يشهد القطاع الطبي والرعاية الصحية تقدما مذهلا وسريعا في مجال استخدام التكنولوجيا في الرعاية الصحية. في المقال التالي يوضح الدكتور محمد سلمان المالكي مستقبل الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، وبدأ حديثه قائلا: العصر الحالي يشهد تعاونًا وثيقًا بين التطور التكنولوجي وتحليل المعلومات والمجال الطبي والرعاية الصحية، وخصوصًا في ما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير وتحسين جودة الخدمات الطبية للمرضى، حيث إن إدخال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بالذات لا يمثل في جوهره الاستغناء عن العقل البشري وتدخل الإنسان في تقديم الرعاية الطبية، وإنما يتيح للأطباء والعاملين في القطاع الطبي الوقت الكافي والمساعدة الفورية في تحليل البيانات الكبيرة وتقديم النتائج الأولية لتكون في متناول مقدم الخدمة من الأطباء والكوادر الصحية، لتسهيل مهمة الوصول الى التشخيص وتحديد العلاج المناسب بما يتلاءم وحالة المريض، ويساعد في إعداد خطة علاج أكثر دقة ومحددة للشخص بالاعتماد على نتائج التحليل للمعلومات والبيانات الخاصة بحالة المريض. كما أنه يساعد في سرعة إنجاز البحوث والدراسات فيما يتعلق بالجانب البحثي، وخصوصًا في مجال التصنيع الدوائي والفحص المختبري ونتائج الفحص الشعاعي، مثل الأشعة السينية والرنين المغناطيسي.
الذكاء الاصطناعي (AI) هو تقنية تعتمد على تطوير الأنظمة الحاسوبية القادرة على تنفيذ المهام التي تتطلب عادة الذكاء البشري، مثل التعلم، التفكير، التكيّف، وحل المشكلات. في عالم الطب والرعاية الصحية، يشمل الذكاء الاصطناعي مجموعة من التقنيات مثل تعلم الآلة (Machine Learning) وتحليل البيانات الضخمة والشبكات العصبية العميقة (Deep Learning).
وبالإمكان تعريفه على انه فرع من علوم الحاسوب يعنى بتطوير أنظمة وبرامج تستطيع محاكاة القدرات البشرية الذهنية ويهدف إلى تصميم أنظمة قادرة على ان تعلم وتكيف أنفسها بناءً على البيانات والتجارب، وتنفيذ مهام معقدة بدقة وفعالية تفوق قدرات البرامج التقليدية.
أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب والرعاية الصحية
1. التشخيص الطبي والتصوير الشعاعي:
يعدّ التشخيص الطبي من أبرز المجالات التي شهدت تطبيقات مبتكرة للذكاء الاصطناعي. يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليل الصور الطبية، مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) بكفاءة عالية، مما يساعد في اكتشاف الأمراض مثل السرطان في مراحلها المبكرة.
2. التشخيص والتحليل السريع للبيانات الصحية:
يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات الصحية في وقت قصير جدًا مقارنة بالقدرات البشرية، مما يسهم في تقديم تشخيصات دقيقة وسريعة للمرضى.
3. التصنيع الدوائي والاكتشاف العلاجي:
تستخدم شركات الأدوية الذكاء الاصطناعي في عمليات البحث والتطوير لاكتشاف أدوية جديدة. يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات البيولوجية والجينية لمعرفة كيفية تفاعلات الأدوية مع الأمراض وتحسين تركيبات الأدوية.
4. إدارة السجلات الصحية الإلكترونية:
تمكّن الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي من توثيق وتحليل السجلات الصحية الإلكترونية بكفاءة، مما يعزز من جودة الرعاية الصحية المقدمة ويقلل من الأخطاء الطبية الناجمة عن المعاملات الورقية.
5. الروبوتات الجراحية:
تُستخدم الروبوتات الجراحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تنفيذ العمليات الجراحية بدقة فائقة وتقليل المخاطر والآثار الجانبية، مما يحسن من نتائج العمليات الجراحية وزيادة معدلات النجاح.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في الطب والرعاية الصحية
مستقبل الذكاء الاصطناعي في الطب والرعاية الصحية يبدو واعدًا. مع استمرار التطورات التكنولوجية والنمو في قدرات الحوسبة، يتوقع أن تشهد المزيد من الابتكارات والتطبيقات العملية في هذا المجال. الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقود تحولًا نوعيا في كيفية تقديم الرعاية الصحية من خلال:
1. الرعاية الصحية الشخصية:
2. سيتمكّن الذكاء الاصطناعي من تقديم خطط علاجية وشخصية مبنية على البيانات الجينية والبيولوجية للفرد، مما يزيد من فاعلية العلاجات ويقلل من الآثار الجانبية.
2. الكشف المبكر والوقاية:
ستساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن الأمراض وبالتالي الوقاية منها، عبر تحليل البيانات الحيوية وأنماط الحياة ومراقبة الأعراض.
3. تحسين إدارة النظام الصحي: من الممكن أن تساهم التقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة المستشفيات والعيادات من خلال تحليل وإدارة الموارد البشرية والمالية، وتقليل فترات الانتظار وتحسين تجربة المرضى.
يعمل حاليا فريق بحريني مكون من 12 شابا وشابة، تم اختيارهم بمهنية عالية وبما يتناسب ومؤهلاتهم العلمية واهتماماتهم، ويعمل هذا الفريق حاليا وبإشراف فريق متخصص ايطالي وبتعاون مع شركة سالوبر العالمية SaluberMD)) واختصارا يطلق عليها (SMD) (اس ام دي) لتطوير برنامج وتطبيق متكامل يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي ليقدم حلولا جديدة ومتطورة في مجال الطب والتثقيف الصحي من خلال تصميم عمل طبيب افتراضي يعمل بالذكاء الاصطناعي، وحاليا تم الانتهاء واجراء الاختبارات التجريبية لثلاثة اطباء افتراضيين يعملون بالذكاء الاصطناعي، يقدمون خدمات تعليمية وتثقيفية صحية ولا يشمل عملهم تقديم الاستشارة الطبية او المعالجة وهم:
ــ الدكتور (SHAI) ويمثل طبيبا عاما.
ــ الدكتور (HALEY) وتمثل طبيب تحليل بيانات ونتائج مختبرية.
ــ الدكتور (AMBER) وتمثل طبيب التغذية والتي تقدم المساعدة في تنظيم الوزن.
ويعمل هذا الفريق في البحرين لتقديم الدعم الفني والتكنلوجي للشركة التي تقدم خدماتها في اكثر من دولة في العالم، منها ايطاليا وتايلند وامريكا وسنغافورة. وقد حصل هذا الفريق على دعم صندوق العمل تمكين لتطوير قدراتهم الفنية بما يتلاءم وطبيعة عملهم لتكون البحرين مقرا رئيسيا للشركة في المستقبل من حيث الدعم الفني والتقني. وقد تم دعوة عدد من الخبراء العاملين في تطوير هذا البرنامج والتطبيق للمشاركة في مؤتمر الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية 20 / 30 بين الأخلاقيات والتنظيم والتطبيق الذي تم تنظيمه في إيطاليا بالتعاون مع منطقة فريولي فينيسيا جوليا، والمؤمل أن يصبح حدثا سنويا حول موضوع الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، لتبادل وتقييم المعلومات بين الخبراء الوطنيين الأوروبيين والدوليين والمتخصصين في الرعاية الصحية والشركاء من قطاع التكنولوجيا لبحث الفرص والمخاطر في تطبيق الذكاء الاصطناعي على الرعاية الصحية ودور الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق في إمكانيته التنبؤية. كما يتناول المؤتمر كيفية ضمان الشفافية والعدالة والمسؤولية في استخدام هذه التكنولوجية من أجل تجنب الآثار السلبية المحتملة مستقبلا على المجتمع. وتسعى الشركة لتنظيم مؤتمر مماثل حول الذكاء الاصطناعي في الطب والرعاية الصحية في البحرين قريبا ليتم دعوة الخبراء والمختصين للمشاركة فيه وتبادل الخبرات لتطوير المعلومات والتوسع في مجال تكنولوجيا المعلومات وتقديم الحلول الحديثة والمبتكرة في مجال الرعاية الصحية والطب.
وقد ركز المؤتمر الذي عقد في ايطاليا على ثلاثة محاور رئيسية ناقشت الموضوعات التالية:
الجوانب الأخلاقية:
تفتح الرقمنة سلسلة من الأفكار الضرورية حول الأخلاق وكيف ستتطور العلاقات الإنسانية مع الاستخدام الموسع للتكنولوجيا؟ كيف سيكون من الممكن حماية خصوصية الفرد، والحق في الخصوصية، والخيارات الشخصية؟ وعلى أي ركائز يجب أن تستند أخلاقيات المهنيين، وليس فقط المهنيين الصحيين، الذين سيجدون أنفسهم يديرون كمية هائلة من البيانات التي من المحتمل أن تجعل المجتمع بأكمله شفافا؟ يجب أن يدعم الذكاء الاصطناعي، وهو اليوم أكثر مجالات التكنولوجيا تقدما، الأنشطة لتحسين الأداء والنتائج، دائما تحت سيطرة الذكاء البشري. إنه وقت الإنسانية التكنولوجية الجديدة التي تفهم على أنها لا تتنازل عن ضميرنا، وقدرتنا على التفكير النقدي ونسأل أنفسنا معنى الأشياء التي نقوم بها.
التنظيم القانوني
وتتطلب إدارة التكنولوجيات المتقدمة، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، تنظيما للدول قادرة على احتواء المخاطر. من الضروري النظر في نهج إدارة المخاطر المرتبط بأنظمة الذكاء الاصطناعي، مثل تهديدات الأمن السيبراني ونقاط الضعف، والتحيزات الخوارزمية، وما إلى ذلك. يجب التأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي آمنة وفعالة للاستخدام المقصود منها، ولكن أيضا أنها يمكن أن تصل إلى أولئك الذين يحتاجون إليها في أسرع وقت ممكن.
ملاحظة استعان الدكتور المالكي بالذكاء الاصطناعي في كتابة بعض فقرات المقال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك