قال سبحانه وتعالي في سورة فاطر: «وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ* وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ* وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ* وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلا الأمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ*».
ومن ضمن التفاسير، أن هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر، كما لا يستوي الأعمى والبصير، ولا تستوي الظلمات ولا النور، ولا يستوي الظل ولا الحرور، ولا يستوي المؤمن والكافر. كما قيل إن المقصود هو عدم استواء ظل الجنة وحرور النار. والحرور الريح الحارة كالسموم، قال الفراء: الحرور يكون بالليل والنهار، والسموم لا يكون إلا بالنهار. الحرور: على وزن فعول مشتقة من الحر وفيها معنى التكثير، أي الحر المؤذ
إن الظل هو أهم وسائل اتقاء الحرارة؛ فهو يحجب جزءا كبيرا من الاشعة الشمسية المباشرة، والاشعة فوق البنفسجية والاشعة الحرارية، وأهم من ذلك كله فهو يحافظ على كمية الماء للتبريد في الجسم؛ فعند فقدنا الماء سوف نضطر إلى شرب ما يقرب من 4 أضعافه في ضوء الشمس المباشر.
ولو افترضنا أن مقدار الإشعاع الشمسي عند وقت آذان الظهر في أواخر يونيو هو 1000 وات لكل متر مربع، وأن جسم الإنسان مساحته 2 متر مربع، فإن الجسم سيستلم طاقة شمسية قدرها 2000 وات ! ولو علمنا أن الأشعة الحرارية تشكل حوالي 50% من الإشعاع الشمسي، والأشعة المرئية تشكل 42%، والأشعة فوق البنفسجية تشكل 8%، فإن الجسم بالتأكيد سيحتاج إلى ماء ليقوم بالتعرق لتجنب أضرار الأشعة الحرارية، وهذا يعني أن الظلال يقلل من حوالي 25% من تلك الطاقة. لذا، الظل بات عنصرا مهما للتبريد. لذلك أقترح على الجمعيات الخيرية إنشاء الظلال لمواقف السيارات أو مكان المشي في المناطق المهمة، ولا بأس من تبريدها بمراوح تعمل بالطاقة الشمسية، على أن تكون جميلة وابداعية، على أن تأتي هذه المبادرة تحت اسم «ليس الظل كالحرور»، فهو لا يقل أهمية عن مبادرة توفير الماء في الصيف تحت مبادرة «سقيا الوالدين » أو غير ذلك.
وفي دراسات عديدة، كان متوسط الفرق بين الشمس والظل 15 °م (انظر الرسم)، لذا فإن استخدام المظلة (الشمسية) يقلل من الحرارة التي نتعرض لها مباشرة، ويجب أن تكون جزءًا من قواعد اللباس في فصل الصيف. كما ان استخدام ملابس فضفاضة فاتحة اللون مع شرب المياه عند التعرق له تأثير في الحماية من ضربة الشمس وتقلل من الاجهاد الحراري.
كما أن الفارق في درجة الحرارة بين اللباس الأسود واللباس الأبيض يصل إلى 6° م؛ فإذا كانت حرارة اللباس الأبيض السطحية هي 41°م فإن درجة حرارة اللباس الأسود تكون 47°م، لذا يكون اللون الأبيض المصنوع من القطن (يسمح بمرور الهواء) هو خيار أفضل للباس في الصيف.
عند تسلم جسمك لإشعاع حراري ولكي يتجنب الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس يجب أن يحافظ جسمك على درجة حرارته الداخلية البالغة 36.7 °م، وهذا يتطلب من الدم والعرق تحركا لإبقائك باردا، لذا يتبخر العرق وتبرد بشرتك، ثم يدور الدم من جلدك إلى أعضائك مما يساعد على تبريدك من الداخل، ويأخذ الدم مسار الشعيرات الدموية القريبة من سطح الجلد لإطلاق هذه الحرارة إلى الوسط البيئي؛ فترى الخدود والأذن وأطراف اليد حمراء، وبهذا الفعل فإن الجسم يحتاج إلى حرق حوالي 90 سعرة حرارية في الساعة (حوالي 105 وات) للحفاظ على برودة جسمك، علما بأن جسمك يتعرض إلى 1000 وات في شكل حرارة من الشمس!
كما يجب الانتباه إلى ضرورة تظليل الزجاج عند توقيف السيارة في مواقف السيارة غير المظللة، وجعل حوالي 1 بوصة من الزجاج مفتوحا من النوافذ الأربع للتخلص من الحرارة المحبوسة؛ فتشير التجارب أنه إذا كانت درجة الحرارة 45°م فإن إيقاف السيارة مدة 30 دقيقة سيرفع حرارة كابينة السيارة إلى 59° م ومدة 60 دقيقة سيرفع حرارة كابينة السيارة إلى 67° م، ومدة 120 دقيقة (ساعتين) إلى حرارة تعادل 74°م، مما تسبب في خلق أضرار إذا كان في السيارة بطاريات أو عطورات أو علب مضغوطة.
أستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة الخليج العربي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك