أكدت البروفيسور دلال الرميحي استشاري الغدد الصماء والسكري بمستشفى عوالي لـ«الخليج الطبي» أن مشكلة السمنة وزيادة الوزن تنتشر بشكل كبير في العصر الحالي. وعلى الرغم من انتشار السمنة بشكل كبير في دول الخليج العربي فإن البحرين تشغل المرتبة الخامسة حاليا. وقد أظهر المسح الصحي الوطني الأخير في مملكة البحرين أن 43% من المواطنين يعانون من السمنة و33% منهم يعانون من زيادة الوزن. بمعنى أن 76% من المواطنين لديهم سمنة أو زيادة وزن وهذا بالفعل يدق ناقوس الخطر لوضع الآليات والبرامج للتخفيف من وطأة انتشار هذه المشكلات الصحية عبر برامج التوعية الهادفة منذ الصغر على تحسين نمط وأساليب الحياة الصحية للجميع.
صعوبة نزول الوزن:
وأضافت البروفيسور دلال أنه يعتقد الكثيرون في المجتمع من أفراد وعاملين في القطاع الصحي أن أمر نزول الوزن هين جداً ولا يتطلب سوى تقليل الطعام والإكثار من النشاط البدني مما يجعلهم يعتقدون أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة وزيادة الوزن هم من تسببوا في هذا الداء وبالتالي يتسم التعامل معهم «بالوصمة» والتي تجعل الكثيرين منهم يترددون في طلب المساعدة الطبية للتخلص من الوزن الزائد. وللوصمة أبعاد عديدة أكثر من اللوم بالتسبب في الداء وتشمل التمييز الوظيفي والاجتماعي والوصف المزعج من الناحية النفسية والذي يفاقم المشكلة وخصوصاً عند الأطفال والمراهقين والنساء، وبالتالي يجب توضيح أسباب الصعوبة في إنزال الوزن وكذلك الحرص على التعامل اللطيف والاحترافي مع هذه المشكلة الصحية.
من حيث الأسباب يجب مراجعة فريق طبي مختص للبحث عن المسببات سواء المرضية الهرمونية أو النفسية التي يجب تشخيصها وعلاجها بشكل ناجح قبل البدء بوصف علاجات السمنة. وبالتالي نحرص هنا على أهمية المراجعات الطبية قبل وخلال استخدام إبر التنحيف وعدم استخدامها بدون مراجعة الطبيب المختص.
وهناك نظريات عدة لتفسير صعوبة نزول الوزن، من أهمها ذاكرة الوزن الأعلى في الدماغ، فالدماغ يحبذ الوزن الأعلى الذي يصل إليه الشخص، وما إن يحاول التخفيف من الأطعمة لنزول الوزن يبدأ الدماغ بإرسال إشارات تحث على الجوع الشديد للتغلب على نزول الوزن ويتلو ذلك تقليل الأيض مما يقلل من حرق السعرات الحرارية، فيظل الشخص عالقاً في دوامة بين نزول وارتفاع الوزن، فبينما لديه الرغبة في النزول والوعي بما يجب أن يتناوله يتفاداه لكنه لا يستطيع السيطرة بنجاح على الشهية المفرطة في الأكل. وهنا يأتي دور التدخل الدوائي لمساعدتهم في نزول الوزن بشكل فعال.
أهداف نزول الوزن:
وشددت على أهمية وضع أهداف منطقية ويمكن تحقيقها في إطار زمني محدد. يعتقد البعض أنه لابد من الوصول الى الوزن المثالي ولكن ذلك صعب المنال في الكثير من الأحيان وينجم عنه الإحباط وبالتالي الإخفاق في نزول الوزن. وقد أظهرت البحوث الطبية أن نزول الوزن بمعدل 5% من الوزن الحالي له فوائد صحية عديدة، مثل تنظيم نسب السكر وتحسين ارتفاع ضغط الدم، بينما النزول بنسبة 5-10% يساهم في الوقاية من داء السكري من النوع الثاني والكبد الدهني وعلاج تكيسات المبايض ويساهم النزول بنسبة 15% في التعافي من السكري من النوع الثاني في بدايات المرض والتقليل من الوفيات القلبية.
كيف تعمل إبر التنحيف؟
هذه الأدوية تم تصميمها أساساً لعلاج داء السكري من النوع الثاني. وعلى خلاف الكثير من أدوية السكري التي لا تؤثر على الوزن أو تزيد من الوزن وجد الأطباء أن هذه الأدوية لها تأثير حسن على إنقاص الوزن، ومن ثم تم عمل البحوث والدراسات الطبية عليها لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة دون الإصابة بالسكري وثبت مأمونية وسلامة هذه الأدوية وأنها لا تخفض السكر لديهم أو تعرضهم للسكري بينما تساعدهم بشكل فعال في إنقاص الشهية، وتعمل هذه الإبر عن طريق تقليل الشهية في الدماغ وإبطاء حركة المعدة والتأثير على الجهاز الهضمي مثل (ساكسندا وأوزمبك وويجوفي ومونجارو) وكذلك تعمل إبر مونجارو على رفع الأيض مما يزيد من حرق الدهون في الجسم، ويعمل الباحثون حاليا على عقاقير جديدة تحافظ على كتلة العضل في الجسم عن طريق التحكم بهرمونات إضافية.
من الأشخاص الذين تصلح لهم الإبر ومتى نتجنبها؟
تصلح الإبر للأشخاص الذين تكون لديهم كتلة وزن الجسم أكثر من 30 كجم/م2 أو الذين لديهم كتلة وزن الجسم أكثر من 27 كجم/م2 ولكنهم مصابون بأمراض مزمنة أخرى، مثل السكري أو الضغط أو الاختناق أثناء النوم وغيرها من الأمراض التي تتحسن بشكل كبير بخفض زيادة الوزن. وذلك طبعاً بعد استثناء وجود أسباب هرمونية ثانوية يجب معالجتها قبل استخدام ابر التنحيف، مثل فرط إنتاج هرمون الكورتيزول أو الخمول في الغدة الدرقية على سبيل المثال لا الحصر.
ونتجنب استخدام هذه الإبر لدى الأشخاص الذين لديهم حساسية من هذه الأدوية أو المصابين بخزل المعدة (أي كسلها) أو الذين لديهم تاريخ شخصي أو عائلي من أورام محددة ونادرة في الغدة الدرقية (medullay thyroid cancer) أو مجموعة الأورام الصماوية المتعددة 2.
الأعراض الجانبية وطرق تفاديها:
أغلب الأعراض الجانبية تحدث في الجهاز الهضمي بسبب التأثير الهرموني لهذه الأدوية، فيشعر البعض وليس الكل بالغثيان وأحيانا القيء أو الارتجاع أو الغازات أو الاسهال أو الإمساك، وكلها تكون مؤقتة ويسهل التعامل معها بتخفيف الجرعات أو التعديل في الأطعمة أو الأدوية التلطيفية التي تخفف من حدة الأعراض. ويتكيف الجسم مع هذه الإبر تدريجيا وبالتالي تخف هذه الأعراض بشكل كبير مع استمرارية الاستخدام.
ومن الآثار غير المحببة للنزول السريع في الوزن تساقط الشعر الذي يمكن تفاديه بأخذ المكملات الغذائية اللازمة بشكل استباقي والترهلات في الوجه والجسد والتي نتجنبها بالتدرج ببطء في إنزال الوزن والحرص على أهمية التمارين الرياضية التي تشمل تمارين المقاومة وتناول كمية جيدة من البروتين في كل الوجبات لكي نصل الى خسارة الدهون من دون خسارة في العضل.
ما الذي يحتاج إليه الشخص غير استخدام ابر التنحيف؟
بالإضافة إلى إبر التنحيف لابد من وضع خطة متكاملة لإنقاص الوزن تشمل التغذية الصحية والتروية بالماء بشكل وافٍ والتمارين الرياضية بنوعيها (القلبية الهوائية والمقاومة) والتشديد على أهمية النوم بين 7-9 ساعات بجودة عالية والتعامل مع الضغوط الحياتية بشكل فعال. فكل هذه المقومات تساهم في النجاح في إنقاص الوزن والمهم تبنيها باستمرار للحفاظ على استدامة الصحة بشكل عام وتفادي العودة الى العادات التي تزيد من الوزن بسرعة، كذلك يحتاج الأشخاص الذين يسعون لنزول الوزن إلى التشجيع من الفريق الطبي والمحيطين بهم لشحذ الهمة والحث على الاستمرار في الوصول الى الأهداف المرجوة. فهي بالفعل رحلة صحية شاملة للتغيير من أجل الوصول إلى رفاهية الصحة المثلى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك