاح‭ ‬والصبر،‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬تجارب‭ ‬الحياة‭ ‬المؤلمة‭ ‬وتجاوزها‭ ‬بسلام،‭ ‬وأهمية‭ ‬النهوض‭ ‬بعد‭ ‬أي‭ ‬سقوط،‭ ‬وكان‭ ‬مستشارا‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يخص‭ ‬حياتي‭ ‬وعند‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬اتخذها،‭ ‬وكنت‭ ‬أجد‭ ‬سعادة‭ ‬كبيرة‭ ‬حين‭ ‬يعرب‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬فخره‭ ‬بي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يدفعني‭ ‬إلى‭ ‬السعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬أي‭ ‬إنجاز‭ ‬أو‭ ‬هدف،‭ ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬المتفوقات‭ ‬في‭ ‬دراستي‭ ‬فإنني‭ ‬انقطعت‭ ‬عنها‭ ‬لظروف‭ ‬خاصة‭.‬

لماذا‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬دراستك؟

توقفي‭ ‬عن‭ ‬إكمال‭ ‬مشواري‭ ‬العلمي‭ ‬كان‭ ‬لظروف‭ ‬عائلية،‭ ‬حيث‭ ‬ضحيت‭ ‬بتحقيق‭ ‬طموحي‭ ‬الدراسي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أسرتي‭ ‬ورعاية‭ ‬أبنائي‭ ‬مدة‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬ولكني‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬الطويلة‭ ‬قررت‭ ‬العودة‭ ‬لاستئناف‭ ‬الدراسة‭ ‬وبكل‭ ‬قوة‭ ‬وإصرار،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬مارست‭ ‬نشاطي‭ ‬التطوعي‭ ‬أثناء‭ ‬وجودي‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬مع‭ ‬أسرتي‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬حيث‭ ‬عملت‭ ‬كمعلمة‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬للطلبة‭ ‬المغتربين،‭ ‬وكانت‭ ‬تجربة‭ ‬ممتعة‭ ‬للغاية‭.‬

أصعب‭ ‬محنة؟

لقد‭ ‬مررت‭ ‬بأزمات‭ ‬وتجارب‭ ‬مؤلمة‭ ‬عديدة،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكسرني‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أسمح‭ ‬لها‭ ‬بذلك،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬شخصيتي‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬الاستسلام،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬التجارب‭ ‬تعرضي‭ ‬لأزمة‭ ‬صحية‭ ‬صعبة،‭ ‬قادتني‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬جراحة‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬ألمانيا،‭ ‬والتي‭ ‬مثلت‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬مسألة‭ ‬حياة‭ ‬أو‭ ‬موت،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬اجتزت‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬بسلام‭.‬

كيف‭ ‬تم‭ ‬تجاوزها؟

تجاوزت‭ ‬تلك‭ ‬المحنة‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬سنوات‭ ‬بتوكلي‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬وتذكري‭ ‬وترديدي‭ ‬الدائم‭ ‬لقول‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالي‭ (‬وأنفقوا‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬رزقناكم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬أحدكم‭ ‬الموت‭ ‬فيقول‭ ‬رب‭ ‬لولا‭ ‬أخرتني‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬قريب‭ ‬فأصدق‭ ‬وأكن‭ ‬من‭ ‬الصالحين‭ ‬ولن‭ ‬يؤخر‭ ‬الله‭ ‬نفسا‭ ‬إذا‭ ‬جاء‭ ‬أجلها‭ ‬والله‭ ‬خبير‭ ‬بما‭ ‬تعملون‭) ‬وبالفعل‭ ‬خرجت‭ ‬منها‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل،‭ ‬وساعدني‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭ ‬وضعي‭ ‬تجربة‭ ‬والدتي‭ ‬مع‭ ‬مرض‭ ‬السرطان‭ ‬نصب‭ ‬عيناي،‭ ‬حيث‭ ‬اتخذتها‭ ‬قدوة‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بالقوة‭ ‬والصبر،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬مثالا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬التحمل‭ ‬والمثابرة‭.‬

وماذا‭ ‬عن‭ ‬طموح‭ ‬إكمال‭ ‬الدراسة؟

ظل‭ ‬هاجس‭ ‬الدراسة‭ ‬يراودني‭ ‬بشدة‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الانقطاع‭ ‬عنها،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬أهدافي‭ ‬لاستكمال‭ ‬مسيرتي‭ ‬العلمية‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬قدوة‭ ‬لأبنائي‭ ‬الثلاثة،‭ ‬لذلك‭ ‬قررت‭ ‬العودة‭ ‬لاستئناف‭ ‬مشواري‭ ‬العلمي‭ ‬بعد‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التوقف،‭ ‬وكان‭ ‬والدي‭ ‬يدعمني‭ ‬ويشجعني‭ ‬بشدة‭ ‬للمواصلة،‭ ‬وبالفعل‭ ‬التحقت‭ ‬بإحدى‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة،‭ ‬ودرست‭ ‬تخصص‭ ‬إدارة‭ ‬نظم‭ ‬المعلومات،‭ ‬وكنت‭ ‬من‭ ‬المتفوقات،‭ ‬وبعدها‭ ‬عملت‭ ‬بوظيفة‭ ‬بالقطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬وتدرجت‭ ‬مهنيا‭ ‬عبر‭ ‬16‭ ‬عاما،‭ ‬ووصلت‭ ‬إلى‭ ‬منصبي‭ ‬الحالي‭. ‬

وعن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬جمعية‭ ‬الإغاثة‭ ‬الشبابية؟

تأسيس‭ ‬جمعية‭ ‬الإغاثة‭ ‬الشبابية‭ ‬كانت‭ ‬فكرة‭ ‬رئيسها،‭ ‬وقد‭ ‬تعاوننا‭ ‬سويا‭ ‬لإطلاقها‭ ‬كأول‭ ‬جمعية‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬وذلك‭ ‬لحبي‭ ‬الشديد‭ ‬للعمل‭ ‬التطوعي،‭ ‬وكان‭ ‬هدفنا‭ ‬تقديم‭ ‬الإغاثة‭ ‬لمحتاجيها‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭ ‬وخارجها،‭ ‬وبالفعل‭ ‬نظمنا‭ ‬عدة‭ ‬رحلات‭ ‬إنسانية‭ ‬أهمها‭ ‬وأكثرها‭ ‬تأثيرا‭ ‬كانت‭ ‬رحلة‭ ‬الإغاثة‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬بعد‭ ‬تعرضها‭ ‬للزلزال،‭ ‬حيث‭ ‬سافرت‭ ‬ضمن‭ ‬وفد‭ ‬نسائي‭ ‬إلى‭ ‬هناك،‭ ‬وحاولنا‭ ‬ابتكار‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬تعليمية‭ ‬خيرية‭ ‬موجهة‭ ‬للأطفال،‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬مشروع‭ ‬مرسم‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬يدي‭ ‬تصنع‭ ‬غدي‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬زرنا‭ ‬ثلاث‭ ‬مناطق‭ ‬وأرسل‭ ‬أطفال‭ ‬البحرين‭ ‬رسائل‭ ‬إلى‭ ‬نظرائهم‭ ‬هناك‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح،‭ ‬وتركت‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬بداخلي‭ ‬أثرا‭ ‬نفسيا‭ ‬كبيرا‭. ‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬الأثر؟

هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬أو‭ ‬التجربة‭ ‬تركت‭ ‬أثرا‭ ‬كبيرا‭ ‬بداخلي،‭ ‬وخاصة‭ ‬حين‭ ‬رأيت‭ ‬بأم‭ ‬عيني‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المآسي‭ ‬وقصص‭ ‬الكفاح‭ ‬التي‭ ‬عاشتها‭ ‬نساء‭ ‬عظيمات‭ ‬هناك‭ ‬وكيف‭ ‬بدأ‭ ‬بعضهن‭ ‬من‭ ‬الصفر‭ ‬وحققن‭ ‬طموحاتهن‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬الزلزال‭ ‬وحطم‭ ‬جهود‭ ‬وتعب‭ ‬السنين،‭ ‬وهنا‭ ‬تعلمت‭ ‬النهوض‭ ‬والولادة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بعد‭ ‬السقوط،‭ ‬وأدركت‭ ‬قيمة‭ ‬النعم‭ ‬التي‭ ‬نتمتع‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬وكان‭ ‬لنا‭ ‬كذلك‭ ‬مشروع‭ ‬مع‭ ‬جمعية‭ ‬كويتية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬مفتاح‭ ‬العودة‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭ ‬لدعم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تعاوننا‭ ‬مع‭ ‬المؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬البحرينية،‭ ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬أخرى‭ ‬صعبة‭ ‬مرت‭ ‬بي‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التجربة؟

تجربة‭ ‬زيارتي‭ ‬لشمال‭ ‬ماليزيا‭ ‬لدعم‭ ‬المسلمين‭ ‬من‭ ‬الروهينجا‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وأصعب‭ ‬التجارب‭ ‬أيضا،‭ ‬حيث‭ ‬شاهدنا‭ ‬بأنفسنا‭ ‬كيف‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬معدمة‭ ‬تماما‭ ‬يعانون‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والحرمان‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬واحدة‭ ‬منهم،‭ ‬وعشت‭ ‬معهم،‭ ‬وذقت‭ ‬آلامهم‭ ‬ومعاناتهم‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬أبسط‭ ‬أساسيات‭ ‬الحياة،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنني‭ ‬حين‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬منزلي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وضعت‭ ‬قُبلة‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬الحمام‭ ‬الخاص‭ ‬بي‭ ‬حمدا‭ ‬وشكرا‭ ‬لما‭ ‬أملكه‭. ‬

مبدئك‭ ‬في‭ ‬الحياة؟

مبدئي‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬‮«‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬تنضج‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الشمس‮»‬،‭ ‬بمعني‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يفتقد‭ ‬المرء‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬أثناء‭ ‬مشواره‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يحرم‭ ‬من‭ ‬دفء‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المحطات‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬ويكمل‭ ‬المسيرة‭ ‬ويحقق‭ ‬الوصول‭ ‬والنضوج‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظروف‭.‬

حكمة‭ ‬تسيرين‭ ‬عليها؟

الحكمة‭ ‬التي‭ ‬أسير‭ ‬عليها‭ ‬عبر‭ ‬مشواري‭ ‬هي‭ (‬كما‭ ‬تدين‭ ‬تدان‭)‬،‭ ‬لذلك‭ ‬أدعو‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬تطوعي‭ ‬لدى‭ ‬جهة‭ ‬رسمية‭ ‬موثقة‭ ‬وأن‭ ‬يبادر‭ ‬ويعطي‭ ‬ويساعد‭ ‬غيره،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬سيعود‭ ‬إليه،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بإدخال‭ ‬السعادة‭ ‬أو‭ ‬البهجة‭ ‬على‭ ‬نفوس‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهي‭ ‬تجارة‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬جميعنا‭ ‬سنسأل‭ ‬عن‭ ‬أفعالنا‭ ‬لنصرة‭ ‬إخواننا‭ ‬المحتاجين‭ ‬للمساعدة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬غرسته‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬أبنائي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التزام‭ ‬الصدق‭ ‬والتواضع‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬محبة‭ ‬الناس‭. ‬

كيف‭ ‬ترين‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد؟

قد‭ ‬يحتاج‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬سقف‭ ‬توقعاته‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الواقع،‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ضرورة‭ ‬توعيتهم‭ ‬بمفهوم‭ ‬الأسرة،‭ ‬ويا‭ ‬حبذا‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬إدخال‭ ‬ذلك‭ ‬ضمن‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية،‭ ‬فالبعض‭ ‬منهم‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬يحمل‭ ‬مفهوما‭ ‬سطحيا‭ ‬عن‭ ‬الزواج،‭ ‬وهنا‭ ‬أنصح‭ ‬كل‭ ‬فتاة‭ ‬مقدمة‭ ‬على‭ ‬الارتباط‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬أولا‭ ‬عن‭ ‬أب‭ ‬لأبنائها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬زوجا‭ ‬لها،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الغزو‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬اليوم‭ ‬خطرا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬أبنائنا‭. ‬

حلمك‭ ‬القادم؟

أتمنى‭ ‬امتلاك‭ ‬مشروع‭ ‬دار‭ ‬إيواء‭ ‬للأيتام،‭ ‬وأن‭ ‬أحقق‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬وأحلامهم‭ ‬من‭ ‬خلاله‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا