يقول الفيلسوف اليوناني الشهير سقراط: «الحياة ليست بحثا عن الذات.. لكنها رحلة لصنع الذات.. اخلق من نفسك شيئا يصعب تقليده»!
هذا بالفعل ما آمنت به هذه الفتاة، التي ترى أن المفتاح الأول للنجاح هو عدم الاستسلام، والإصرار، والإيمان بالقدرات، والسعي الدائم نحو التميز والتفرد، تلك هي الخطوات الأولى لتصبح من اللامعين في سماء الوطن.
فاطمة علي الماجد، أحد مؤسسي هيئة لامع التي تضم نخبة من الشباب البحريني اللامعين، صاحبة باع طويل في العمل الاجتماعي الذي عشقته منذ الطفولة، تم تكريمها من قِبل وزيرة شؤون الشباب لجهودها الاستثنائية التي جعلت منها شخصية لامعة، مبدأها في الحياة هو التعلم المستمر، والاجتهاد لتطوير الذات ومن ثم بلوغ الأهداف، قررت أن تظل تتعلم من الحياة حتى تصل إلى مستوى يليق بها، وأن تتقن ما تفعله، وأن تحرص على صناعة فرص أكثر من تلك التي ضاعت وسط زحمة وظروف الحياة، وألا تقيس نفسها بالآخرين بل مع نفسها، وهنا يصبح الوصول بالنسبة إليها حتميا طالما توافرت لديها الإرادة.
حول هذه التجربة الملهمة كان الحوار التالي:
كيف أثرت نشأتك على مسيرتك؟
كم أنا فخورة بنشأتي وسط أسرة بسيطة، وبتعليمي في مدارسنا الحكومية، وقد تميزت منذ طفولتي بمواهبي المتعددة التي مكنتني من المشاركة في مسابقات المدرسة التي لها علاقة بالكتابة خاصة العمل الصحفي، حيث حصلت على جائزة أفضل قصة قصيرة في الصف الخامس الابتدائي، وقد تخرجت في الثانوية العامة بتفوق، وحصلت على بعثة لدراسة الإعلام بجامعة البحرين، علما أنني كنت رئيس مجلس الطلبة في المرحلة الثانوية، أما حلمي فكان أن أصبح طبيبة في المستقبل، لكني توجهت إلى المسار التجاري لنظرتي الواقعية للأمور، فضلا عن انخراطي في العمل التطوعي في سن مبكرة للغاية.
أهم إنجازاتك التطوعية؟
لقد تطوعت كمعلمة في برنامج إنجاز، وقمت بتقديم عدد من الفعاليات الخاصة بجمعية شجرة الحياة، كما أسهمت في مبادرة نسيم التابعة لجمعية ملتقى الشباب البحريني، التي طرحت عددا من الموضوعات مثل مبادرة «نحترمها» المعنية بالعنف ضد المرأة، ومبادرة «نقطة تحول» الموجهة إلى ذوي الهمم، والتي قدمنا من خلالها الكثير من الخدمات لهذه الفئة، فضلا عن مشاركتي في فريق «شاركنا الابتسامة» التطوعي، كما كان لي مشاركات أخرى أيضا في مهرجان البحرين للسينما، ومهرجان تاء الشباب، ومهرجان صنع بشغف السينمائي، وأكاد أن أجزم هنا أنه مع الوقت اختلف مفهومي عن التطوع، فبعد أن كان ينحصر بالنسبة إلى في مجرد بعض الأعمال الخيرية مثل تقديم الهدايا لأطفال السرطان أو تنظيف الشواطئ وغيرها، وجدته مع الوقت والممارسة أوسع وأشمل من ذلك بكثير.
أول محطة عملية؟
بعد التخرج في الجامعة، بحثت عن فرصة عمل في أي مجال، وذلك لحرصي على عدم البقاء من دون عمل حتى ولو لفترة بسيطة، الأمر الذي جعلني أقبل بوظيفة بسيطة براتب متواضع، فقد تعلمت تحمل المسؤولية في سن مبكرة للغاية، خاصة في ظل محنة مرض والدتي التي صنعت مني إنسانة قوية ومسؤولة، ثم حصلت على وظيفة براتب جيد بشركة لتنظيم الفعاليات، وانتقلت بعدها إلى العمل لدى الجامعة الخليجية كاختصاصي علاقات عامة ثم اختصاصي أول، والآن أحتل منصب رئيس قسم، وقد حصلت على جائزة أفضل موظف مرتين متتالين، ويمكن القول بأنني تحديت نفسي حتى أصل إلى ما وصلت إليه اليوم.
كيف تولدت فكرة هيئة لامع؟
لقد طلب برنامج لامع من الجامعة ترشيح أفضل اثنين من الموظفين البحرينيين بها، وقيل إنه سيتم اختيار 30 شخصا من بين مئات الموظفين في مختلف الجهات، وقد تم قبولي بالبرنامج بعد المرور بعدة اختبارات نظرية وعملية، وأنجزت من خلاله العديد من المشاريع الوطنية ضمن فريق متميز منها تطوير المراكز الشبابية في البحرين، إلى جانب القيام بعمليات البحث عن التصنيفات العالمية ومكانة البحرين في تلك التصنيفات، ومجموعة من المشاريع الأخرى، ثم تولدت فكرة جماعية لتأسيس هيئة باسم لامع تضم خريجي البرنامج، وكنت أحد مؤسسيها، وكان هدفنا ربط اللامعين من شباب المملكة مع بعضهم البعض.
ما أهداف برنامج لامع؟
مشروع برنامج لامع يتكون من قسمين مرتبطين ببعضهما البعض، القسم الأول هو «برنامج لامع» الذي انطلق بتوجيه من شيخ الشباب سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، حيث تم إجراء اختبارات لمئات المرشحين من الشباب للانضمام إليه، كما مر الجميع بمرحلة التحديات التي تتضمن ورشا وبرامج تدريبية وكذلك العمل على عدد من المشاريع الوطنية، أما القسم الثاني فهو إنشاء «هيئة لامع» التي كان لي الشرف أن أكون أحد مؤسسيها، والتي تضم نخبة من الشباب البحريني من خريجي برنامج لامع، ومهمتها إطلاق مجموعة برامج مميزة دورية لتطوير اللامعين، وتعزيز روح المجتمع الواحد فيما بينهم، ونخطط حاليا لإطلاق حزمة من البرامج الموجهة إلى الشباب والمجتمع بصفة عامة.
كيف جاءت خطوة تكريمك من وزيرة شؤون الشباب؟
أتوجه بالشكر الجزيل إلى السيدة روان توفيقي وزيرة شؤون الشباب على تكريمي وعلى إيمانها الشديد بخريجي ومنتسبي المشروع الوطني اللامع، وقد جاءت هذه الخطوة التقديرية بناء على الجهود الاستثنائية التي بذلتها من موقعي، والتي تمثل حافزا لي نحو استثمار المزيد من الجهود لتطوير مهاراتي وقدراتي ومن ثم عمل الهيئة لخدمة وطني والمجتمع، وقد تم كذلك تكريم زملائي بسام التتان وفاطمة البستكي وعايشة القعود وسناء معيوف، إلى جانب تكريمي من قِبل سمو الشيخ ناصر بن حمد كواحدة من خريجي المشروع الوطني لامع الذي يمثل لي كل الفخر والاعتزاز، كما لا يفوتني هنا أن أعبر عن امتناني للسيد أيمن توفيق المؤيد الأمين العام للمجلس الأعلى للشباب على دعمه لي وهو من علمني فن القيادة، وكذلك البروفيسور مهند المشهداني رئيس الجامعة الخليجية الذي منحني الكثير من الفرص لتطوير مهاراتي وإثبات ذاتي على الساحة.
في رأيك.. ما مواصفات الشخصية اللامعة؟
الشخصية اللامعة لا بد أن تكون لها أهداف محددة تسعى إلى تحقيقها بهدف خدمة المجتمع ككل، فضلا عن إيمانها التام بقدراتها، واستعدادها للعمل ضمن فريق، ولا شك أن هناك الكثير من الشخصيات الشبابية اللامعة بالبحرين التي بحاجة فقط إلى البحث عن الفرص الموجودة بالفعل، ومن هنا ينبغي تأكيد أهمية المواصلة وطرق كل الأبواب وعدم الاكتفاء بمجرد الحصول على الوظيفة، فالقمة تتسع للجميع، كما أن المنافسة تكون مع النفس، فليس هناك طريق سهل، ولا بد من السعي الذي هو أساس النجاح، وهذا ما أمرنا به الله سبحانه وتعالى، وإذا كانت الطرق طويلة فهي ليست مستحيلة، وشخصيا أفضل دائما الخيار الصعب وهذا ما تعلمته من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة.
رسالتك للشباب؟
أقول لأي شاب اصنع مسارك الخاص، ولا تستسلم لأي عقبات، واجتهد، ورتب أولوياتك، وحدد أهدافك، وحاسب نفسك عليها، وتذكر أن الوقت الذي يمر لا يعود من جديد، وأن خطواتك الصغيرة اليوم هي أساس إنجازك الكبير غدا.
كيف تواجهين لحظات الإحباط؟
مما لا شك فيه أن كل إنسان يمر بمراحل صعبة، قد يشعر خلالها بنوع من الإحباط أو اليأس أو التعب، وخاصة في ظل ضغوطات الحياة والعمل القاسية والمتشعبة اليوم، ولكن الرغبة في تحقيق الأهداف، والشعور بالمسؤولية هو ما يدفع أي شخص إلى المواصلة بكل قوة وعدم الاستسلام لأي عثرات أو عقبات أو التوقف عندها، وهذا هو مفتاح النجاح.
حلمك القادم؟
أركز في الفترة القادمة على تقديم إنجاز فريد لوطني في مجال الإعلام، وكذلك على صعيد العمل التطوعي، وذلك انطلاقا من قناعتي بأن الإعلامي الناجح يجب أن يكون مبدعا ويحمل رؤية محددة، فالفكرة هي أصل كل شيء، والواقع يقول إن الإعلام اليوم متشابه، وبحاجة إلى التميز والاختلاف، فضلا عن التخطيط لتحقيق حلم الحصول على رسالة الماجستير في المستقبل القريب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك