أثار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب طهران تساؤلات بشأن كيفية تحديده كهدف رغم وجوده داخل مبنى تابع للحرس الثوري، وفي خضم التشديدات المكثفة التي أحاطت بتأمين احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد الذي حضره عدد من المسؤولين والقادة.
وتضاربت الروايات الإيرانية والإسرائيلية حول الاغتيال، وكيف تم تنفيذه وهل تم من داخل إيران أم خارجها. وفي كل الأحوال أجمع المحللون على حدوث اختراق إسرائيلي واسع لإيران.
وأوضح محللون عسكريون وسياسيون لموقع «سكاي نيوز عربية» أن هنية كان على قائمة الاستهدافات التي حددتها الحكومة الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر، ومن ثم كانت تحركاته مراقبة بشكل مكثف لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ما يشير إلى وجود «اختراق أمني مؤثر في تأمينه» داخل طهران. ورجح المحللون وجود عملاء للموساد الإسرائيلي داخل طهران، تابعوا تحركات الرجل السياسي الأول لحماس قبل تصفيته.
وذكرت مصادر إيرانية أن حادث اغتيال هنية «تم بصاروخ موجّه نحو جسده مباشرة»، ما أدى إلى قتله إضافة إلى مرافقه الشخصي وسيم أبو شعبان.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) إن «اغتيال هنية وقع حوالي الثانية صباحا بتوقيت طهران»، مشيرة إلى أنه «كان يقيم في مقر خاص لقدامى المحاربين» في العاصمة الإيرانية. وذكرت أن «مقر هنية استهدف بقذيفة أطلقت من الجو»، مشيرة إلى «إجراء المزيد من التحقيقات لمعرفة ملابسات هذه العملية الإرهابية مثل الموقع الذي أطلقت منه القذيفة».
وأفادت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية بأنه «تم استهداف مقر إقامة هنية في منطقة تقع شمالي طهران»، في حين شددت وسائل إعلام مقربة من طهران على أن الصاروخ أطلق من خارج إيران.
كما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن أمين عام حركة الجهاد زياد النخالة كان في طابق آخر بالمبنى ذاته الذي اغتيل فيه هنية.
في المقابل ذكرت القناة الـ14 الإسرائيلية أن الصاروخ الذي استهدف هنية انطلق من إيران.
واستبعد محلل عسكري أن تكون هناك طائرة مسيّرة قد خرقت الأجواء الإيرانية ووصلت إلى مناطق «ذات حماية عالية»، بالنظر إلى أمرين؛ الأول هو المناسبة لأن الحادث يتزامن مع تنصيب الرئيس الإيراني بحضور زعماء ومسؤولين، والثاني من حيث المكان الذي هو في حماية الحرس الثوري ذاته. ورجح الخبير العسكري أن يكون استهداف هنية تم بصاروخ موجه جرى تفجيره عن بعد، مستشهدا في ذلك بعملية اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده أواخر 2020 قرب طهران.
من جانب آخر، قال الخبير العسكري المصري اللواء محمد الشهاوي لموقع «سكاي نيوز عربية» إن إسرائيل تستخدم الذكاء الاصطناعي في إطلاق صواريخ من مسيّرات متقدمة، وقد تكون لجأت إلى ذلك في استهداف هنية داخل طهران.
أعلنت حركة حماس أمس مقتل رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية مع أحد حراسه الشخصيين في غارة إسرائيلية في طهران، مشددة أن «الاغتيال لن يمر سدى».
ونعت حماس في بيان «الأخ القائد الشهيد المجاهد إسماعيل هنية، رئيس الحركة، الذي قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني» مسعود بزشكيان.
وقال عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق: إن «اغتيال القائد إسماعيل هنية عمل جبان ولن يمر سدى».
وقالت حماس إن جثمان هنية سيوارى الثرى في الدوحة غدا «بحضور شعبي وفصائلي ومشاركة قيادات عربية وإسلامية» بعد نقل جثمانه أمس عقب تشييع شعبي له في العاصمة الإيرانية.
وقالت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس في بيان: «عملية الاغتيال الإجرامية بحق القائد هنية وفي قلب العاصمة الإيرانية هي حدث فارق وخطير، ينقل المعركة إلى أبعاد جديدة وسيكون له تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها»، فيما أعلنت إيران الحداد مدة ثلاثة أيام وتوعدت بالرد.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني أن القصف طال مقر إقامة هنية الذي «استُشهد هو وأحد حراسه الشخصيين». وقال الإعلام الإيراني إن الضربة وقعت في الثانية فجرا (22,30 ت غ مساء الثلاثاء) واستهدفت دارا مخصصة لقدامى المحاربين في شمال طهران حيث كان ينزل.
وأفادت وكالات أنباء إيرانية بأن مقر هنية استهدف بقذيفة من الجو. وأضافت: «يتم إجراء المزيد من التحقيقات لمعرفة ملابسات هذه العملية الإرهابية، مثل الموقع الذي أطلقت منه القذيفة».
وبحسب ما ذكر الحرس الثوري الإيراني في بيان، فإن هنية قُتل مع أحد حراسه الشخصيين ويدعى «وسيم أبو شعبان»، أثناء نومهما، وهو ما أكدته وكالة الأنباء الإيرانية.
وأفادت مصادر إسرائيلية بأن عملية الاغتيال تمت عبر صاروخ أطلق من غواصة. الصحفي الإسرائيلي يوني بن مناحم قال في تدوينة عبر منصة «إكس»: إن «الصاروخ الذي قتل إسماعيل هنية في طهران انطلق من غواصة».
من جانبه، توعد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إسرائيل بقوله «بهذا العمل جر النظام الصهيوني المجرم والإرهابي على نفسه أشد العقاب.. ونعتبر من واجبنا الثأر لدماء هنية التي سُفكت على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
وأعلن الحداد ثلاثة أيام على هنية في إيران التي ستنظم موكب جنازة رسميا وعاما له اليوم في طهران، حيث توعد الرئيس بزشكيان بجعل إسرائيل «تندم» على فعلتها.
وكتب بزشكيان على منصة إكس «ستدافع الجمهورية الإسلامية في إيران عن سلامة أراضيها وشرفها وعزتها وكرامتها، وستجعل الغزاة الإرهابيين يندمون على فعلهم الجبان».
والتقى هنية بزشكيان والمرشد الإيراني علي خامنئي خلال زيارته.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية نقلت عن مسؤولين إيرانيين، قولهم: إن «طهران تعقد اجتماعًا طارئًا للمجلس الأعلى للأمن القومي في مقر إقامة المرشد علي خامنئي، وهو أمر يحدث في ظل ظروف استثنائية».
ووفقًا للصحيفة يحضر الاجتماع قائد فيلق القدس إسماعيل قآني الذي يشرف على الفصائل المسلحة للجماعات المتحالفة مع إيران في المنطقة.. وربما سيقرر الاجتماع استراتيجية إيران في الرد على اغتيال هنية في طهران.
وأكدت «القناة 12» الإسرائيلية أن الصاروخ الذي استهدف هنية انطلق من داخل إيران، وذلك خلافا لادعاءات إيران بأن اغتيال هنية تم من خارج البلاد.
وفي وقت سابق، أفادت هيئة البث الإسرائيلية، أمس، بأن هنية قتل بصاروخ من خارج الأراضي الإيرانية، وذلك خلافاً لما أوردته «القناة 12» فيما بعد.
كعادتها، امتنعت إسرائيل عن التعليق على الاغتيال في طهران الذي جاء بعد غارة استهدفت الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت قائداً لحزب الله حملته مسؤولية هجوم صاروخي أسفر السبت عن مقتل 12 فتى وفتاة في بلدة مجدل شمس في هضبة الجولان السورية المحتلة.
وكانت مصادر «العربية» و«الحدث» قد أفادت بأن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طلب من الوزراء عدم الإدلاء بأي تصريحات حول هنية.
وكان هنية، الذي يقيم بشكل أساسي في قطر، هو الوجه الدبلوماسي للحركة الفلسطينية على الساحة الدولية منذ هجوم «طوفان الأقصى» الذي قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر. كما شارك في المفاوضات التي جرت بوساطة دولية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك