كنت ذات ليلة أتصفح الشبكة العنقودية بأصابع بطيئة الحركة والإتقان فاستوقفني أحد المنتديات الأدبية البحرينية. رأيت فيه جذباً لذائقتي المعوقة في التعامل مع صفحات الإنترنت، إنه ذلك المنتدى الذي ينقل الكلمة الأدبية الراقية مستفيداً من تقنيات الإعلان المتقن لترويج التجارب الأدبية، من حيث اللون والحركة والتنظيم ووعي العين بحضور المكان والزمان بشكل يعطي للكلمة الشعرية المساحة العظمى ويضيف لها لوناً رائعاً فوق روعتها.
وازداد الأعجاب أكثر فأكثر عندما حاولت هذه المنتديات أن تطور من أدواتها الأدبية على مستوى طرح البرامج الأدبية بفرعيها الإبداعي والنقدي، فظل الشاعر البحريني يتسابق مع زميله ويستطر بيديه الإلكترونيتين أجمل التجارب ليقرأها الناس كل الناس في الوقت المناسب وبالحضور المناسب.
وظلت أقرأ وأقرأ وكلي انبهار بما يحدث، جميل أن أرى هذا الجهاز ينقل الكلمة الراقية والحس الجميل والفكر الناضج ليوسع دائرة التذوق الأدبي وينقلها للآخرين كأجمل ما ينقل لهم في عالم لا يعرف إلا الماديات على مستوى التخطيط والفعل.
وأنا أتجول في هذه البساتين الرائعة، وجدت مناظر عكرت صفو هذا التجول الرائع، وهي اللغة المحمومة المندفعة للنقد على صعيد المتعاملين مع هذه الصفحات. نحن نعلم أن النقد هو من أهم الفنون المتصلة بالأدب التي تطورت إلى أن وصلت إلى علم بكل ما في معنى هذه الكلمة من تشكل، إنها مهارة تحتاج إلى توافر كبير من الجهد والأناة والصبر، مع مزيد من الخبرة الأكاديمية التخصصية المتمرسة.
هذا كله قد يكون موجوداً لدى المبدعين من الشعراء الذين يمارسون الكتابة الأدبية وأيديهم تغرس في قضاء القراءة النقدية التخصصية الرائعة.
ولكنني رأيت بعض التعليقات على بعض التجارب لا تنسجم مع روح النقد الأدبي، فبعضها كلمات سوقية لا بحس القارئ أنه في صفحة لكبار مثقفي الكلمة الشعرية الجميلة.
إن التعامل مع الأدب يولد الإحساس الرائع بالكون الذي ينعكس بشكل قوي على التعامل البشري فيجعل لسان الفرد ينتفي فنون روائع الكلمة، ويهذب إحساس الفرد ليوصله إلى أرقى مقامات الاستفسار الفائق المرهف.
يجب على المعنيين بهذه الصفحات أن يحلقوا في سماء دراسة التجربة الأدبية بما فيها من لغة ذاتية مطلقة تتجاوز معناها اللفظي إلى آفاق تثير في نفس وخيال القارئ لتحلق معه في فضاءات رحبة متميزة، ثم تسبح في عوالم أكثر خصوصية أدبية فتدرس الأساليب الشعرية محاولة التعمق في فحص المفردة الشعرية وقياس طاقتها الخيالية، لتصل إلى تطوير التجربة الأدبية بروح ملؤها الحب للأدب، وبلغة تنشغل عن الترهات والنزاعات الضيقة إلى أفق جميل ونية جميلة لتصل إلى نتائج أجمل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك