العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

قراءة في رواية غادينيا «موعد في أرض الرماديين» للقائد

السبت ٢٠ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

إسقاطات‭ ‬جميلة‭ ‬عبّر‭ ‬عنها‭ ‬الكاتب‭ ‬بأسلوبه‭ ‬المتميز‭ ‬وبرسالة‭ ‬عميقة‭ ‬المعاني‭ ‬بأن‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬الفساد‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والظلم‭ ‬والحروب‭ ‬وغيره‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬مستحيلة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬لشخص‭ ‬سوي‭ ‬انها‭ ‬صعبة‭ ‬جدا‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬بطل‭ ‬الرواية‭ ‬يرفض‭ ‬تقبل‭ ‬الواقع‭ ‬كما‭ ‬هو‭.‬

سوف‭ ‬أتوقف‭ ‬أولا‭ ‬عند‭ ‬العنوان‭ ‬‮«‬موعد‭ ‬في‭ ‬ارض‭ ‬الرماديين‮»‬‭. ‬العنوان‭ ‬وحده‭ ‬يحكي‭ ‬لنا‭ ‬حكاية‭ ‬موعد‭ ‬بطلنا‭ ‬مع‭ ‬‮«‬غادينيا‮»‬‭ ‬ويربط‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬العجيب‭ ‬معها‭ ‬حيث‭ ‬الحياة‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الغريب‭. ‬نبدأ‭ ‬بالإهداء‭ ‬الذي‭ ‬احتوى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مفاتيح‭ ‬الرواية‭ ‬واسرارها‭: ‬‮«‬لا‭ ‬خيار‭ ‬أمامك‭ ‬سوى‭ ‬ان‭ ‬تغادر‭ ‬إلى‭ ‬أصقاع‭ ‬أخرى‮»‬‭. ‬وكأنه‭ ‬يقول‭ ‬عندما‭ ‬وصلته‭ ‬رسالة‭ ‬الذهاب‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬الاّخر،‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬خيار‭ ‬أمامي‭ ‬سوى‭ ‬المغادرة‭ ‬ولأنه‭ ‬رأى‭ ‬أحلامه‭ ‬تتبختر‭ ‬وتسير‭ ‬امامه،‭ ‬ويرجع‭ ‬ويقول‭ ‬‮«‬فربما‭ ‬ترى‭ ‬حلمك‭ ‬يرفل‭ ‬مثل‭ ‬البنفسجة‭ ‬التي‭ ‬حلمت‭ ‬بها‭ ‬دائمًا،‭ ‬انت‭ ‬حتمًا‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الخطأ‮»‬‭. ‬لكنه‭ ‬عندما‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬صور‭ ‬له‭ ‬وتوهم‭ ‬لفترة‭ ‬انه‭ ‬المدينة‭ ‬الأفلاطونية‭ ‬وجد‭ ‬انها‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬كوكبه‭ ‬وما‭ ‬فيه‭ ‬ولربما‭ ‬تكون‭ ‬اسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬ليقرر‭ ‬بعدها‭ ‬العودة‭ ‬لموطنه‭ ‬وعندما‭ ‬يذهب‭ ‬يقرر‭ ‬الرجوع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لأنه‭ ‬صُدم‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬وجد‭ ‬ان‭ ‬عالمه‭ ‬أصبح‭ ‬أكثر‭ ‬وجعا‭ ‬والمًا‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل،‭ ‬فيقرر‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬اللاأفلاطوني‭. ‬ولذلك‭ ‬يقول‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تنبت‭ ‬غير‭ ‬الوجع‭ ‬والنجيع‮»‬‭. ‬تمكن‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬العميق‭ ‬الذي‭ ‬يشد‭ ‬القارئ‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬المفردات‭ ‬في‭ ‬العبارات‭ ‬الحوارية،‭ ‬وقد‭ ‬تجلت‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسلل‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬الرواية‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬توظيفه‭ ‬للغة‭ ‬الشعرية‭ ‬زادتها‭ ‬حيوية‭ ‬واضافت‭ ‬بعدًا‭ ‬جماليا‭ ‬مؤثرا‭. ‬لغة‭ ‬الرواية‭ ‬غنية‭ ‬جدا‭ ‬ساعدت‭ ‬في‭ ‬اثراء‭ ‬السرد‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬العجائبية‭ ‬وما‭ ‬يقع‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬احداث‭ ‬خارج‭ ‬عن‭ ‬الواقع،‭ ‬أي‭ ‬الخارق‭ ‬واللامألوف‭. ‬والعجيب‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬هنا‭ ‬استخدم‭ ‬كل‭ ‬الأساليب‭ ‬للدخول‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬لهذا‭ ‬العالم‭. ‬كما‭ ‬اتخذ‭ ‬من‭ ‬الأحلام‭ ‬والفنتازيا‭ ‬سبيلا‭ ‬للبناء‭ ‬الفني‭ ‬في‭ ‬الرواية‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬تترابط‭ ‬ويندمج‭ ‬العالم‭ ‬الواقعي‭ ‬بالفنتازي‭ ‬العجائبي‭ ‬الذي‭ ‬استطاع‭ ‬الكاتب‭ ‬الدمج‭ ‬بينهما‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكتّاب‭. ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬جعل‭ ‬هذا‭ ‬التناغم‭ ‬كنسج‭ ‬واحد‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬تشوق‭ ‬مستمر‭ ‬لمعرفة‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬جوف‭ ‬الأرض،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬عالم‭ ‬الرماديين‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭ ‬حديثًا‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬الاساطير،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يظن‭ ‬البعض‭ ‬انها‭ ‬هلوسات،‭ ‬لكن‭ ‬الكاتب‭ ‬قدّم‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬ووثق‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬العوالم‭ ‬وادخلها‭ ‬بطريقة‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬أحدث‭ ‬السرد‭. ‬قراءة‭ ‬مثيرة‭ ‬تتقاطع‭ ‬وتتشابك‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حقيقي‭ ‬وما‭ ‬يتقبله‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬او‭ ‬لا‭ ‬يتقبله‭. ‬انه‭ ‬احجية‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬الرماديين‭. ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬العنوان‭ ‬وفي‭ ‬الاهداء‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الرواية‭ ‬فهما‭ ‬يعتبران‭ ‬بوابة‭ ‬دخول‭ ‬قوية‭ ‬لعالم‭ ‬هذه‭ ‬الرواية،‭ ‬بداية‭ ‬بسرد‭ ‬سلسل‭ ‬متين‭ ‬والتي‭ ‬يبدأها‭ ‬بوصف‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬بأنها‭ ‬ليست‭ ‬كباقي‭ ‬الليالي‭.‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬ذهب‭ ‬الى‭ ‬فراشه‭ ‬مبكرًا‭ ‬هربًا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حوله‭. ‬هناك‭ ‬سؤال‭ ‬لا‭ ‬ينفك‭ ‬يفارقه‭ ‬لماذا‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يشبه‭ ‬الناس‭ ‬كثيرا‭ ‬ويختلف‭ ‬عنهم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬ملامحه‭ ‬وعناصره،‭ ‬طريقة‭ ‬نومه‭ ‬الغريبة‭ ‬مثلًا‭ ‬فهوه‭ ‬ينام‭ ‬متكوّرا‭ ‬وشخيره‭ ‬لا‭ ‬يشبه‭ ‬البشر‭ ‬بل‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬صوت‭ ‬الوعول‭ ‬حتى‭ ‬لون‭ ‬سائله‭ ‬أقرب‭ ‬للون‭ ‬الرمادي‭. ‬اخدته‭ ‬والدته‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬طبيب‭ ‬لمعروفة‭ ‬حالته‭ ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يكتشفوا‭ ‬او‭ ‬يعرفوا‭ ‬سببًا‭ ‬لذلك‭. ‬ينام‭ ‬البطل‭ ‬ليرى‭ ‬في‭ ‬حلمه‭ ‬شيئًا‭ ‬مخيفا‭ ‬ومثيرا‭ ‬وغير‭ ‬قابلًا‭ ‬للتصديق‭ ‬شبهها‭ ‬بلوحة‭ ‬للرسام‭ ‬الاسباني‭ ‬سلفادور‭ ‬دالي‭. ‬

من‭ ‬هنا‭ ‬تبدأ‭ ‬الرحلة‭ ‬معه‭ ‬ومع‭ ‬أحداث‭ ‬الحلم‭ ‬يترآى‭ ‬له‭ ‬ذلك‭ ‬الرجل‭ ‬الرمادي‭ ‬لينقده،‭ ‬ويصف‭ ‬لنا‭ ‬الرجل‭ ‬بلونه‭ ‬الرمادي‭ ‬وعينيه‭ ‬الكبيرتين‭ ‬العميقتين‭ ‬مثل‭ ‬نفق‭. ‬ابتسم‭ ‬له‭ ‬الرمادي‭ ‬وقاله‭ ‬انا‭ ‬من‭ ‬اسلافك،‭ ‬ونحن‭ ‬ننتظرك‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬أي‭ ‬عالمك‭ ‬الحقيقي‭. ‬ويراه‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬حلم‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬أخرى‭ ‬وحدد‭ ‬موعدًا‭ ‬للقاء‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬احدى‭ ‬عيون‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬اندثرت‭ ‬كلها‭ ‬ولم‭ ‬يبقَ‭ ‬منها‭ ‬الا‭ ‬ذكريات‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬عين‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬عين‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬بقيت‭ ‬محاطة‭ ‬بأسوار،‭ ‬كأنها‭ ‬تحفه‭ ‬فنيه‭ ‬قديمة‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬البطل‭ ‬ذلك‭ ‬الرمادي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬لكنه‭ ‬عاوده‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬والتقاه‭ ‬ليوافق‭ ‬بعده‭ ‬على‭ ‬الذهاب‭ ‬معه‭ ‬لعالمه‭ ‬ولكن‭ ‬بشرط‭ ‬عودته‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬ان‭ ‬لم‭ ‬يرق‭ ‬له‭ ‬المكوث‭. ‬تطرق‭ ‬الكاتب‭ ‬كذلك‭ ‬بأن‭ ‬الأعوام‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الرماديين‭ ‬تختلف‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬العد‭ ‬الزمني‭. ‬قدّم‭ ‬الكاتب‭ ‬بين‭ ‬طيات‭ ‬السرد‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬معلومات‭ ‬علمية‭ ‬موثقه‭ ‬واحداث‭ ‬حدثت‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬وجود‭ ‬عوالم‭ ‬أخرى‭ ‬واستند‭ ‬على‭ ‬آيتين‭ ‬قرآنيتين‭ ‬لتوكيد‭ ‬صحة‭ ‬هذا‭ ‬المعتقدات‭ ‬وليبقى‭ ‬للعقل‭ ‬البشري‭ ‬التقبل‭ ‬او‭ ‬الرفض‭. ‬

ونمضي‭ ‬في‭ ‬الاحداث‭ ‬بذلك‭ ‬التسلل‭ ‬والاسقاطات‭ ‬التي‭ ‬امتزجت‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تجعل‭ ‬الاحداث‭ ‬او‭ ‬السرد‭ ‬مملًا‭ ‬بل‭ ‬العكس‭ ‬كان‭ ‬التشويق‭ ‬جميلًا‭. ‬ففي‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬المتطور‭ ‬علميا‭ ‬والذين‭ ‬كانوا‭ ‬يختطفون‭ ‬البشر‭ ‬فيه،‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬البشر‭ ‬بل‭ ‬نخبة‭ ‬ذكية‭ ‬معينه‭ ‬منهم‭ ‬لتعديل‭ ‬النسل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬العجائبي‭. ‬يقول‭ ‬البطل‭ ‬نمت‭ ‬عند‭ ‬وصولي‭ ‬بعد‭ ‬نوبات‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬والتشتت‭ ‬برغم‭ ‬طيب‭ ‬الترحيب‭ ‬والاستقبال‭ ‬والحفاوة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬يوما‭ ‬في‭ ‬عالمه‭. ‬تعرّف‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬غادينيا‭ ‬التي‭ ‬ستشاركه‭ ‬الحب‭ ‬والفراش‭ ‬في‭ ‬الأحادث‭ ‬القادمة‭ ‬وستكون‭ ‬رفيقة‭ ‬حياته‭ ‬وانبهر‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬رآه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬تطور‭. ‬شاهد‭ ‬بشرًا‭ ‬موجودين‭ ‬هناك‭ ‬اختطفهم‭ ‬الرماديون‭ ‬وتقبلوا‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬هذا‭ ‬وتعايشوا‭ ‬معه‭. ‬الرماديون‭ - ‬حسب‭ ‬رأي‭ ‬الكاتب‭- ‬متطورون‭ ‬جدًا‭ ‬عن‭ ‬البشر‭ ‬بآلاف‭ ‬السنين،‭ ‬اخترعوا‭ ‬شمسا‭ ‬صناعية‭ ‬لتكون‭ ‬الأجواء‭ ‬مناسبة‭ ‬للبشريين‭ ‬الذين‭ ‬يختطفونهم‭. ‬قاموا‭ ‬بعمليات‭ ‬تجميل‭ ‬للرماديات‭ ‬بزرع‭ ‬أعضاء‭ ‬تناسلية‭ ‬لهن‭ ‬لكي‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬التزاوج‭ ‬مع‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬أشكال‭ ‬الرماديين‭. ‬تعرّف‭ ‬البطل‭ ‬واسمه‭ ‬وائل‭ ‬على‭ ‬امرأة‭ ‬رمادية‭ ‬اسمها‭ ‬شيرورا‭ ‬تعمل‭ ‬نادلة‭ ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬تطورت‭ ‬علاقته‭ ‬بها،‭ ‬وأصبحت‭ ‬صديقة‭ ‬له‭. ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬قامت‭ ‬بإغوائه‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬شرب‭ ‬معها‭ ‬ذلك‭ ‬الشراب‭ ‬العجيب‭ ‬حيث‭ ‬الطعم‭ ‬عكس‭ ‬الاسم‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬المحاولة‭ ‬هي‭ ‬الأولى،‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬كل‭ ‬محاولاتها‭ ‬السابقة‭ ‬لكن‭ ‬محاولتها‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬نجحت‭ ‬لأنها‭ ‬أسكرته‭ ‬فحملت‭ ‬منه‭. ‬وفوجىء‭ ‬البطل‭ ‬بأن‭ ‬الرماديات‭ ‬اللواتي‭ ‬يحملن‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬يلقين‭ ‬نحبهن‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬من‭ ‬انجابهن‭.  (‬حاول‭ ‬الكاتب‭ ‬توصيل‭ ‬رسالة‭ ‬هنا‭ ‬للقارئ‭ ‬ادخلها‭ ‬مع‭ ‬السرد‭ ‬ان‭ ‬عمليات‭ ‬التجميل‭ ‬ليست‭ ‬الا‭ ‬ناقوس‭ ‬موت‭ ‬يدق‭ ‬مضجع‭ ‬صاحبها‭ ‬وأنها‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬والطبيعة‭ ‬لا‭ ‬تقبلها‭) ‬انجبت‭ ‬شيرورا‭ ‬ثلاث‭ ‬أبناء‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬يشبهه‭ ‬وأسمته‭ ‬ياسين،‭ ‬لم‭ ‬تطلق‭ ‬أسماء‭ ‬الرمادين‭ ‬على‭ ‬ابناءها‭. ‬تموت‭ ‬شيرورا‭ ‬بعدها‭ ‬ويقرر‭ ‬ان‭ ‬يأخذ‭ ‬ابنه‭ ‬الذي‭ ‬يشبهه‭ ‬بمساعدة‭ ‬صديقه‭ ‬صغور‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عونا‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬احضره‭ ‬الى‭ ‬عالم‭ ‬الرماديين‭. ‬

تمضي‭ ‬الأحداث‭ ‬بظهور‭ ‬شخصيات‭ ‬متعددة‭ ‬ليكتشف‭ ‬ان‭ ‬الطبقية‭ ‬موجودة‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬بشكل‭ ‬أقل‭.  ‬وبعد‭ ‬التحاليل‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬له‭ ‬تبين‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬سلالة‭ ‬السلاطين‭ ‬أي‭ ‬الطبقة‭ ‬العليا‭ ‬ليدخل‭ ‬الصراع‭ ‬مجددا‭ ‬بعقله‭ ‬المتميز‭. ‬واكتشف‭ ‬خلال‭ ‬تجواله‭ ‬أمورا‭ ‬متعددة‭ ‬جعلت‭ ‬الخوف‭ ‬يسكن‭ ‬عقله‭ ‬وقلبه‭. ‬لن‭ ‬اغوص‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬وسوف‭ ‬اذهب‭ ‬إلى‭ ‬الخاتمة‭ ‬بعد‭ ‬رجوع‭ ‬البطل‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬ومعه‭ ‬ابنه‭ ‬ياسين‭. ‬كان‭ ‬محط‭ ‬استغراب‭ ‬عالمه‭ ‬وكتبت‭ ‬عنه‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬وكان‭ ‬حديث‭ ‬الساعة‭ ‬واستقبلته‭ ‬برامج‭ ‬التلفاز‭ ‬وأخيرا‭ ‬تم‭ ‬اعتقاله‭ ‬والتحقيق‭ ‬معه‭ ‬واتهامه‭ ‬بالجنون،‭ ‬حتى‭ ‬عمله‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬العودة‭ ‬اليه‭ ‬خوفا‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬العمل‭. ‬هناك‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬بأنه‭ ‬ممسوس‭ ‬وان‭ ‬الجن‭ ‬اختطفته‭ ‬الى‭ ‬اخره‭.  ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬حوله‭ ‬وخشي‭ ‬على‭ ‬ابنه‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬منبوذ‭ ‬لا‭ ‬يتقبله‭.  ‬تواصل‭ ‬مع‭ ‬صغور‭ ‬الذي‭ ‬اتفق‭ ‬معه‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يقرر‭ ‬العودة‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬عودته‭ ‬مستحيلة‭. ‬حينها‭ ‬عاد‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬الرمادي‭ ‬مجبرا‭ ‬وليس‭ ‬مخيرا‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ابنه‭. ‬استقبلته‭ ‬غادينيا‭ ‬بكل‭ ‬فرح‭ ‬كانت‭ ‬تشير‭ ‬بعينها‭ ‬إلى‭ ‬بطنها‭ ‬إشارة‭ ‬انها‭ ‬تحمل‭ ‬مولودا،‭ ‬منه‭ ‬لم‭ ‬ينتبه‭ ‬لكثرة‭ ‬شروده‭ ‬لكنها‭ ‬حدثته‭ ‬بالأمر‭ ‬واخبرته‭ ‬وبأن‭ ‬ياسين‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬اخت‭ ‬وأنها‭ ‬قدمت‭ ‬استقالتها‭ ‬من‭ ‬العمل‭. ‬

ضمها‭ ‬الى‭ ‬صدره‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭ ‬لها‭ ‬انت‭ ‬مرفئ‭ ‬الأخير‭. ‬

في‭ ‬الخارج‭ ‬كان‭ ‬المطر‭ ‬يهطل‭ ‬وكأنه‭ ‬يحتفل‭ ‬بعودته،‭ ‬السماء‭ ‬تشاركه‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬قلبه‭. ‬وهو‭ ‬يرنو‭ ‬إلى‭ ‬الأفق‭ ‬البعيد‭ ‬تسقط‭ ‬دمعتان‭... ‬وتنتهي‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬الغرائبية‭ ‬الفانتازية‭ ‬لتترك‭ ‬القارئ‭ ‬أمام‭ ‬متعة‭ ‬عارمة‭ ‬وأسئلة‭ ‬كثيرة‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا