العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

مقالات

الفئة الأولى دائما

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الاثنين ٠٨ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

بحجم‭ ‬ما‭ ‬نُحب‭ ‬وطننا‭ ‬الغالي،‭ ‬نفرح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬ويُسعدنا‭ ‬ما‭ ‬يُحققه‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬منجزات‭ ‬دولية‭ ‬وما‭ ‬تحصده‭ ‬جهوده‭ ‬من‭ ‬تقييم‭ ‬و‭ ‬تقدير‭ ‬أممي‭ ‬أو‭ ‬دولي،‭ ‬لذا‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المنجزات‭ ‬الهامة‭ ‬والتي‭ ‬لن‭ ‬يفوتني‭ ‬أن‭ ‬أتوقف‭ ‬عندها،‭ ‬وهو‭ ‬تمكّن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ولسبع‭ ‬سنوات‭ ‬متتالية‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الفئة‭ ‬الأولى‭ - ‬وهي‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬التصنيف‭ - ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المعني‭ ‬بتصنيف‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬حفظ‭ ‬حقوق‭ ‬أطراف‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وهي‭ ‬نتيجة‭ ‬طبيعية‭ ‬لمضامين‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم،‭ ‬والذي‭ ‬اتخذ‭ ‬من‭ ‬كفالة‭ ‬وتعزيز‭ ‬وحماية‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وحرياته‭ ‬الأساسية‭ ‬ركيزة‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬ركائز‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬تُعززها‭ ‬أحكام‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬ودستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعدل‭ ‬بناء‭ ‬عليه‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬وما‭ ‬انضمت‭ ‬إليه‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬اتفاقيات‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬مكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬عبر‭ ‬الوطنية‭ ‬والبروتوكولات‭ ‬الملحقة‭ ‬بها‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬المتعلق‭ ‬بمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص،‭ ‬وتضمّنتها‭ ‬التشريعات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ (‬1‭) ‬لسنة‭ ‬2008‭ ‬بشأن‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭.‬

ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬شهادة‭ ‬دولية‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬المؤسسات‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬والتي‭ ‬تضمنت‭ ‬حماية‭ ‬سابقة‭ ‬ولاحقة‭ ‬للأشخاص‭ ‬ولاسيما‭ ‬العمال،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الوسائل‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تُستغل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬بحكم‭ ‬السلطة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬رب‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يمتلك‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العامل،‭ ‬لذا‭ ‬تتدخل‭ ‬التشريعات‭ ‬الوطنية‭ ‬بشكل‭ ‬حازم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الحماية‭ ‬لكرامة‭ ‬العامل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيان‭ ‬شروط‭ ‬العمل‭ ‬اللائق‭ ‬وتوضيح‭ ‬أوجه‭ ‬الرقابة‭ ‬عليها‭ ‬لضمان‭ ‬تمتع‭ ‬العامل‭ ‬بها،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬تتولى‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬عملية‭ ‬التوعية‭ ‬السابقة‭ ‬للعمال‭ ‬بالحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تعاون‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬والشأن‭ ‬ذاته،‭ ‬انتهاء‭ ‬بإتاحة‭ ‬سُبل‭ ‬التظلم‭ ‬الإدارية‭ ‬والقضائية‭ ‬التي‭ ‬يلجأ‭ ‬إليها‭ ‬العامل‭ ‬مشمولة‭ ‬بضمانات‭ ‬تُيسّر‭ ‬له‭ ‬المطالبة‭ ‬بحقوقه،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬اعفاء‭ ‬الدعوى‭ ‬العمالية‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬القضائية‭.‬

وإن‭ ‬ما‭ ‬تطرقت‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬الفقرة‭ ‬السابقة‭ ‬هو‭ ‬صورة‭ ‬عامة‭ ‬للجهود‭ ‬والضمانات‭ ‬التي‭ ‬حرصت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬كفالتها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص،‭ ‬ولربما‭ ‬يتساءل‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬والتي‭ ‬عرّفتها‭ ‬المادة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬بالآتي‭: (‬يقصد‭ ‬بالاتجار‭ ‬بالأشخاص،‭ ‬تجنيد‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬نقله‭ ‬أو‭ ‬تنقيله‭ ‬أو‭ ‬إيوائه‭ ‬أو‭ ‬استقباله‭ ‬بغرض‭ ‬إساءة‭ ‬الاستغلال،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الإكراه‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬أو‭ ‬الحيلة‭ ‬أو‭ ‬باستغلال‭ ‬الوظيفة‭ ‬أو‭ ‬النفوذ‭ ‬أو‭ ‬بإساءة‭ ‬استعمال‭ ‬سلطة‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬بأية‭ ‬وسيلة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭.‬

وتشمل‭ ‬إساءة‭ ‬الاستغلال،‭ ‬استغلال‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬في‭ ‬الدعارة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الاستغلال‭ ‬أو‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجنسي،‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الخدمة‭ ‬قسراً‭ ‬أو‭ ‬الاسترقاق‭ ‬أو‭ ‬الممارسات‭ ‬الشبيهة‭ ‬بالرق،‭ ‬أو‭ ‬الاستعباد‭ ‬أو‭ ‬نزع‭ ‬الأعضاء،‭ ‬ويعتبر‭ ‬اتجاراً‭ ‬بالأشخاص‭ ‬تجنيد‭ ‬أو‭ ‬نقل‭ ‬أو‭ ‬تنقيل‭ ‬أو‭ ‬إيواء‭ ‬أو‭ ‬استقبال‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬دون‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ظرفية‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معها‭ ‬الاعتداد‭ ‬برضائهم‭ ‬أو‭ ‬حرية‭ ‬اختيارهم،‭ ‬متى‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بغرض‭ ‬إساءة‭ ‬استغلالهم‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬يقترن‭ ‬الفعل‭ ‬بأي‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الفقرة‭ ‬السابقة‭).‬

ومن‭ ‬النص‭ ‬السابق‭ ‬نعلم‭ ‬بأن‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬كجريمة‭ ‬منظمة‭ ‬عبر‭ ‬دولية‭ ‬تُرتكب‭ ‬لأغراض‭ ‬تتعلق‭ ‬باستغلال‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬الدعارة‭ ‬والاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬بأنواع‭ ‬وفي‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬السخرة‭ (‬العمل‭ ‬القسري‭ ‬أي‭ ‬دون‭ ‬رضا‭ ‬أو‭ ‬إرادة‭ ‬العامل‭ ‬ضمن‭ ‬ظروف‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بالكرامة‭ ‬الإنسانية‭) ‬أو‭ ‬الرقّ‭ (‬الاستعباد‭) ‬أو‭ ‬نزع‭ ‬الأعضاء‭ ‬للاتجار‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬جميعها‭ ‬أغراض‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬انتهاك‭ ‬صارخ‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وحرياته‭ ‬الأساسية‭.‬

لذا،‭ ‬ولمزيد‭ ‬من‭ ‬الضمانات‭ ‬فقد‭ ‬تشكلت‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ ‬الثامنة‭ ‬من‭ ‬القانون،‭ ‬لجنة‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬تجديد‭ ‬تشكيلها‭ ‬بقرارات‭ ‬لاحقة،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬مهامها‭ ‬وضع‭ ‬برامج‭ ‬بشأن‭ ‬منع‭ ‬ومكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص،‭ ‬وحماية‭ ‬ضحايا‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬من‭ ‬معاودة‭ ‬إيذائهم‭ ‬بجانب‭ ‬مهامها‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتعتبر‭ ‬جهود‭ ‬لجنة‭ ‬مكافحة‭ ‬الإتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬وانجازاتها‭ ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬الاضطلاع‭ ‬بمهامها‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬حفاظ‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬تصنيفها‭ ‬ضمن‭ ‬الفئة‭ ‬الأولى‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬المنجز‭ ‬الحقوقي‭ ‬البحريني‭ ‬جدير‭ ‬بالإشادة،‭ ‬والشكر‭ ‬لجميع‭ ‬الجهات‭ ‬وللجهود‭ ‬التي‭ ‬تُبذل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬مكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬وتحسينها‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر،‭ ‬ومُبارك‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تقدّمها‭ ‬المتواصل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تعزيز‭ ‬وحماية‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحرياته‭ ‬الأساسية‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا