عبدالله حجي: الغرب فرضوا علينا أن نتحدث مثلهم ونلبس ونفكر مثلهم
الحكومات غير ملومة لأنها وضعت قوانين صارمة أما «السنع» فيأتي من التربية
يزخر إعلامنا العربي بالكثير من البرامج والحوارات النقاشية التي باتت تملأ الساحات الإعلامية بشكل كبير، منذ أيام وصلني رابط قناة يوتيوب لقناة (حكاية) بعنوان حلقة خاصة: كيف يدمر الإعلام المجتمع؟ في هذه الحلقة الخاصة والتي كانت جلسة نقاشية وحوارية بين عبدالله حجي مؤسس حكاية ويوسف أحمد الشريك في المنصة والشركة، حول العوامل التي تدفعنا لإنتاج محتوى على وسائل التواصل وماهي جوانب وعوامل الضعف والقصور في مجتمعاتنا وفينا كأفراد، بداية طرح عبدالله نظرية أننا نعاني من استعمار إعلامي وأننا نشارك في نشر ثقافة التفاهة دون أن نعلم بذلك ويتفق معه يوسف في بعض الجوانب كما يركز يوسف كل التركيز على الهوية الثقافية التي اتفق عليها الإعلاميان وعلى ضرورة المحافظة عليها من الاستعمار الغربي الذي بات يقتحم بيوتنا وحياتنا بشكل رهيب.
بداية استهل عبدالله حجي الجلسة النقاشية بقول: نحن اليوم نعيش (الدعاية) السياسية دون أن نشعر لأننا نلبس كالغرب ونتحدث ونفكر مثلهم، فمسألة التخصصات الدراسية جاءت من الحضارات الغربية ففي السابق كانت سير العلماء زاخرة بكل شيء فعلما الطب نراهم يعملون بالفلك والطب والفقه والدين هذا بالإضافة لأعماله الأخرى والتي تكون مصدر رزقه. أما الآن فقد فرض علينا التفكير الغربي الحديث مسألة التخصصات وأن يقضي الفرد منا حياته بدراسة تخصص معين للعمل به. هل الإعلام هو من يقود الدولة أم الدولة هي من تقود الإعلام؟ وقال يوسف أحد بأن الغرب يستخدمون قنوات الميديا لوضع أفكارهم التي يودون زرعها في المجتمعات من خلال توسيع نطاق نشرها من خلال تداولها ونحن كأفراد كيف نستطيع استخدام مثل هذه المواقع لمصلحتنا كمجتمع مكوّن من أفراد، أكثر مما يفيد توجهّات الغرب وأجنداتهم وسياساتهم وغيرها من الأمور؟.
وواصل يوسف حديثه بأن موضوع وسائل الإعلام موضوع شائك جدا ومعقّد فالدائرة مفتوحة وبإمكان أي عدد من الأشخاص يمتلكون بعض الأفكار لبثها في المجتمع، تكوين مجموعات وذلك يكون بدعم من المجتمع المُتلقي لتلك الأفكار للأسف ومن هنا تبدأ عملية السيطرة على العقول والتحكم فيها من خلال وضع الأفكار المُراد نشرها.
وأكد بأنه يجب استثمار المواد الإعلامية التي نمتلكها لمصلحة ديننا ووطننا وهنا لا مجال للحياد فيه، فبقاء الوطن يعني بقاء المواطن وكما نرى فهناك الكثير من الدول التي فُقدت فيها الأوطان لذا يجب علينا التركيز وبشدة على كل مانقوم بنشره.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، من المُساهم في نشر من لا هدف له؟
واصل يوسف حديثه بقول: نحن كمجتمعات نرى أن الكثير من مشاهير التيك توك لايمتلكون رسائل هادفة ويكتسبون أموالاً من خلال ما يعرضونه عبر تلك المنصة وقد يكون "زين أو شين" وسنتحدث لاحقا عن الزين بينما الآن نود الحديث عن الشين، فالتيك توكر يقوم بعرض شيء ما للجمهور وللأسف الجمهور المتلقي يساهم بشهرة أولئك ومحتوياتهم التافهة ويشارك المحتوى مع رفاقه ثم بعد انتهاء تلك (البثوث) يبدأ بالسب والتذمر من سلوكياتهم.
وفي السياق ذاته قال الإعلامي عبدالله حجي: في السابق كنا نحتاج لدفع الأموال الطائلة لتأسيس مؤسسة إعلامية، أما اليوم فكل مانحتاجه هو تليفون متصل بالإنترنت، و مساحة الحرية باتت أكثر والتأثير والوصول صار أقوى من ذي قبل ، ثم أنه رغم ظهور العديد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن التيك توك احتل مساحة أكبرولديه قاعدة جماهيرية قوية جدا.
الحرية والتأثير والوصول أكبر.. كيف يمكننا استثمار المنصات؟
وواصل حجي استعراض محاور حلقته النقاشية بقول: دعم صنّاع المحتوى في التيك توك بدأ من الصين، وعند مشاهدة المحتوى المعروض نجد معظم (البثوث) ذات محتوى حقيقي ويتم دعم صنّاعها لضمان استدامة واستمرار المحتوى الهادف.
أما لدينا فللأسف يتم استخدامه بطريقة خاطئة ولكن السؤال المطروح هنا، هل المشكلة في الوسيلة الإعلامية أم أنها تكمن فينا كمجتمع؟
وأضاف قائلا: انا أرى أن المشكلة الحقيقية تكمن في بعض شخصيات المجتمع التي أصيبت بداء حب الشهرة فيخرج الفرد منهم بأي فعل غريب وهو يعلم تماما أنه سيتلقى انتقادات واسعة وأن ظهوره سيحدث جدلا وسيتلقى الشتائم لكنه يستمر لماذا؟ لأنه يعلم أن المجتمع الذي ينتقده هو ذاته من يتابعه ويساهم في زيادة حجم انتشاره.
ثم يتم تسليط الأضواء عليه و يبدأ بفتح "لايڤات" ويدعمه المتابعون بدفع المبالغ فيكبر ويشتهر و"يسمن"..
فيبدأ الأذكياء منهم بفتح مشاريع جانبية ويصبح مسماه رائد أعمال ،، هو ذاته الشخص المُنتقد في البداية والذي شُن الهجوم عليه (صاروا يُصفقون له).
نحن السبب في انتشار هذه النماذج
واستنكر عبدالله حجي حال المشاهدون الذين "ينتقدون" الدراما الخليجية ومسلسلات نتفليكس وينتقدون "العُري والشذوذ" في المسلسلات المعروضة على تلك المنصة، بالقول: الناس تنتقد التعري والشذوذ ولكن لو لاحظنا تقييم الـ ( توب تن) في نتفليكس نرى أن المسلسلات والأفلام المعروضة والتي ينتقدها مجتمعنا هي المتصدرة وهناك بعض الأفلام تحظى بالصدارة لسنوات رغم انحلال القيم فيها إلا أنها تتصدر المنصة وذلك بسبب المجتمع الذي يدعي رفضه لها بينما يكون هو الداعم الحقيقي بسبب اشتراكه ومشاهدته لها.
نحن المسؤولين عن دعم الأشخاص وأصحاب البثوث
وأوضح يوسف أحمد بأن التيك توك أحد تطبيقات مواقع التواصل وبإمكان كل منا أن يستفيد من محتواه الهادف لتعزيز انتشار الرسائل الحقيقية، بينما نرى أن هناك من يدخل ويساهم في دعم أصحاب المحتوى الغير هادف وربما يكتسب الكثير من طباعه وفي النهاية نحن المسؤولين عن دعم الأشخاص وأصحاب البثوث سواء كانت هادفة أم لا.
واستنكر يوسف دعم البعض ومشاركتهم للمحتوى الهابط والغير هادف الذي يستمتعون بمشاهدته ثم ينشرون تغريدات لمطالبة الجهات الرسمية بحظرها مؤكدا بأن ذلك تناقض كبير في شخصيات بعض أفراد المجتمع، مضيفا بأن الشخص السوي بإمكانه بينما بإمكانه هو حظر أصحاب تلك البثوث وعدم دعمهم والمساهمة في شهرتهم.
لا نلوم شخصا ما لأننا أفراد بهذا المجتمع ولومنا للآخرين قد يرفع أو يحط منهم
واتفق الإعلاميان على أننا في البحرين لدينا الكثير من المشاهير وهم في ازدياد مستمر وهذا شيء مميز إذا كان ( يعكس صورة مميزة) فمثلا جميل أن تأتي الشهرة لتعكس هويتنا الوطنية والثقافية والدينية وتعكس الصورة الحقيقية لمجتمعنا في مملكة البحرين وأكد الإعلاميان على أن هؤلاء المشاهير الذين يجب الحرص على بقائهم واستمرارهم وهؤلاء من يستحقون الدعم.
كما أكد الإعلاميان على أن أحد أسباب انتشار المحتويات الهابطة هو الفضول، واستعانا بذلك على ذكر مثال حي لما يحدث فعند قيام البعض بنشر مقطعين في الحساب ذاته أحدهما لمجموعة من الشباب يقومون بتقديم حلقة أو فقرة هادفة ومقطع فيديو عن أحد المقالب فبالطبع سيحظى فيديو المقلب بانتشار واسع ولايكات ومشاركات أكثر، معللين أن سبب ذلك هو الدعم الدائم من المجتمعات للمحتوى الغير هادف مما يتسبب بإحباط الكثير ممن يقومون بصناعة المحتويات الهادفة وقد يكون ذلك سببا في تحوّل أفكار البعض.
ورغم أن ذلك التحول في سياق شخصيات بعض أصحاب المحتويات الهادفة جاء بسبب المجتمع إلأ أن الانتقادات اللاذعة تطاله ويُشار له بأنه كان صاحب مُثل عليا وقيم وكان وكان..
السؤال هنا من المسؤول؟ الإعلام أم المجتمع؟
أكد عبدالله حجي أن الرقابة الذاتية أهم قيمة أخلاقية يجب علينا اتباعها مع أنفسنا لندرك الخطأ من الصواب وانتقد بعض مؤثري التنمية الذاتية الذين يُطالبون البشر بتلبية كل رغباتهم، ويدعمونهم بمغناطيس كلماتهم ودعمهم "أنت الأفضل، أنت الأجمل، أنت الأقوى" وقال:
الإنسان بطبيعته لا يشبع من اللذات وإذا انغمس بملذاته مستمتعا سيتمادى كثيرًا ويصبح سطحيًا منعدم الثقافة والتركيز.
كما انتقد بعض الموظفين الذين لايمتلكون رقابة ذاتية على أنفسهم فإذا كان لديهم مسؤول " لا يلح على البصمة" والحضور والانصراف فإن الموظف الذي لا يمتلك رقابة ذاتية على نفسه سيتمادى أكثر فأكثر.. كل ذلك يندرج تحت مبدأ الرقابة الذاتية فحتى على سبيل المشاهير يضمن الفرد منا أن هاتفه ملكه فقط فيتابع من يريد وبينه وبين أفراد المجتمع ينتقد ويتذمر ويصفهم بالتافهين وينسى أن متابعته لهم تساهم بانتشارهم.
وأكد عبدالله حجي أن هناك ذباب إلكتروني يسعى لتشويه صورة بعض أصحاب المحتويات الهادفة من خلال (تصيّد) الزلات على كل إنسان ناجح ومؤثر بشكل إيجابي.
وفي السياق ذاته قال يوسف أحمد: أن هناك من (لايعجبه العجب ولا الصيام في رجب)، فالذباب الالكتروني يسعى لتدمير كل صورة ناجحة خصوصا أولئك الذين يدركون أنهم مخطئون أو أن شهرتهم جاءت من عبث، هؤلاء يرسلون ذبابهم الإلكتروني لقتل الصورة الجميلة لكل إنسان مجتهد ومحافظ على هويته الوطنية. ولاننسى أن هناك أيضا بعض المشاهير الذين قاوموا رغم كل الظروف التي أحاطت بهم ولازالوا لا يقدمون إلا المحتوى الهادف والأعمال الهادفة.
لوم الناس للحكومات والتشريعات
واتفق الإعلاميان على أن التربية الحقيقية تأتي من المنزل والأبوين لأن الدولة توفر الأساسيات والدولة تضع القوانين الصارمة لكن قانون "السنع" هذا واجب كل أب وأم لتربية أبنائهم كما يجب علينا تربية أنفسنا على تجاهل المحتويات التافهة وأصحاب تلك المحتويات ليبدأ صيتها بالتلاشي تدريجيا مع مرور الوقت.
وأكدا على أننا صرنا نعاني من قلة التواصل الحقيقي بين الأهل والأصدقاء بسبب إدمان مواقع التواصل كما أن التربية تأثرت كثيرًا لدرجة أن بعض الأبناء لايعرفون ماهي مصطلحات الرد والتوجيب في المناسبات والردود الأساسية، وذلك بسبب إدمان الأجهزة فالطفل صار يستمد أفكاره وثقافته من الجهاز والتطبيقات.
ويرى يوسف أحمد أن "الفولو" واللايك مسؤلية كبيرة لأنها تحمّل من يقوم بها مسؤلية المساهمة في شهرة من لايستحق الشهرة فيرتفع رصيد أولئك الأشخاص.
وقال عبدالله: ازداد الباطل والسلبية في مجتمعاتنا يجعل أهل الباطل يظنون أنهم على صواب، مستندا بذلك على قصة نبي الله لوط عليه السلام فقال:
لدينا في قصة لوط عليه السلام حكمة لما يحدث الآن فأهل الباطل يظنون أن الكثرة والجماعة تغلب القلة، وجاء ذلك في سورة الأعراف قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) سورة الأعراف
هل كل من تخرج من الإعلام
إعلامي حقيقي؟
ناقش يوسف أحمد حال بعض من تخرجوا وحملوا شهادات في الإعلام قائلا: لدينا الكثير من خريجو الإعلام ولكن في الواقع هل جميعهم مؤهلون لامتلاك هذه الشهادة؟
معللا ذلك بأن البعض ليست لديه أي خلفية عن الإعلام وليست لديه الثقافة الحقيقية ليستطيع تمثيل إعلام وطنه إعلاما حقيقيا محافظا من خلاله على هويته الوطنية،
مضيفا بأنه لدينا الكثير من خريجو الإعلام يمتلكون الشهادات لكنهم عبئًا على التخصص لا يستطيعون إدارة حوار ولا ارتجال بالكلام ولا حتى إدارة مواقف.
وقال لعبدالله حجي أثناء الحلقة النقاشية: دائما ما كنت أنصح بفلترة الأشخاص الذين يدرسون بعض التخصصات وأهم وأبرز هذه التخصصات هو (الإعلام)، فهو قيادة التوجه والفكر والأسلوب.. الإعلام يقود لارتقاء وسقوط الدول فكيف تطأ أقدام البعض هذا التخصص المهم دون دراية كافية بالإعلام؟؟
وأكد يوسف أحمد أن عددا كبيرا من الإعلاميين قد يصل لنصف أو ربع العدد هم في الحقيقة عبء ومشكلة ووجودهم يقلل من قيمة الإعلام وبلدانهم التي ينتمون لها ، لأن الإعلامي لايمثل نفسه بل يمثل بلده ومجتمعه والمؤسسة الإعلامية التي ينتمي لها.
ونصح يوسف بضرورة انتقاء الإعلاميين من المؤهلة لذلك.
إذا كان الجندي يحمي حدود الوطن فالإعلامي الحقيقي يحمي حدود المنزل
واصل عبدالله حجي مناقشته قائلا: عندما بدأنا فكرة حكاية في 2020 كانت الفكرة أن نصنع محتوى إعلامي ذو أثر ممتع وترفيهي ويقدم قيمة حقيقية للمشاهد والمستمع ولكن كنت دائما أتلقى سؤالا من المقربين وبعض الأصدقاء أيضا وهو: ما فائدة ما تقدمونه؟
فأجيبهم: واجبي مثلكم تماما فأنتم تقومون بحماية حدود الدولة عسكريًا وأنا من خلال هذا (البودكاست) أقوم بحماية منزلك وأطفالك، فأنا موجود بمنزل كل منزل من منازلكم كوني أعمل بمجال الإعلام وواجبي نشر إعلام هادف.
مالذي نحتاجه للوصول لإعلام حقيقي؟
اتفق الإعلاميان على أن الإيمان بالفكرة والمحتوى دون انتظار مردود مادي هو بداية الوصول لإعلام هادف، فالنتيجة الحقيقية هي الوعي بوجود إعلام ، وأكدا بأن البعض يرى الكاميرا مجرد آلة تصوير، لكن الواقع أن الكاميرا جهاز مهم وخطير بالوقت ذاته فهي سلاح ذو حدين مثلها مثل أي سلاح آخر.
واتفقا على أنه لدينا في البحرين وخارج البحرين نماذج نفخر بهم، وفي البحرين خصوصا لدينا شباب مبدعين بكل المجالات.
فقال عبدالله: لازال هناك أشخاص غير ماديين في زمن طغت فيه الماديات نرى أشخاص يعملون دون مقابل وهدفهم، نشر رسائل معينة وكلنا صاحب فكر ورسالة وكل إنسان بإمكانه توصيل رسالة هادفة من مقره ومكانه.
ويتفق معه يوسف الذي أكد أنه يجب علينا أن نعمل لتحقيق أهدافنا ورسائلنا دون السؤال عن الماديات مادمنا نثق أن هناك رسالة نسعى لنشرها، فكل ذلك يصب في مصلحة الأفراد والوطن أما الماديات فحتما ستأتي ولو بعد حين، أما الآن فالعمل ثم العمل على الملف الشخصي والسعي لتحقيق الرسالة المرجوة.
ارتباط الإعلام بالهوية البحرينية
ويتفق الإعلاميان على مبدأ أن الإعلام يساوي الهوية وإننا مسؤولون دومًا أن نعكس هذا الفكر من خلال توجيه رسائل مباشرة ومبطنة للحث على المحافظة على هويتنا ولغتنا العربية وأسلوبنا وفكرنا.
ويرى عبدالله أننا نعيش الآن في ذروة الرأسمالية والعولمة والانفتاح الكلي ولتسهيل انتشار العولمة يسعى الغرب لقتل ثقافات الشعوب فيتم صناعة منتجات إعلامية وغذائية ودوائية، سينمائية ملابس، أغاني جميعها بشكل موحّد، ويسعى مؤسسوها لنشر ثقافات معينة وعادات معينة في جميع المجتمعات وإدخالها بشتى الطرق لتلهي المجتمعات والشعوب عن ثقافاتهم وعاداتهم الأصيلة من خلال الترويج لثقافة العولمة الموحدة فيبدأ أفراد المجتمعات بسلخ جلدهم الحقيقي واتباع الأنماط السائدة والمنتشرة.
وأضاف عبدالله أن هناك بعض الأطفال أو الكبار صاروا يستنكرون حديث البعض حين يتحدثون بلغتهم الأساسية أو لهجتهم المحلية وإذا لبس لبسه الذي يعكس هويته أو تناول الأكلات التي تعكس هويته الحقيقية، كل ذلك صار يستنكره البعض.
وأضاف أنه على سبيل "الهبة" قبل بضع سنوات اشتهرت أغنية بعنوان (Despacito) بشكل رهيب جدا في جميع الدول والعواصم العربية والغربية والغريب في الأمر أن الكل صار يستمتع بسماعها من مختلف الثقافات والشعوب والكل يستهلك سماعها بشكل كبير وجميعهم يدفعون لسماعها دون وعي منهم تزداد ثروة صاحب رأس المال وناشر تلك الأغنية وتزداد شعبية المنصات العارضة لتلك الأغنية.
حرقوا ثقافات الشعوب والأذواق مسحوها بمحاولة مسخهم للهوية العربية
وفي السياق ذاته يتفق يوسف مع عبدالله على أن الجهات الرسمية غير ملومة في ذلك فالمسؤولية الحقيقية و الكبرى يتحملها الأهل فواجب الأبوين توعية أبنائهم بنوعية الملابس التي يلبسونها منذ الصغر وتوعيتهم بالصح من الخطأ كـ "هبة" البنطلون "المشقوق" كما يجب تربية الصغار على فسح المجال للمسنين والكبار وإعطائهم الأولوية في المساجد والمجالس والباصات، كما يجب تربية الأبناء على مساعدة المحتاج بالطريق.
واتفق الإعلاميان على أن الإعلام الرسمي يعزز دائما غرس القيم أما الإعلام الثانوي والمتمثل بمواقع السوشيال ميديا والمنصات الغير رسمية والتي يديرها أفراد يحاول بعضهم هدم قيمنا وهويتنا وأكدا بأنه يجب أن نعي لكل ذلك
من خلال إعلامنا اليوم ونسعى لغرس ثقافة هويتنا العربية التي بات الكثير يتجاهلونها بشكل كبير.
وأوضح الإعلاميان أن الهدف الأساسي من هذا البودكاست هو توضيح قيمة الإعلام وسلاح الإعلام ومدى تأثيره على مجتمعاتنا العربية والمحلية. وإيضاح مدى تأثير كل تصرف وأثره في بناء أو هدم المجتمعات.
واختتم الإعلاميان عبدالله حجي ويوسف أحمد مناقشتهما بالتأكيد على ضرورة السعي لبناء أنفسنا وتأسيسها لنكون قادرين على بناء وتأسيس إعلام هادف يخدم وطننا وهويتنا الثقافية. وتعقيبا على الحلقة النقاشية قال عبدالله حجي لـ"عالم الشهرة": نحن كمجتمع مسؤولين عن صناعة المشهور!، اليوم وفي عصر وسائل التواصل أصبح ظهور وتفوق المشهور مرتبط بمتابعتنا له كمجتمع، لذلك لا تنتقد ظهور المشهور السطحي “والتافه" وأنت من تابعته وصنعته، اجعل انتقادك من خلال انتقائك لمتابعاتك وانتقاء المشهور الصحيح الذي يمثلك! أما يوسف أحمد فقال لـ"عالم الشهرة": هناك دور لكل فرد في المجتمع لانعكاس ديننا وهويتنا وعاداتنا وتقاليدنا ولابد أن نعمل جاهدين لنكون المرآة الصحيحة والواقعية عن بلدنا وهناك مسؤولية كبيرة بين أيدينا ويد كل وسيلة إعلامية لنكون خط الدفاع الأول للحفاظ على ديننا و وطننا، ودائما سيدي جلالة الملك المعظم ، يوصينا بالحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا و هويتنا العربية القوية التي كانت وستبقى بإذن الله فخر واعتزاز . ونوه يوسف أحمد بأن " كل شخص يشكل فارق كبير في تطور ونهضة الأوطان ولابد عند ظهورنا في أي وسيلة من وسائل الإعلام أن نضع نصب أعيننا أمرين مهمين و هما دينا و وطننا فالحروب اليوم لا تأتي إلا من تدمير الهوية الوطنية لذلك هويتنا وفكرنا بين أيدينا و بإمكاننا إما المحافظة عليها دوما أو لا سمح الله الانسلاخ منها."
في ظل انتشار الكثير من البرامج السطحية ، يشرق اليوم إعلاميان، يُعدان نموذجًا يُحتذى به في صناعة المحتوى الإعلامي الرصين والهادف لقدرتهما على معالجة القضايا بعيدا عن السطحية والإثارة الفارغة. مما يُسهم في تنوير الجمهور وتعزيز الوعي المجتمعي. ليس ذلك فحسب، بل إن [بودكاست مُعتدل] يُساهم في تعزيز الحوار البّناء و يُعد نموذجًا متميزًا في مشهد الإعلام العربي، مؤسسًا لتقاليد جديدة في صناعة المحتوى الإعلامي الرصين والمؤثر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك