كتب: مهدي عبدالله
انتقل إلى رحمة الله قبل بضعة أسابيع الشاعر الشعبي المعروف إسماعيل عبدعلي بعد حياة حافلة بالعطاء والإنتاج الأدبي والفني المتنوع.
ولد الشاعر إسماعيل في قرية جبلة حبشي في عام 1951م ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة جدحفص للبنين. وبسبب ظروفه المعيشية الصعبة، اضطر إلى ترك الدراسة وهو في سن مبكرة وعمل بوزارة الكهرباء والماء لأكثر من 30 عاماً. واستمر في العمل في هذه الوزارة حتى تقاعده.
بدأ يكتب الشعر وهو في سن صغيرة، حيث نظم الشعر الفصيح والعامي والموال والأبوذية. وأصدر خلال مسيرته الأدبية الدواوين التالية:
- شراع الأمل.. مواويل وقصائد عامية.
- دموع الشوق.. قصائد شعبية.
- شموع ودموع.. ديوان فصيح وعامي.
- رحلة ألم.. قصائد عامية.
- نبضات قروية.. مواويل وأبوذيات، ديوان مشترك مع المرحوم الشاعر حبيب منصور.
- شجون.. ديوان شعر فصيح.
- الملح وجراحي.. شعر عامي.
- شهيد الحق.. ديوان فصيح.
- هوا الكوس.. مواويل.
كما كتب ثماني مسرحيات شعرية للكبار والصغار وحصل على جوائز من المؤسسة العامة للشباب والرياضة. كما كتب لوحات غنائية لأكثر من 13 مسرحية للأطفال، وأخرها مسرحية (أم الخير) التي كتبها لوزارة التربية والتعليم وفازت بالجائزة الأولى في مهرجان الشارقة.
ومن بين أعماله التلفزيونية نظمه 15 حلقة عبارة عن مسابقات للأطفال عرضت في شهر رمضان، كما كتب 30 حلقة للأطفال تحت عنوان (علاء الدين) قام بتمثيلها الفنان (مصطفى رشيد).
وقد ركز إسماعيل في الكثير من قصائده على حب الوطن وتغنى بالنخلة في العديد من قصائده، حيث يقول الباحث والمؤرخ الدكتور منصور سرحان في كتابه (النخلة في النتاج الفكري البحريني):
«كتب الشاعر إسماعيل عبدعلي في ديوانه (هوا الكوس) مجموعة من المواويل المخصصة للنخلة، إضافة إلى ذكر النخلة في الكثير من أبيات قصائده الأخرى. وتطغى على مواويله الخاصة بالنخلة مسحة الحزن لما تعانيه النخلة من متاعب يقارنها بما يعانيه هو شخصياً، مبيناً ذلك في قصيدته بعنوان «زمان مضى» ومؤكداً أن من يعيش في هذه الدنيا يتعرض لحلوها ومرها حيث دوام الحال من المحال. لكنه يختم قصيدته أن من يملك وفاء للنخلة فإنها تبادله الوفاء بالوفاء لدرجة أنه عندما يستظل فيها ينسى العذاب والمتاعب».
لا تشتكي يا نخل، حالك مثل حالي
انس زمان مضى، وابق مع الحالي
طعم الحياة لا تظن، طول الأبد حالي
لا بد من عاش، مرمر هالزمن حاله
يسعد ويشقى، من حاله إلى حاله
وين الذي لك وفا، ولجلك شقا حاله؟
بظلالك المر، عنه يستوي حالي
وقد كان إسماعيل أحد الأصدقاء الأعزاء الذين تربطني معهم علاقات وطيدة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، فقد شارك في الأمسية الأولى للشعر الشعبي التي أقامها نادي جدحفص في عام 1990م، إلى جانب الشعراء علي عبدالله خليفة وعبدالرحمن رفيع وحبيب منصور، وكنت حينها رئيسًا للجنة الثقافية بالنادي. وقد لاقت هذه الأمسية نجاحاً كبيراً، كما كنا نلتقي مع بعض باستمرار في منزل صديقنا المشترك الشاعر المرحوم حبيب منصور في حقبة التسعينيات، وكنا نحن الثلاثة نذهب سوياً لحضور الفعاليات التي يقيمها مركز عبد الرحمن كانو الثقافي أسبوعيًا أو حضور الأمسيات الشعرية في الأندية التي كانا يشاركان فيها ومنها نادي الدير ونادي اتحاد الريف وغيرهما من الأندية، وكذلك حضور المناسبات الدينية التي تقيمها المآتم كمواليد الأئمة عليهم السلام وغيرها من المناسبات والمشاركة فيها.
وبعد وفاة الشاعر حبيب منصور المفاجئة في عام 1997م، أقام نادي جدحفص فعالية تأبين ووفاء له في الذكرى الثانية لرحيله وفعالية أخرى في الذكرى العاشرة لها شارك فيهما إسماعيل بقصائد ومواويل حزينة تعبر عن فجيعته بفقدان صديقه الحميم الذي كان ملازما له في السنوات الأخيرة من عمره وأثمر ذلك عن صدور ديوانهما المشترك (نبضات قروية) في عام 1997م.
ونفس الشيء كان ديدن إسماعيل حينما رحل أصدقاؤه الشعراء عبدالله حماد وعبدالله العباد وعبدالعزيز المداوي، فقد رثاهم واحدا تلو الآخر بقصائد تفيض حزنا وتقطر ألمًا.
رحم الله الشاعر إسماعيل عبدعلي وأسكنه فسيح جناته.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك